مقالات

ما -التراث هوما تركه لنا الأجداد من حضارة ومدنية , فيه ما فيه من ثمين وغث , وعلى المعاصرين الإنتباه الى تراثهم حتى لا تضيع هويتهم , ولكن شريطة البحث والتنقيب والفرز.. فيبعد ما لايصلح لحاضرنا , وننتقى ما يصلح لحاضرنا .. فننميه ونزيد عليه إبداعا وخلقا وتطويرا .. وليس بين التراث والمعاصرة إلا خيط الر جوع الى التراث والإنتقاء منه لمواكبة العصر بما لا يشذ عن الأخلاق والقيم .فلا معاصرة بدون تراث .. والذين ينادون بالإبتعاد عن الجذور أو إقتلاعها بغرض الحداثة فهم معتوهى الفكر والتفكير .. فهل يوجد بيت بلا أساس ؟ وهل يوجد طفل بلا أم الا فى حالة آدم وحواء .. ؟ فالحداثة الحقيقية هى الإبداع فيما تركه لنا الآباء بالزيادة والإنماء .. لا بالوقوف على الأطلال .
يقول شوقى: لا تحذ حذو عصابة مفتونة يجدون كل قديم شيئا منكرا
لو استطاعوا فى المجامع أنكروا من مات من آبائهم أو عمرا
من كل ماض فى القديم وهدمه واذا تقدم للبناية قصرا
ويقول عنه عادل الرشيد الإمارتى : كما أفهمه يعنى الهوية , والذاكرة , ونمط الحياة , ونمط الشخصية وطريقة التفكير ,فهو أسلوب حياة , وتفكير على أساس تراكمى مترابط العناصر , يبدأ فى الماضى ويتواصل فى الحاضر , ويستمر فى المستقبل , من دون أن يكون مكانه المتاحف وزمانه الماضى .
القطع المعرفى : مقولة تبنتها جماعة التنوير الغربى ةتعنى القطع مع التراث أى انهاء حالة معرفية ليؤسس حالة معرفية جديدة بالكامل .
-حفظ آثار الأجداد :عام 1917م حاول الثوار الروس أن يهاجموا كنوز القياصرة التى كان الكرملين متخم بها , عندئذ صرخ فيهم كاتب الشعب مكسيم جوركى قائلا : أيها الرفاق اياكم أن تلمسوا حجرا واحدا من هذه الثورة , انها تاريخكم انها فخركم انها رمز قوتكم الروحية وتضحيات آبائكم وأجدادكم , حافظوا عليها ( كتاب شىء اسمه الحب لحلمى سلام )
التراث والمعاصرة :
يقول طه حسين من يركز على الماضى فهو نصف انسان , ومن يركز على الحاضر فهو نصف انسان , ولا أحد يرضى لنفسه أن يكون نصف انسان .
احمد لطفى السيد فى كتابه تأملات فى الفلسفة والأدب والسياسة والاجتماع 1912م :
فبعيد على المصريين الذين يريدون ارتقاء بلادهم أن ينجحوا فى تحقيق إرادتهم هذه الا اذا عرفوا حقيقة أمتهم , وحقيقتها
(2)التقليدهو تقبل آراء الغير دون المطالبة بالدليل , ودون الإلتفات الى حق كل شخص فى استقلال النظر والفحص, أو فى أن يفكر بنفسه لا أن يفكر له غيره.
وهنا لايستخدم العقل بل يستخدم النقل من السلف دون إعمال العقل فيما نقل . وهذا الأمر غالبا ما يؤدى الى التعصب الأعمى لغياب العقل . والأصوليات المعتمدة على النقل حيث أن النقل عن معصومين وليسوا بشرا يجوز عليهم الخطأ والصواب .. ومع ذلك يجب أن ندرس طرق النقل الصحيحة .. وأن لايخالف النقل العقل .. فما جاءت به السماء لا يمكن أن يخالف العقل .. وعندئذ نرجع ذلك إما لعيب فى طرق دراسة المنقول .. أو لغيب لم يزل لم تفك شفرته فى زماننا .. أو أن المنقول نفسه ليس بصواب خاصة اذا خالف البحث العلمى .
(3)التجديدهو إجتناب التقليد واستخدام العقل مع النقل .. وإن اختلفنا فالعقل أرجح كما قال الإمام محمد عبده”ر” أو كما قال العقاد : كل أديب يعبر عن شعوره , ويصدق فى تعبيره فهو مجدد وإن تناول أقدم الأشياء. وهو أيضا إجتناب الإختلاق والمختلق كل من يجدد ليخالف وإن لم يكن هناك موجب لخلاف . ولهذا هاجم العقاد مصطفى صادق الرافعى والمنفلوطى لاعتمادهما على المحسنات اللفظية والتزويق فى النثر والشعر على طريقة الأقدمين.

مناط التجديد الفكرى يتأتى من قدرة الفقه والفقيه على أن يستجيب للتحديات التى يفرضها الواقع والتاريخ فى الزمن والمكان , وأن يربط بين الحلول الفكرية والفقهية وبين الوظائف الاجتماعية التى تترتب عليها .
ويجرى الدمج بين علم الدين وعلم الدنيا ويترابط العمل والعبادة .
الآراء الصائبة فى الاسلام ليست ترفا عقليا يباشره من يشاء ولكنه واجب اجتماعى وفرض دينى لا يتخلص المؤمن من تبعته الاجتماعية الا حينما يؤديه على خير الوجوه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق