شعر وشعراءمقالات
( ظل العائلة ) الشاعر و الناقد المصري د ٠ عيد عبد الحليم – ١٩٧٦ م ٠
تغريدة الشعر العربي السعيد عبد العاطي مبارك الفايد مصر ٠
“شجر الحديقة
لم يرو منذ الصيف الماضي
والأغاني المعلقة في الهواء
لم تجد فرصة للوصول إلى قلبي
كثير من الأمنيات
أكتبها بحبر أبيض
حتى لايقرأها غيري وحبيبتي بفستانها الأرجواني
صعدت إلى جبل ولم تنزل إلى الأرض ثانية”.
( من ديوان : حبر أبيض ) ٠
٠٠٠٠٠
* هذا الملف إهداء إلى الكاتبة و الباحثة د٠ نسرين يوسف – مدير دار إضاءات للنشر ، لدورها في تعميد حركة الإبداع و الثقافة العربية و الترجمة من أجل سلام الإنسانية ٠
مما لا شك فيه و لا جدال قد مرَّ شعرنا العربي عبر العصور الأدبية بعدة تحولات و اتجاهات و من ثم شاهد تغيرا و تجديدا في الشكل و المضمون مع تطورات الحياة هكذا ٠٠
و تعددت الرؤى و المذاهب و المدارس الأدبية و حرص أصحاب الاتجاه التقليدي المحافظ على موروث القصيدة القديمة الكلاسيكية ٠٠
ثم ظهر أنصار الرومانسية في ثوبها الوجداني و الذاتي و التمرد و الهروب إلى الخيال لرسم لوحاتهم الشعرية ٠
و بين هذا وذاك حدث الاتجاه الواقعي من خلال الحياة التي تستوعب التجارب و ظهور قضايا سياسية وطنية و اجتماعية فكانت النظرة إلى قصيدة التفعيلة الشعر الحر ٠٠
و وقعت احتجاجات في كل مرة بين القديم و الجديد ٠٠
حتى ظهر جنس أخر يشكل إطار واسع يسمى ( قصيدة النثر ) و التي تحررت من قيود الوزن و القافية و شكل البيت الشعري و المقاطع فهو لون بين الشعر و النثر تحكمه توظيف الجُمل و الصور الفنية و الفكرة في التعبيرات المكثفة مع الاهتمام بالغرض و البلاغة في رسم تلك اللوحة و بدا لها رواد و صدى عند الكثير و تفوق العنصر النسائي لكاتبات المغرب العربي و الكثير من النساء في البلدان العربي ٠٠
و على أية حال سيطرت هذه الولادة الجديدة – قصيدة النثر – على ساحة الإبداع حيث لها صدى في سرعة تناول الحدث و القضايا و سهولة التعبير داخل أصول تحكم عملية الإبداع فهي السهل الممتنع ٠٠
مع التركيز على اللغة و استخدام الصورة الفنية تعويضا عن الوزن و القافية و شكل السطر الشعري فهي ليست للغناء و الحفظ و لكنها دورها رسالة تحمل دلالات لها أبعاد بين فنون الأدب ٠
ووجدنا فرسان هذا اللون ٠٠
جبرا إبراهيم جبرا، توفيق صايغ، أدونيس، محمد الماغوط، مظفر النواب، أنسي الحاج، شوقي أبي شقرا، سركون بولص، عزالدين المناصرة، بول شاوول، سليم بركات، عباس بيضون، بسام حجار، عبد القادر الجنابي، وديع سعادة ، و شاعرنا عيد عبد الحليم و غيرهم كثيرون ٠
و مما لا شك فيه هذا الاتجاه و هذا اللون هو الطبيعي لنمو فنون الأدب مع كل عصر و مصر مع رحلة عملية الإبداع ٠
و يقول شاعرنا الناقد عيد عبد الحليم عن بداية مشواره مع عملية الإبداع الفني :
عندما ذهبت لمجلة أدب ونقد عام 1996، وكنت في السنة الثانية من الجامعة، أخذ من الشاعر حلمي سالم قصيدة، ظل العائلة، وبعد أسبوع مررت عليه في مقر المجلة فإذا به يريني بروفة لمجلة اسمها “إضاءة 77” وإذا بقصيدتي منشورة فيها تجاور قصائد أمجد ناصر وجمال القصاص وفريد أبوسعدة وسيف الرحبي وقاسم حداد ودراسة لإدوار الخراط.
وحين ذهبت-بعد أيام- لهيئة قصور الثقافة عارضا عليه ديواني “ظل العائلة” للنشر في سلسلة “إبداعات”، وكانت معي نسخة من “إضاءة 77″، وحين تصفحها الروائي الراحل فؤاد قنديل وكان رئيسا لتحرير السلسلة، قال هذا الديوان ينشر على مسؤليتي، لإن من ينشر في إضاءة 77 مع أهم شعراء في العالم العربي لا يدخل ديوانه لجنة قراءة.
– و يروي أيضا:
أنا عاشق للمسرح، والوحيد من شعراء قصيدة النثر الذي كتبت مسرحا شعريا، عندي أربع مسرحيات شعرية، أولها “الجرافة” فازت بجائزة توفيق الحكيم للمسرح من وزارة الثقافة.
* نبذة عنه :
========
وُلد الشاعر و الناقد الأدبي د٠ عيد عبدالحليم عام ١٩٧٦ م بكفر الدوار محافظة البحيرة مقيم بالقاهرة ٠
درس في أكاديمية الفنون القاهرة ٠
– درس بجامعة الأزهر ٠
ـ رئيس تحرير مجلة أدب ونقد
ـ رئيس القسم الثقافي والفني بجريدة الأهالي المصرية ٠
صدر له ٣٠ ثلاثون كتابا تنوعت مابين الشعر و المسرحية والنقد والفكر ٠
٠ الدواوين :
ـ سماوات واطئة
ـ ظل العائلة
ـ العائش قرب الأرض
ـ تحريك الأيدي
ـ كونشيرتو ميدان التحرير
ـ موسيقى الأظافر الطويلة
ـ حديقة الثعالب
ـ حبر أبيض ٠
– كتب أربع مسرحيات ٠ منها مسرحيتين شعريتين :
الجرافة، ونهار ميت ٠
– ومن أعماله النقدية :
الشعر النسائي في مصر، والمسرح المستقل، ومقاهي الصفوة والحرافيش ٠
– ومن أعماله الفكرية :
الحرية وأخواتها – وفقه المصادرة – مزايا العقل النقدي – ضحايا حريق الفن – وجيل السبعينيات والانتفاضات الطلابية ٠
* و أخيرا كتاب التنوير المنقوص ( تجارب في الوعي الفكري و الإبداعي المصري ) عن دار إضاءات ٠
= كما ترجمت أعماله إلى عدة لغات ٠
مختارات من شعره :
————————–
يقول الشاعر و الناقد عيد عبد الحليم في قصيدة تحت عنوان (من ينقذ روحي مني؟! )
من ديوانه شجرة الأربعين الصادر عن دار أم الدنيا عام ٢٠٢٢ م ، و هذه المقطوعة تترجم أحلامه مع هذه الأرض التي يأمل أن تسود فيها الحرية و يتممد بين ظلالها العدل ، كما يستدعى هنا الشاعر إليوت من خلال نظرة الأرض الخراب في تحولات تكشف مسارات و منحنيات الواقع في ثنائية متداخلة الدلالات:
بجوار”إليوت”
في صباح قريب
سأجلس بجوار “إليوت”
في صباح قريبٍ
أحكي له عن “الأرض الخراب”
التي قضيت بها أربعين عاما من عمري القصير
وعن ألف طعنة في صدري النحيف
وعن قصيدةٍ
رفضت الأوراق أن أضعها عليها
وعن سماء غنيتُ لها
ولم تنظرْ إلى وجهي نظرة عطفٍ.
سأقول له: يا “إليوت”
كل الحكايات في جرابي فاسدة
رغم أني زرعتها
في أرض صالحة للانتظار
كل الرياح التي انتظرت
أن تأتي إلى مواسمي
ذهبت إلى أرض أخرى
كل اللوحات الني أعجبتني
كانت “سريالية” المذهب
كل الأمهات اللائي تمنيت
أن أنام على صدورهن متن قبل طفولتي
وها أنا الآن.. أنظر في مرآتي
دون أن أرى أحدا..!!
***
دعي أصابعك
تقترب أكثر من يدي
واتركي عينيك مثبتتين
على ضلوعي
فأنا بحاجة إلي هذا الضوء
فالقطارات التي مرت على غرفتي
أخذت كل شيء
ولم تترك على الجدران
سوي مرآة مشروخة
وبعض الأوراق الممزقة
، حتى الذاكرة
بأفعالها الشيطانية
ومكرها المحبب
غابت هي الأخرى
وتركت شرفتي
تطل على شارع طويل
لا يمر فيه أحد غيري ٠
و يقول في مقطوعة اخرى:
يحملون البحر على أكتافهم
الموت لا يعرف الطريق
إلي هذا البيت
فهؤلاء الصيادون
يدركون أن الغناء
يطيل العمر
لذلك _ كل يوم _
ترى منهم من يدق الدف
بشراهة غجري
ومن يؤاخي حروف المد في حنجرته
بحثا عن صدى مناسب
يغزلون من خيوط الحرير
شبكا لاصطياد عرائس البحر
وشياطين الحواديت
وحين يشعلون (( راكية النار ))
يفر الشتاء سريعا ٠
و في نهاية هذه القراءة السريعة لعالم الشاعر و الناقد المصري عيد عبد الحليم الذي ينضم إلى رواد و أعمدة ” قصيدة النثر ” في حضور له تداعيات تحكم أصولها لغة و تعبيرا يتمشى مع روح التجديد لفنون الأدب ٠
و من ثم نجده يوظف قصيدته في اتجاهات وطنية و قومية و اجتماعية تستوعب تجربة الحياة دائما ٠