الرئيسيةمقالات

ما أفضل أن يخرس المرء عن ذكر الحقيقة إن لم ينطقها بلطف “:الفلسفة الهندية: مقدمة قصيرة جدا (أ.د. حنا عيسى)

“بما أنني رميت سيفي فإنّ كأس الحب هو كل ما أستطيع أن أهديه لمن يتعرض لي”
“حب الرجل للأنثى فطرة، ولكن حمايتها والحفاظ عليها رجولة”
“لم أكن أرغب بتعلم الشطرنج لأني لم أكن أريد أن أقتل جيشي كي يحيا الملك!!!”
“قال حكماء الهند من أراد النجاح عليه أن يتغلب على أسس الفشل الستة: 1- النوم 2- التراخي3- الخوف4- الغضب5- الكسل 6- المماطلة”.
نظرا للأهمية التاريخية التي تحتلها الهند منذ معالم الحياة الدولية في العصور القديمة ومرورا بالعصور الوسطى وانتهاء بالعصر الحاضر نجدها تحتل مكانة مرموقة ومميزة في المجتمع الدولي على اختلاف الاصعدة. فالهند دولة تقع في الجنوب من قارة اسيا وتبلغ مساحتها (3،287،000) مليون كم2 وتعداد سكانها يزيد عن مليار وثلاثمائة وأربعين مليون نسمة، وحصلت على استقلالها من بريطانيا عام 1947 م.
ان الفلسفة الهندية كفكر الهند الفلسفي، تاريخه يصل الى حوالي ثلاثة آلاف سنة وقد مرت الفلسفة الهندية بثلاث مراحل:
– المرحلة القديمة، بداية الالف الاول قبل الميلاد (القرون الميلادية الاولى).
– المرحلة القروسطية (القرون الوسطى، الباكرة – حتى القرون 10 – 12 والقرون الوسطى المتأخرة – حتى القرنين 17 – 18).
– المرحلة الحديثة (بما في ذلك العصر الحاضر).
في المرحلة الاولى كان الفكر الفلسفي ينفصل تدريجيا عن التصورات الاسطورية، المثبتة في أقدم الاثار الادبية البشرية – في الفيدا (ديانة الفيدا)، قد تجلت هذه العملية على أشدها في الشروح على اناشيد الفيدا، في الاوبانيشادا (القرون 7 – 3ق.م) فتعبق الاوبانيشادا بنزعة نحو التفسير الواحدي للواقع، نحو التفتيش عن علة الوجود، التي توحد بين الاشياء المتغيرة، وتشكل اساسها العام. وفي معظم الحالات كانت هذه العلة تصور مبدا روحياً – البراهمان او الائتمان، اللذين كان يطابق عادة بينهما وبين النفس البشرية. ولكن الى جانب هذه الاراء تذكر الاوبانيشادا مذاهب، ترى أصل الوجود في مبادئ مادية مختلفة = الحياة (النفس)، العناصر الطبيعية (الهواء، النار، التراب، وأحيانا الاثير) المكان، الزمان.. الخ.
وثمة آراء، تحل البراهمان (الاتمان) نفسه في العالم، تطابق بينهما، فتقترب من البانتيئية (وحدة الوجود). وتعرض الاوبانيشادا لمشكلات فلسفية اخرى = بنية العالم، والقانون المسير له (ريتا، دهارما) ومصادر المعرفة واشكالها (الاحاسيس)، العقل، النصوص المقدسة..)، والتزامات الانسان الاجتماعية.. الخ. وفي اطارها صيغت عدد من النظريات التي ستنهل منها كافة المذاهب الفلسفية والدينية اللاحقة تقريبا = في تناسخ الارواح وفقا لإعمالها السالفة، وفي مراحل الحياة وطبيعتها، وفي سبيل تنقية الوعي من كل مضمون تجريبي ملموس (اليوغا)، وغيرها. ان الاوبانيشادا قد رسخت الكثير من ملامح الفلسفة الهندية القديمة والقروسطية. وتعتبر الادبيات المعاصرة ان الحقبة الكلاسيكية في الفلسفة الهندية هي القرون الوسطى الباكرة. ففي هذه المرحلة تطورت عدة مدارس فلسفية – النيابا، وفايشيشيكا، والسانخيا، واليوغا، والميمانا، والفيدانتا، والتشارفاكا او اللوكاياتا وفلسفة الجاينيه والبوذية. وقد ركزت كل من هذه المدارس على مشكلة فلسفية معينة. ففي صلب المذهب التشارفاكا (اللوكاياتا) يقوم القول بالعناصر المادية مبادئ للوجود، والنزعة الحسية في نظرية المعرفة، والهيدونية (مذهب اللذة) في الاخلاق.
وعنيت الجاينيه بإثبات ان العالم العضوي حي كله، وبمبدئي نبذ العنف والنسبوية. وأكدت كافة المدارس البوذية على طبيعة الوجود المتغيرة ابدا، حتى ووصل بعض انصارها الى حد تصوير الواقع وهما وسرابا، كما واهتمت بقضايا المنطق ونظرية المعرفة. اما محور فلسفة الفايشيشيكا فكان المذهب الذري.
وانطلاقا من هذا المذهب راحت النيايا تشتغل بمشكلات المنطق ونظرية المعرفة. وركزت السانخيا على القول بتطور العالم. ووجهت اليوغا جل اهتمامها لسبل تحكم الانسان بنشاطه النفسي، وذلك بهدف الوصول الى حالة (الانعتاق)، التخلص من قيود العالم الموضوعي.
ووضعت الميمانا نصب عينيها مهمة التأويل الفلسفي لطقوس ديانة الفيدا وشعائرها واشتهرت الفيدانتا بكونها أكثر المذاهب المثالية الموضوعية تطورا، وبقولها بالبرهمان واقعا حقا وحيدا.
ان كافة المدارس الفلسفية الهندية تقريبا تقول بالعقائد الدينية. وفي القرون الوسطى المتأخرة انتابت الفكر الفلسفي بالهند حالة من الجمود والانحطاط. وتعززت تبعيته للدين. وفي الوقت نفسه شهدت البلاد حركة البهاكتي (حرفيا – التسليم للإله، الحب الالهي). الجماهيرية، التي كانت موجهة برغم شكلها الديني، ضد الارثوذكسية الهندوسية والإسلام الذي بدا بالانتشار هنا. وعلى تخوم القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ظهرت حركة التنوير الهندية التي نمت على ارضيتها مذاهب، ساعدت على تطور حركة التحرر الوطني ضد الاستعمار البريطاني في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الاول من القرن العشرين (طاغور، غاندي، نهرو وغيرهم). وفي هذه الفترة تشكل مذهب كهوش، الذي عمل من خلال الجمع بين افكار مفكري الشرق والغرب، على رسم طريق (ثالث) في الفلسفة، وذلك في صورة (الفيدانتا التكاملية).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق