مقالات
إقرأ. تدبّر. إجتهد رؤية * هذه السلسلة يكتبها د. محمد طلال بدران – مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية –
* سلسلة خاصّة بالعشر الأواخر من رمضان وعنوانها: "العشر الأواخر من رمضان: فضائلها، عباداتها، وأثرها بعد الرحيل"

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد
وداعًا رمضان: كيف نحافظ على أثره في حياتنا بعد انقضائه؟ (7)
إنقضى رمضان سريعًا، وكأن أيامه ولياليه كانت لحظات عابرة، لكن أثره في قلوب المؤمنين ينبغي ألا يكون مؤقتًا، بل يجب أن يستمر في سلوكنا وأعمالنا، فالغاية الكبرى من الصيام هي تحقيق التقوى، كما قال الله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: 183)، فهل ازددنا تقوى بعد رمضان؟ وهل سنحافظ على ما اكتسبناه من الطاعات؟
* الاستمرارية في العبادات
رمضان مدرسة، ومن ثمارها أن نخرج منه بعادات إيمانية ثابتة، ومن أهم ما يعين على ذلك:
• المحافظة على الصيام: فقد حث النبي ﷺ على صيام ستة أيام من شوال، فقال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر» (مسلم).
• الاستمرار في قيام الليل: ولو بركعتين في جوف الليل، فالعبرة بالثبات، فقد قال النبي ﷺ: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل» (البخاري ومسلم).
• الارتباط بالقرآن: كان رمضان شهر القرآن، فلا ينبغي أن نهجره بعده، ولو بورد يومي يسير.
• المحافظة على الصلوات: من كان يحافظ على الصلوات في وقتها في رمضان، فليجعل ذلك منهج حياته.
* المحافظة على الأخلاق الرمضانية
رمضان يعلمنا ضبط النفس، فكما كنا نمنع ألسنتنا عن الغيبة والنميمة، فلنستمر في ذلك بعده. قال النبي ﷺ: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» (البخاري). وكذلك التسامح والعفو، فقد قال تعالى: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا﴾ (النور: 22).
* الثبات بعد رمضان
لا يمكن للإنسان أن يثبت إلا بمعونة الله، لذا يجب أن يكون الدعاء ملازمًا له: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ (العنكبوت: 69). كما أن الصحبة الصالحة تعين على الاستمرار في الخير.
* مواسم الخير بعد رمضان
رمضان ليس الموسم الوحيد للطاعة، بل هناك مواسم عظيمة مثل:
• العشر الأوائل من ذي الحجة، وهي أيام فاضلة أقسم الله بها.
• يوم عرفة، وصيامه يكفر سنة ماضية وسنة قادمة.
• يوم عاشوراء، وصيامه يكفر سنة من الذنوب.
* التخطيط لما بعد رمضان
يجب أن نحاسب أنفسنا بانتظام، ونتساءل: هل نحن على الطريق الصحيح؟ كيف نحافظ على ما اكتسبناه من رمضان؟ ويمكن وضع خطة تتضمن:
• جدول للأعمال الصالحة، يشمل الصلاة في وقتها، وقراءة القرآن، والصيام التطوعي.
• تحديد أهداف إيمانية، مثل ختم القرآن خلال العام أو الالتزام بورد من الأذكار.
* ختامًا
الوداع الحقيقي لرمضان ليس بانقطاع الطاعة، بل بجعل أثره ممتدًا طوال العام. فمن كان صادقًا في عبادته، فلن يفرط فيها بعد رمضان، بل سيجعل رمضان نقطة انطلاق نحو حياة إيمانية متجددة. نسأل الله أن يتقبل منا رمضان، وأن يثبتنا على طاعته حتى نلقاه.
* تقبل الله الصلاة والصيام والقيام وسائر الطاعات واجعلنا من عتقاء رمضان
* مقالة رقم: (1913)
* 27. رمضان . 1446 هـ
* الخميس. 27.03.2025م
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب)
شاهد