مقالات
كل يوم فائدة لــُغوية حامد اغبارية
(33): ما الفرق بين “أنزل” و”نزّل”؟ سأل أحد الإخوة من أصدقاء الصفحة؛ بارك الله فيه.
ومما لا شك فيه أن هناك فرقا بيّنا بين اللفظين.
فـ “أنزل” (ومصدرها: إنزال) تعني نقلَ شيء أو أمر ما من الأعلى إلى الأدني دفعة واحدة، و”نزّل” (ومصدرها: تنزيل) نقل أو حوّل من الأعلى إلى الأدني على مراحل أو دفعات أو أجزاء. وحتى يكون الأمر أكثر وضوحا، فإن القرآن الكريم وردت فيه اللفظتان في أكثر من مكان، وكل لفظة تحمل الدلالة التي أشرت إليها. فعندما تحدث عن نزول القرآن العظيم دفعة واحدة، قال {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، أي أن القرآن أنزل جملة في ليلة واحدة -هي ليلة القدر- إلى السماء الدنيا، وذلك تمهيدا لتنزيله منجّما على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لينقله إلى الناس كافة. ومعلوم أن آيات القرآن وسوره نزّلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مفصلة على مدار ثلاث وعشرين سنة حسب الوقائع (ما يعرف بأسباب النزول). وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {أنزلوا الناس منازلهم}، ولم يقل {نزًّلوا}، أي ضعوهم (دفعة واحدة) في المكان الذي يليق بهم وبقدرهم وبمكانتهم. فهل يعقل (مثلا) أن نضع الناس مواضعهم على دفعات؟!!!
وأما “نزّل” فقد وردت في آيات كثيرة كلها تشير إلى التنجيم، أي على مراحل (بحسب الموقف والحدث)، ومنها قوله سبحانه وتعالى: {آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزّل على رسوله}، وقوله سبحانه: {وقرآنا فرقناه لتقرآه على الناس على مُكثٍ ونزّلناه تنزيلا}، هكذا باختصار، وإن كان الحديث في هذا يطول. والله تعالى أعلى وأعلم.