مقالات
الفصل الثاني الإطار النظري والدراسات السابقة أولاً: الإطار النظري المحور الأول: الذكاء الاصطناعي مفهوم الذكاء الاصطناعي
بحث علمي للبروفيسور ناجي عباس
يتكون مصطلح الذكاء الاصطناعي من كلمتين الأولى (الذكاء) والثانية (الاصطناعي)، ولكل كلمة منهما معنى خاص بها، حيث ذكر قاموس Webster أن الذكاء هو القدرة على فهم وإدراك الظروف أو الحالات الجديدة والمتغيرة، أي أن كل من (الإدراك والفهم والتعلم) هي مفاتيح الذكاء. أمّا الكلمة الثانية (الاصطناعي) فهي مرتبطة بالفعل يصنع أو يصطنع، أي أن الكلمة تطلق على الأشياء التي تنشأ نتيجة النشاط أو الفعل الذي يتم من خلال اصطناع وتشكيل الأشياء تمييزاً عن الأشياء الموجودة بالفعل وبصورة طبيعية دون تدخل الإنسان (درويش والليثي، 2020).
إن الذكاء الاصطناعي هو قدرة النظام على تفسير البيانات الخارجية بشكل صحيح، والتعلم من هذه البيانات، واستخدام تلك المعرفة لتحقيق أهداف ومهام محددة من خلال التكيف المرن(الحاذق وطروش 2023، ص337). وقد عرّف صميلي (2023، ص205) الذكاء الاصطناعي على أنه فرع من علوم الحاسب الآلي الذي يمكن بواسطته خلق وتصميم برامج الحاسبات التي تحاكي أسلوب الذكاء الإنساني، لكي يتمكن الحاسب الآلي من أداء بعض المهام بدلاً من الإنسان، والتي تتطلب التفكير والتفهم والسمع والتحدث والحركة بأسلوب منطقي ومنظم.
كما ويعرف آل مسلم وموكلى (2023، ص9) تقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم بأنها: نظم تعليمية معتمدة على الحاسب ولها قواعد بيانات مستقلة (تحدد ما يتم تدريسه)، أو قواعد معرفية للمحتوى التعليمي (وهي تحدد كيفية التدريس) وتحاول استخدام استنتاجات عن قدرة المتعلم لفهم المواضيع وتحديد مواطن ضعفه، وقوته حتى يمكنها تكييف عملية التعلم ديناميكيا، وأشار Zawacki et al. (2019) إلى أن الذكاء الاصطناعي عبارة عن توظيف بيئة التعليم الإلكتروني بكل من استراتيجيات محاكاة النظام العصبي، ونظام استخراج مجموعات البيانات المرتبطة بسلوك الطلاب الإلكتروني طبقاً لحاجاتهم ومتطلباتهم الخاصة.
نشأة وتطور الذكاء الاصطناعي:
يعد الذكاء الاصطناعي أحد علوم الحاسوب التي تهتم بشكل خاص بإنشاء وتصميم أنظمة وآلات محوسبة تؤدي عمليات مماثلة لعمليات التعلم البشري وعمليات اتخاذ القرار، كما يشير الذكاء الاصطناعي إلى التعلم العميق، التعلم الآلي، والحوسبة المعرفية، إذ يرجع ظهور مفهوم الذكاء الاصطناعي إلى العقد الخامس من القرن العشرين في ضوء تقدم علوم الحوسبة الكهروميكانيكية، وذلك في مؤتمر جامعة “دارتموث” Dartmouth عام 1956م على يد “جون مكارثي” John McCarthy. وقد أشار “مكارثي” للذكاء الاصطناعي باعتباره علم وهندسة صنع آلات ذكية (Zawacki-Richter et al., 2019).
كما نشأ مفهوم الذكاء الاصطناعي على أساس أن الذكاء الإنساني يمكن توصيفه وتعريفه بدقة متناهية، بحيث يمكن محاكاته بواسطة آلة محوسبة، واستمر الاهتمام بهذا المفهوم خلال ستينات وسبعينات القرن الماضي، وفي عام 1965م أعرب هربرت سيمون Herbert Simon عن اعتقاده بأنه خلال 20 عاماً ستكون لدى الآلات قدرة على أداء أعمال الإنسان، وبعد عامين صرح رائد أبحاث الذكاء الاصطناعي “مارفينمينسكي” Marvin Minsky باعتبار أنه خلال فترة من ثلاثة إلى ثمانية أعوام، ستكون لدينا آلات بمستوى ذكاء البشر، وفي نفس الفترة أبلغ “جون مكارثي” وزارة الدفاع الأمريكية بأنه من الممكن تصميم آلة ذكية بشكل تام خلال عشرة أعوام (Seo et al., 2021).
وفي أوائل الثمانينات ارتبطت أبحاث الذكاء الاصطناعي بالعديد من الموضوعات ومنها: الرؤية الحاسوبية، معالجة اللغة الطبيعية، علوم الإدراك والتفكير، ونظرية اللعبة، والروبوتات، وشهدت هذه الموضوعات الكثير من التقدم، مما مهد إلى حدوث المزيد من التقدم والتطور في مجال الذكاء الاصطناعي، وجاء التطور الأهم في أوائل القرن الحادي والعشرين في ضوء استكمال أبحاث الذكاء الاصطناعي، السائدة بمفاهيم معالجة البيانات واسعة النطاق أو البيانات الكبيرةBig Data بطرق إحصائية خاصة، مثل التنقيب عن البيانات Data Miningوالتعلم الآلي (صميلي، 2023).
ومن ثم فقد ساعدت التطورات التي طرأت على علم الذكاء الاصطناعي على الاعتماد عليه في العصر الحالي من قبل العديد من الشركات، منها (جوجل، وفيس بوك، وأمازون، وغيرها)، حيث تم الاعتماد عليه في أداء العديد من المهام المتنوعة منها الترجمة الآلية، والبحث التلقائي، والتشغيل الآلي للأجهزة المنزلية، والتنبؤ بقرارات المستهلكين، وتوقع احتياجاتهم (دعاك والسعيد ، 2023، 11).
أنواع الذكاء الاصطناعي
لقد صنّف Schroer (2022) الذكاء الاصطناعي إلى ثلاثة أقسام على النحو الآتي:
يعرف أيضاً باسم “الذكاء الاصطناعي الضعيف”، ويعمل هذه النوع من الذكاء الاصطناعي في سياق محدود وهو محاكاة للذكاء البشري. غالباً ما يركز الذكاء الاصطناعي الضيق على أداء مهمة واحدة بشكل جيد للغاية. وعلى الرغم من أن هذه الآلات قد تبدو ذكية، إلا أنها تعمل في ظل قيود وقيود أكثر بكثير من أبسط ذكاء بشري. ومن أبرز الأمثلة على هذا النوع:
يشار إليه أحياناً باسم “الذكاء الاصطناعي القوي” مثل الروبوتات من West-world أو بيانات الشخصية من .Star Trek: The Next Generation الذكاء الاصطناعي العام هو آلة تتمتع بذكاء عام، ومثل الإنسان، يمكنها تطبيق هذا الذكاء لحل أي مشكلة.
من المحتمل أن يكون هذا هو ذروة تطور الذكاء الاصطناعي، لن يكون الذكاء الاصطناعي الخارق قادراً على تكرار المشاعر المعقدة وذكاء البشر فحسب، بل سيتفوق عليها بكل الطرق. قد يعني هذا إصدار الأحكام والقرارات من تلقاء نفسه، أو حتى تشكيل أيديولوجيتها الخاصة.
أمّا المهدي (2023، ص109) فقد ذكر أن الذكاء الاصطناعي يتنوع تبعاً للوظائف التي يقوم بها، وهي:
يعتبر هذا النوع من أبسط أنواع الذكاء الاصطناعي؛ لافتقاره على القدرة على التعلم من الخبرات السابقة أو التجارب الماضية لتطوير الأعمال المستقبلية، واكتفائه التعامل مع التجارب الحالية لإخراجها بأفضل شكل ممكن، من مثل أجهزةDeep Blue التي تم تطويرها من شركة IBM ونظامAlphaGo التابع لشركة جوجل.
يمكن لهذا النوع من الذكاء الاصطناعي تخزين بيانات التجارب السابقة لفترة زمنية محدودة، من مثل نظام القيادة الذاتية حيث يتم تخزين السرعة الأخيرة للسيارات الأخرى، ومقدار بعد السيارة عن السيارات الأخرى، والحد الأقصى للسرعة، وغيرها من البيانات الأخرى اللازمة للقيادة عبر الطرق.
يمكن لهذا النوع من الذكاء الاصطناعي أن ينسب الحالات العقلية إلى عوامل أخرى، مثل الاعتقادات والرغبات والنية، بالإضافة إلى التفاعل مع الأشخاص والتواصل معهم، حتى وإن لم توجد أية تطبيقات عملية له حالياً.
يشير هذا النوع إلى كثير من التوقعات المستقبلية، بحيث يتكون لدى الآلات وعي ذاتي ومشاعر خاصة تجعلها أكثر ذكاء من الكائن البشري، وهو غير موجود واقعياً.
أهمية الذكاء الاصطناعي
تظهر أهمية تطبيقات الذكاء الاصطناعي من خلال الميزات المتعددة للذكاء الاصطناعي والتي تجعل تطبيقاته تتسم بقدرتها على (السعوي، 2024، ص 482):
أمّا دعاك والسعيد (2023، ص12) فبيّنوا أن أهمية الذكاء الاصطناعي في التعليم تتمثل في:
أهداف الذكاء الاصطناعي
للذكاء الاصطناعي عدة أهداف، تتمثل في (صدقة وبنات، 2023، ص 17-19):
خصائص الذكاء الاصطناعي
يتسم الذكاء الاصطناعي بسمات متعددة وخصائص فريدة تتمثل في حل المشكلات مع غياب المعلومات وعدم توافرها، التفكير والإدراك، اكتساب المعرفة وتطبيقها، الاستجابة السريعة للمواقف والظروف الجديدة، بالإضافة إلى أن الذكاء الاصطناعي يتصف بقدرته على التعامل مع المتغيرات والأحوال والظروف الصعبة والغامضة.
وقد أشار زيدان (2023، ص 390-391) إلى الخصائص التالية للذكاء الاصطناعي:
المكونات الأساسية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي
تتمثل مكونات الذكاء الاصطناعي فيما يلي (العتل وآخرون، 2021، ص39):