مقالات

أولياء عهد البيوت صديق بن صالح فارسي

اولياء عهد البيوت / الجزء الثالث ٠٥/ ١٠
بِسْم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
إخواني وأبنائي وأهل محبتي.
٠٣ / ٠٥/ ١٤٣٧ هـ.

وليّ عهد البيت – الكفشات والصهينات.

كفش يكفش كفشاًً.
كفشته كفشتها. كفشناه كفشناهم.

وصهين يصهين صهينةً.
صهينته صهينتها. صهينّاه صهيبناهم.

كفشته.
يعني تمكنت منه وهو على عمل مشين لا يحب أن يطّلع عليه أحد وهو يعمله.

صهينته.
يعني أعرضت عنه كأني لم أشعر بوجوده ولا بما يقوم به من عمل وكأني لم أسمع أو ارى شيئاً منه.

هذه باللهجة الدارجة هنا في الحجاز وربما كانت في مناطق اخرى بكلمات مختلقة عن هذه الكلمات ولكن الذي يهمنا هنا هو صلب المعنى والسلوك التي تعنيه الكلمات وهو مدى تفاعل الأبناء عامةً ووليّ العهد في البيت مع الأحداث والوقائع والأخطاء والسقطات التي تحصل من أفراد الأسرة صغيرها وكبيرها.

نلاحظ أن الكفشات تكون شديدة في سن الطفولة أذ يغلب على سلوك الأطفال أن يتصيدوا الأخطاء ويحرصوا على تتبعها فيمن حولهم.

وتكاد تنعدم عندهم الصهينة او التغاضي عن أخطاء الآخرين وزلاتهم وهفواتهم.

ومع تقدم العمر واكتساب الخبرات وخصوصاً مع التربية السليمة والتوجيه والوسط الذي يعيشون فيه وتأثيره على تهذيب السلوك العام لهم فإن هذه الظاهرة ( الكفشات والصهينات ) سوف تأخذ وضع عكسي تماماً بحيث تصبح الصهينة لدى كبار السن هي الطابع الغالب لسلوكهم وتقل أو قد تنعدم ظاهرة الكفشات او تتبع وتصيد الأخطاء لدى الغير وذلك لعلمهم أن الحياة بطبيعتها والإنسان بضعفه تجعل أمر الأخطاء والهفوات والزلات من سَنَن الحياة ومظاهر العيش فيها.

ولعل السمة الغالبة على شخصية وليّ عهد البيت وبالذات اذا كان في مقتبل العمر أن يكون حريصاً كل الحرص على ضبط الأمور وتوخي أقصى درجات الحيطة والحذر في التصرفات داخل البيت ومن أفراده.

لدرجة قد تكون الهفوات عنده فيها لا تغتفر والذلات لا تحتمل والأخطاء لها ثمن.
وذلك راجع الى ظروف المسؤولية المبكرة له مع حداثة العمر مالم يكن هناك توجيه وتربية سلوكية جيدة له من الوالدين.

وتزيد الطينة بلة إذا كان السلوك العام السائد في البيت هو مايجعله ( بيت أبو كفشة ).

يعني الكل يتصيد للآخرين الأخطاء ويدقق عليها ويحسبها بدقة متناهية.
سواءً من الأم أوالأب أو من يتبعهم في أفراد العائلة.
فالأم قد أخذت موقف من أختها على ماعملته يوم كذا ومع كذا وفي وقت كذا.
والأب له مثل هذا الخلق وهذا التصرف مع أخيه وأخته.
وعائلة كل واحد يقعد للآخر على الدقة والدقيقة.

هنا قد يكون هذا الشبل من ذاك الأسد وتبقى منظومة البيت غير مستقرة وتنتج عن ذلك الكثير من مظاهر صراع الأجيال.

بحكم تواجد أفراد الأسرة تحت سقف واحد وحول مائدة واحدة.
فهذا كفيل بأن يجعل كل واحد منهم عرضة لكشف أدق تفاصيل حياته وسقطاته وهفواته.
مهما حاول إخفاءها فلابد أن تظهر يوماً ما وتحت أي ظرف أو مناسبة.

لأن من المسلمات بين البشر أن لكل جواد كبوة ولكل كريم هفوة.
لكل إنسان لحظات ضعف قد تغلبه شهوته او عاطفته او حميته او جهالته ويرتكب محظور او يتعرض للممنوعات او يغفل عن شيء من المحظورات.
هناك فرق بين إرتكاب الخطأ وبين ممارسة الخطأ.
هناك فرق بين الهفوة وبين الإصرار.
هناك فرق بين النزوة وبين الإفتخار.

انا لا أعني الممارسة ولا الإصرار ولا الإفتخار بالأخطاء.
أنا أعني الخطأ العابر والهفوة او النزوة.

كم من هفوات ونزوات وأخطاء عابرة تحت تأثيرالضعف البشري حطمت نفوس ودمرت بيوت وهتكت أعراض وفككت أسر وشردت أجيال وقتلت همم وأحبطت نفوس وحدث ولا حرج.

قد يكتشف وليّ عهد البيت او من في حكمه بطريق الصدفة ان كان مؤدباً أو عن طريق التجسس ومتابعة الزلات ان كان جاهلاً او مستخبثاً هفوةً او زلة او خطأ من احد أفراد البيت او قد يصل اليه وضع كهذا ومطلوب منه التصرف والتعامل معه.
ثم لا يعرف او لا يستطيع أن يتعامل معها بالحكمة وبعد النظر والنظر في عواقب الأمور وأبعاد ردات الفعل الغير موفقة وليست محمودة.

فقد يكون الضحية الأب او الأم او الإبن المراهق او الإبنة الضعيفة او الزوج او الزوجة.

من هنا كان لزاماً على من يكتشف او من ترفع اليه الكفشات أن يكون قادراً على إدارتها.

فهل الحل الصحيح يكون في كفشها أو في صهينتها ؟
الإجابة هي.
أن للكفش او الصهينة قواعد وأسس تبنى عليها فلا الكفش المطلق صحيح ولا الصهينة المطلقة صحيحة بل يجب أن يكون لكل مقام مقال وهو ما سنحاول بحثه فيما يلي وبما يوفقنا الله تعالى إليه.
عندها أدرك حكيم الزمان الآذان.
فأمسك عن الإفصاح والتبيان.
وإلى اللقاء القادم رعاكم الله تعالى. ?
صديق بن صالح فارسي.image

مقالات ذات صلة

إغلاق