ثقافه وفكر حر
هيا بنا لنتعرف ما هو جمع كلمة أخطبوط في اللغة العربية
تثير البنية الصوتية والصرفية لكلمة أخطبوط بعض الصعوبات لدى مستعمل اللغة العربية من حيث صيغة جمع أخطبوط والتصرف في نسبتها أو إعرابها. ويزيد تعقيد التعاطي مع كلمة أخطبوط مع صعوبة التحقق من أصولها الاشتقاقية العربية، وقربها من بعض الألفاظ الأجنبية من ناحية تركيبتها الصوتية.
تبسط لك هذه المقالة كل هذه الصعوبات، وتحدد إمكانات جمع أخطبوط في اللغة العربية، وتحدد أصولها والطرق المناسبة للتعامل اللغوي السليم معها.
يُعرّف الأَخْطَبوط في القاموس على أنه حيوان بحريّ من فصيلة الرَّخويَّات، أسطوانيّ الشكل، له رأس صغير، وثماني أرجل، يتغذَّى على القشريَّات والأسماك، ويُضرب به المثل في شدّة التشبُّث بما يمسكه. يقال أحاطوا به كالأخطبوط. وفي معاجم مختصة يعرف بأنه رتبة حيوانات مائيَّة من الرَّخويَّات المزدوجات الخيشوم الرأسيّات الأرجل. ويشتق منه اسم منسوب “أَخْطَبوطيّ” للإشارة إلى صفة الشيء أو الأمر المتشعِّب أو ذو الشكل التوسُّعيّ. فيقال توسع العمران بشكل أخطبوطيّ على أطراف المدينة. ويحمل هذا النعت أيضا معنى الشيء المحيط والملتفّ.
أصل كلمة أخطبوط
تُظهر البنية الصوتية والصرفية لكلمة “أخطبوط” أنها كلمة دخيلة لا أصل لها في اللغة العربية. فهي ليست على وزن من الأوزان الصرفية المعروفة في اللغة العربية، وتجمع تكرارًا نادرًا لبعض الحروف في العربية في كلمة واحدة كما يتّضح من حرف الطاء. ويقابل كلمة أخطبوط في اللغة الإنجليزية كلمة “Octopus”، وأصلها كلمة لاتينية وهي “oktṓpous”، وجمعها “oktṓpodes”. وهذه الكلمة تتركب من مقطعين الأول “oktṓ” وهو ما يشير إلى الرقم ثمانية، والثاني “podes” وتعني الأقدام، لذلك فالكلمة كلها تعني بشكل حرفي “ثُمانيّ الأقدام”.
كلمة أخطبوط بين الدّخيل والمعرّب
رأينا أن كلمة أخطبوط كلمة أجنبية الأصل، لكنها أصبحت جزء من القاموس العربي. وتسمى هذه الظاهرة اللغوية بالاقتراض أو التعريب. ويعرّف المعجمُ الوسيطُ التعريب بأنه “صبغ الكلمة (المُصطَلح) بصبغة عربية عند نقلها بلفظها الأجنبي إلى اللغة العربية”. ويعتبر التعريب وسيلة من وسائل إغناء اللغة، ويتم بأخذ الكلمة غير العربية، وإحداث بعض التغيير اللفظي فيها بحسب ما يقتضيه النُّطق العربي أو ميزانه الصرفي. ويضع بعض اللغويين مسألة إلحاق الكلمة المقترضة بالأوزان الصرفية العربية شرطًا لاعتبار الكلمة داخل في إطار “المعرّب”، وإلا فإنها تظل دخيلة. وفي هذا الإطار ميزوا بين المعرّب والدّخيل بشرطين:
- إذا جاءت لفظة أجنبية وهُذّبت من حيث ألفاظها بحيث أشبهت أبنية العربية في ميزانها الصرفي اعتُبرت من المعرّب، أما إذا بقيت على وزن غريب على اللغة العربية فهي من الدخيل.
- اللفظة الأجنبية التي استعملها العرب الذين يُحتجّ بكلامهم تُعتبر من المعرّب، حتى لو لم تكن من حيث بناؤها ووزنها الصرفي مما يدخل في أبنية العرب، أما ما دخل بعد ذلك فإنه يعتبر من الدخيل. وإذا تأملنا كلمة “أخطبوط” فسنلاحظ أنها خضعت لتغييرات صوتية، حيث تم استبدال حرف “T” في الأصل اللاتيني، بحرف قريب في النظام الصوتي العربي وهو حرف الطاء، بينما تم استبدال حرف “C” بحرف الخاء، بينما تم تعويض “P” بحرف الباء، القريب نسبيًا من حيث النطق. لكن بالمقابل ظلت هذه الكلمة على غير وزن صرفي عربي معروف. وهذا يعني حسب التقسيم السابق، أنّ كلمة أخطبوط في نظر بعض اللغويين تعتبر كلمة دخيلة، لم ترْقَ إلى درجة “المعرّب”.
-
كيف يُجمع المعرّب أو الدّخيل؟
عندما تعرّب الكلمة فهذا يعني أنها ارتقت إلى مستوى الخضوع للأوزان الصرفية العربية، والقواعد الصوتية النّاظمة لها. ويُسهّل هذا الأمر على المتكلم أن يصرّفها، أي أن يُعاملها بقواعد الصرف العربي في الجمع والإبدال والإعلال والإدغام وغير ذلك. بينما إذا ظل اللفظ دخيلًا، ولم يرتَقِ إلى هذا المَرْقى، فإنه قد يتعذر أحيانًا أن تنطبق عليه كل القواعد الصرفية المذكورة. فيُمكن إذًا جمع المعرّب بمختلف أنواع الجموع المعروفة، بينما قد لا يتيّسر ذلك في حال اللفظ الدّخيل. لكن الأكيد أن الكلمات الأعجمية يُتصرفُ في ضبطها والعنايَة بحركاتها أكثر مما يُتصرفُ في ضبط غيرها، لأنها كلمات ذات أصول غير عربية، وقد تُنطَقُ بأوجه شتّى، فلا بدّ من قيد الحركات لضبط الطريقَة الصحيحة. ويُتصرفُ أيضًا في طريقة تحويلها كالنسبة وغيرها، فباب النسبة وغيرها من الأبواب الصرفية عقَدَ قسمًا خاصًا للنسبة في الكلمات الأعجمية ، وذلك لرفع اللَّبْس وضمان صحة النطق باللفظ في أحواله المختلفة. وفي هذا الإطار فإن كلمة أخطبوط نقلت إلى اللغة العربية ووردت في المعاجم بنطقين:
- أَخْطَبُوط بفتح الألف والطاء،
- أُخْطُبوط بضم الألف والطاء.
هل يمكن جمع أخطبوط في اللغة العربية؟
بناء على ما سبق فإن الأسماء الدخيلة، مثل كلمة أخطبوط تخضع لقاعدة المتيسّر، فإذا تيسّر جمع أخطبوط جمع تكسير فيجوز ذلك. ويرى مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية في الفتوى رقم 986أن جمع أخطبوط في اللغة العربية على جمع التكسير غير متيسر، ولذلك فإنها تجمع بألف وتاء، فيقال في جمع أخطبوط أخطبوطات، مثل إسطبل واسطبلات. وتشير هذه الفتوى أيضًا إلى أن كلمة أخطبوط تُشبّه كذلك بأقرب ما يشبهها من الكلمات العربية فتُجرى مُجراها كأن يُقال في أخطبوط ما يقال في عضرفوط. وبالرجوع إلى جمع كلمة “عَضْرَفُوطُ” نجد أنها تجمع على “عَضارِفُ وعَضْرَفوطاتٌ”. وهذا يعني قياسًا أنه يمكن جمع أخطبوط على أخابط وأخابيط، لكنه قياس غير مؤكّد باجتهاد لغوي يحظى بإجماع أهل الاختصاص.