اقلام حرة

تائها بين العجز والنفاق بقلم زينة يكن

 

ظهرت مسميّات كثيرة خلال الأزمة السورية لتوصيف مواقف الأشخاص اتجاه ما يحدث بين موالي و معارض و رمادي واستمر الحال هكذا أكثر من خمس سنوات واستنزفت البلاد و آلت الى جيش نظامي و جيش حر وضمن الاثنين ميلشيات لتدعم النظام و ميليشيات اخرى لتدعم المعارضة و حاضنة سياسية كاذبة للنظام و اخرى ساذجة انتهازية للمعارضة و الوقت يمر ولم يتغير شيء.

جميع ما سبق لا يشكل أكثر من 2٪ من الكتلة السكانية السورية أمّا الكتلة الحرجة التي لا يجري استثمارها فهي تقسم إلى : الصامت والناشط و مابينهما المزيّف.

أمّا الصامت، فهو – -إن صحّ التعبير- – من لا يؤيد سياسات النظام ولكنّه لم يتضرر بشكل مباشر وبالتالي يجد نفسه تائها لا مكان له في الساحة، و أمّا الناشط فهو الذي لا يؤيد سياسات النظام ايضا ولكنه تأذى بشكل مباشر منه فلا يفوّت مناسبة دون التنديد به.
و ما بين الاثنين نجد المزيّف الذي ليس من الصعب تمييزه فهو ملك أكثر من الملك نفسه خشية اتهامه بأنه لا يواكب العصر.

القاسم المشترك بين تلك الفئات عموما : جميعهم يؤمن بالحل السلمي ترياقا لإنهاء النظام و جميعهم عاجز عن تطبيق هذا الحل في حدّة الفئات المتصارعة. ومادمنا ذكرنا الفئات المتصارعة، أجد الابتعاد عن التعميم أمرا ضرورويا دون الدخول في التفاصيل، وعليه، فليست كل صفوف الجيش السوري مجرمة، و ليست جميع قوى المعارضة المسلّحة إرهابية.

لقد ثار الجميع عند سماع نبأ إجلاء المناطق الشرقية في حلب و قامت الدنيا ولم تقعد، ولكن القليل فقط من أسقط الامور بشكل هادئ وعاد بالزمن إلى عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، عندما خرج سيدنا محمّد مع أتباعه من مكة وهاجروا إلى المدينة المنورة بعدما اشتدّ بطش قريش، كانوا قد قدّروا مسبقا أنّ المواجهة غير متكافئة وهم مازالوا غير مستعدين بعد للمعركة. بقوا في المدينة حتى استطاعوا توحيد صفوفهم و توحيد كلمتهم “كلمة الحق” ثم ثم عادوا لفتح مكة.

المشكلة الأساسية التي حدثت في حلب تحديدا“حلب الشرقية” هي أنّ القضية التي يدافع من أجلها من حملوا السلاح من تلك المنطقة ليست متكافئة مع أجندة النظام و دخل فيها الكثير من الشوائب (لست بصدد استعراضها)، أي أنّ الطرفين يختلفان في أهدافهم و بالتالي كان من المحتّم فوز النظام في ظل عدم التكافؤ (الديني/الفكري/الإيديولوجي/ العسكري).

الخطأ الفادح والظلم الأكبر الذي شاركنا فيه جميعا بمستويات مختلفة هو التعويل على تلك الفئات في مهمة إسقاط النظام و تشجعيهم في الدفاع عن مبادئهم و أرضهم وإقناعهم بأنهم يدافعون عن الحق.

إنّ الحق غائب .. الحق مختلف عليه بين الطرفين..لا نستطيع أن ننكر أنّ ضمن القانون الدولي “من يحمل السلاح ضد الدولة هو متمرّد ” كما لا نستطيع أن ننكر أنّ ضمن حقوق الإنسان” الدولة التي تقتل شعبها ليست بدولة”. في ظل اختلاط المفاهيم لا يوجد قوانين وما يسود هي شريعة الغاب وبالتالي الغلبة للأقوى.

كان خطأ أن نوهم الفئات المستضعفة أنّ الله سيقف معهم. إرادة الشعب الحقيقية التي تكمن في الكتلة الحرجة التي سيتوقف عليها مصير النظام لم تظهر بعد، و بالتالي إذا كانت إرادة الشعب غائبة فليس علينا ان نتوقع ظهور إرادة الله. ضمن هذا السياق تكون فكرة الإجلاء هي الحل الأمثل لضمان سلامة من بقي من عائلات مدنّية.

  • حتى تظهر إرادة الشعب بين هذه الكتلة يجب ايجاد صيغة توافقية تجمع الصامت و الناشط على الإيمان بالحلول الوسطية التوافقية فأوسط الأشياء هي قلبها ونواتها ومن يقف في الوسط يملك الكل، مثاله مثال القلب في الجسد إن توقّف القلب مات الجسد.
    إلى أن يتحقق هذا، يبقى الصامت في وقتنا هذا تائها بين العجز
  • المصدر : الصدى نت

مقالات ذات صلة

إغلاق