
فمجرد ان يقوم 73 نائبًا برفع ايديهم تأييدا للإقصاء.. مؤشر على الفاشية المستشرية..
رغم فشل الكنيست الإسرائيلي في إقصاء النائب أيمن عودة، بفارق عدم بلوغ النصاب المطلوب (90 صوتًا).
بتثويت 73 نائبًا لصالح القرار، يحمل دلالات عميقة على مستوى توجهات المجتمع الإسرائيلي.
أن رفع هذا العدد من النواب أيديهم لإقصاء نائب عربي هو تعبير واضح عن مدى تغلغل الفكر الفاشي واليميني المتطرف داخل المجتمع الإسرائيلي، الذي ما زال ينظر للفلسطينيين كخطر ديموغرافي متوسط وطويل المدى، ويحرص على إضعاف مساهمتهم السياسية وتجريدهم من حقهم الطبيعي في التأثير.
حسابات ائتلافية ومعارضة تكشف هشاشة الحكم..
ولعل ما جرى هو التجلي الاكثر وضوحا للمؤسسة الاسرائيلية نحو الكون الفلسطيني في الداخل الاسرائيلي، ويعتمد على ضلعين مركزيين؛ الاول تشجيع تفشي الجريمة في المجتمع الفلسطيني، والثاني نزع الشرعية في التأثير والتمثيل السياسي. وبذلك يتم تفكيك المجتمع الفلسطيني وتدميرة في الداخل.
أما الدلالة الثانية لفشل الاقصاء فتكمن في خريطة التصويت، إذ لم يعارض الإقصاء إلا 15 نائبًا، تسعة منهم عربا، وستة فقط من أصل 110 نواب يهود رفضوا مبدئيًا فكرة الإقصاء.
هذا يكشف أن ألغالبية من نواب المعارضة اختاروا الامتناع أو الغياب، نتيجة خلافات داخلية وحسابات معقدة، ومن أبرز الأسباب امتناع كتلة “يهودوت هتوراة” عن التصويت بسبب خلافات حول قانون تجنيد الحريديم، إضافة إلى تردد بعض قوى المعارضة التي رأت أن الإقدام على إقصاء نائب عربي اليوم قد يمهد لانقلاب أخطر لاحقًا على القضاء والديمقراطية الإسرائيلية نفسها، ويقيد المشاركة العربية مستقبلاً في أي عملية انتخابية قد تُسقط الحكومة اليمينية الحالية، علاوة إلى إمكانية وصول الإقصاء إلى نواب يهود من المعارضة.
الفلسطينيون أمام معركة وجودية جديدة..
فإن هذه التطورات فتحت أعين المجتمع الفلسطيني في الداخل على أن معركتهم لم تعد سياسية فقط، بل وجودية بكل أبعادها: ديموغرافية، واقتصادية، وسياسية، وإنسانية.
ولذلك بات ضروريًا إعادة النظر في شكل المشاركة السياسية وإعادة ترتيب الصفوف، وصولًا لتوحيد القوائم العربية في الانتخابات القادمة لتعزيز الحضور البرلماني، الذي قد يصل إلى 15 أو 17 نائبًا، بما يجبر المؤسسة الحاكمة الإسرائيلية على احترام الصوت العربي وأخذه بعين الاعتبار.
إن ربط الاحتجاجات من اجل الديمقراطية وضد الانقلاب على المنظومة، هذه المرة بمعركة المكون الفلسطيني من أجل المساواة القومية وحق التأثير وللمشاركة السياسية الكامله.
إن تجربة محاولة إقصاء النائب عودة أوضحت لفلسطينيي الداخل أن الاحتجاجات ضد الانقلاب على المنظومة القضائية ليست “قضية يهودية” فقط، بل هي شأن عربي أيضًا. فقد أثبتت هذه الأزمة أن الحفاظ على أي هامش ديمقراطي مرتبط بشكل وثيق بالمعركة الكبرى من أجل المساواة والحقوق واهاء الاحتلال. ومن هنا، على المجتمع العربي المشاركة بفعالية في الاحتجاجات الكبرى التي يمكن أن تضعف أو تُسقط الحكومة الإسرائيلية الفاشية.
*رسالة للمجتمع الليبرالي: لا تغيير بدون العرب..
المجتمع الليبرالي داخل إسرائيل بات يدرك اليوم أن استهداف النواب العرب لن يتوقف عند النائب عودة، بل قد يمتد إلى شخصيات يهودية معارضة لاحقًا، مثل يائير جولان أو يائير لابيد، وصولًا إلى المستشارة القضائية والمحاكم وسلطة البث وغيرها. لذلك، فتبرز الحاجة لبناء شراكة حقيقية مع الصوت العربي وتقدير دوره في أي تغيير سياسي بات ضرورة ملحة لإسقاط الحكومة اليمينية المتطرفة وحماية ما تبقى من ديمقراطية شكلية داخل إسرائيل.
فلن يكون تغييرا لليمين الفاشي المتوخش في اسرائيل بدون العرب ، وهذا سيحدث اذا تم انقلابا في عقلية الشرائح اللبرالية نحو الجمهور الفلسطيني حاملي الجنسية الاسرائيلية.وبضرورة الرج العضوي ما بين الديمقراطية وبين المعركة للمساواة وانهاء الاحتلال.
سهيل دياب- الناصرة
د. العلوم السياسية
18.7.2025