نشاطات

من ملف محاضراتي لطلاب الدراسات العليا ظواهر مدهشة في لغتنا العربية الأضداد في اللغة العربية

فاطمة ابوواصل إغبارية

الأضداد في اللغة العربية تعتبر ظاهرة لغوية مدهشة، حيث نجد في لغتنا العربية ألفاظًا بمعنى الشيءَ وضدَّه، وتحمل المعنى ذاته ،فمثلاً على سبيل المثال لا الحصر “الصريم” ومعناها اللغوي “الليل” وتأتي بمعنى “النهار”، وكلمة “الناهل” ومعناها لغوياً “الظمآن” وتأتي بمعنى “مَن شرب حتى ارتوى” .
وبكل تأكيد ، لا يمكن أن يطلق القوم كلمةً على معنًى وضده، ولهذا خلص العلماء إلى تفسير هذه الظاهرة المدهشة لعدة أسباب منها اللهجات :
– أن كل كلمة من الكلمات كان خاصًّا بمنطقة أو قبيلة عربية لها لهجتها الخاصة، وعند اختلاط القومَين أخذ كل منهما عن الآخَر معناه، فظهر المعنيان للَّفظ نفسه.

– أن يكون للفظ معنًى آخَر غير المعنيين المذكورين، ثم يؤدي سوء النقل، أو تداخُل المجاز، إلى أن يحمل اللفظ المعنيين، ككلمة “الصريم” التي تُطلَق على الليل كما تُطلَق على النهار، وأصل معناها هو “الانتهاء” أو “القطع”، لأن كلًّا من الليل والنهار بدايته هي نهاية وقطع الآخَر.

– قد تتطوّر دلالة الكلمة، فتحمل أكثر من معنى، ويكون بين هذه المعاني متضادَّان، ككلمة “مأتم” التي أصل معناها “الجماعة”، وكانت تُطلَق في الغالب على الجماعة من النساء، فتطوَّرَت دلالتها إلى معنى “الحزن” و”الفرح”،
لاجتماع هذه الجماعة في حالَي الحزن والفرح. ومثلها كلمة “الطرَب” التي تعني الحزن والفرح أيضًا، لأن أصل معناها حالة الحركة وضرب الكؤوس التي كانت تصيب القوم حين الحزن وحين الفرح، فانتقلت دلالتها إلى الحالتَين الشعوريتين المصاحبة لهما، فأصبح معناها “الفرح” و”الحزن”.
– بعض المشتقَّات قد يحمل معنى الفاعل والمفعول في الوقت نفسه، بسبب بنية أصل الكلمة، فتجد أن كلمة “مضادّ” و”مُختار” و”مشتقّ”، فكل منها قد يكون اسم فاعل وقد يكون اسم مفعول.

– أيضًا قد يحمل اللفظ المعنيين المتضادَّين بسبب التيمُّن والاستبشار، فالمعنى السيئ قد يُستعمل للإشارة إليه لفظ المعنى الحسَن، تيمُّنًا بوقوع الحسَن والنجاة من السيئ. من ذلك كان العرب يُطلِقون على الصحراء لفظ “المفازة”، والصحراءُ مُهلِكةٌ، فيسمُّونها “مفازة” تيمُّنًا واستبشارًا بالفوز بالنجاة منها، فيصبح لفظ “مفازة” وقد حمل معنيَي الهلاك والنجاة.
كذلك يُطلِقون على مَن لدغته العقرب اسم “السليم”، تيمُّنًا واستبشارًا بسلامته من لدغتها، فيصبح لفظ “سليم” وقد حمل معنيَي السلامة والموت.
وعندما يصاب الإنسان بمرض تقول الله “بعافية”، لأن العافية هي الصحَّة والسلامة، فيقولون “بعافية” تيمُّنًا واستبشارًا بأنه سيتعافى من مرضه، فيصبح لفظ “بعافية” وقد حمل المعنيين الصحة والمرض.
ومثال آخر في ألمغرب إذا قلت لشخص يعطيك العافية فتعتبر وكأنك تدعو عليه بدخول النار بينما عن بعض العرب هي الدعاء بالشفاء والصحة السلامة
ومن أشهر ألفاظ الأضداد في اللغة العربية الفعل “بان” الذي يعني “ظهَر” ويعني “ابتعد”، فنقول “بان البدرُ بيانًا” إذا ظهر،” وإذا ابتعدَ حتى اختفى ومنه قول الشاعر: “بانت سعادُ فقلبي اليومَ مَتبُولُ”، وقول الشاعر: “بِنتُم وبِنَّا فما ابتلَّت جوانحنا شوقًا إليكم ولا جفَّت مآقينا”.

وكلمة فلان “بهلول” التي كانت قديماً تعني “السيد العظيم الذي يلجأ إليه أهله” فأصبحت الان تحمل معنى “الأبله ” الذي يفتقد إلى العقل السليم .

ويعزو العلماء لهذه الظواهر المدهشة إلى تطوُّر دلالي حدث للكلمة وذلك بعد أن كان المُلوكُ في عصر المماليك، يفقئون أعيُنُ الناس المحكوم عليهم ويجدَعون أنوفهم، فيسيرون في الشوارع عُرضةً لسخرية الناس.

الأخوات والأخوة طيّب الله أوقاتكم بكل الخير والسعادة والسرور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق