مقالات

تأثير الانحراف الاجتماعي على تشكيل شخصية المجتمع (10)

بقلم: د. محمّد طلال بدران -مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلاميّة-

* الفهم السليم لطبيعة وحقيقة الإسلام!
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
لا بد من التأكيد في كلّ مرّةٍ على أن الإسلامُ ليسَ رؤىً مثاليّة أو فرضيات تحتاج إلى إثبات، أو نظريات قابلة للإلغاء، إنّه دينٌ واقعيّ مجرّب يصنع إنسانًا، يبني مجتمعًا، ويُنشئُ أمة، لأن الإسلام وحي والوحي معصوم عن الزلل والخطأ، يستطيع كل فردٍ أن يتكيّف معه، ويعمل في دنياه لعمارتها ويبتغي في نفس الوقت من خلال عمارتها آخرته، مستغلاًّ طاقات الإبداع والابتكار والخَلْق والاكتشاف، لتكونَ الدُّنيا ساحةَ تحدٍّ وصراع وليكون مجتمع المسلمين المجتمع المتميّز المنتج المعطاء، مع الأخذ بعين الاعتبار التصرف بكل حكمة ومسؤولية {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل: 125)، “لأنَّ الدّعوة إلى الله أُساسًا ومرتكزًا من مرتكات التهذيب الاجتماعي في الإسلام القائم على المودّة والرّحمة والخُلُق الكريم أولًا بين المسلمين أنفسهم، ثمّ أثناء ممارستهم العلاقات مع غيرهم {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4) {وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران: 159)، فإذا كان الله تعالى قد توجه بذلك إلى نبيّه الكريم وهو النبي الرسول المعلّم، فكيف بمجتمعات المسلمين؟ ولذلك فمن الضرورة بمكان أن يكون المجتمعُ مجتمعُ المسؤوليّة، مسؤوليّة الحقّ والواجب، والفكر والعقيدة والسّلوك {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (الإسراء: 36)، “لأنَّ في ذلك نأياً عن الخطأ والزّللِ والقلق والتردّد والوسوسة أمام العمل الذي شرَّعه الإسلام إرادةً وإقداماً ويقيناً فالحياة عِبْرة ماضية، ووعي بالحاضر، وعزمٌ وتخطيطٌ واستشرافٌ للمستقبل
” فالإسلام يقود إلى العزِّ والحريّة والتمكين، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (المنافقون: 8) فقضيةُ العزِّ والذلّ في الإسلام ركنُ أركان السياسة والثقافة والاقتصاد، لا سيّما وأنَّ مجتمعات المسلمين عاشت هذا الصراع في كلّ المراحل وشتّى الأزمنة؛ -ولا تزال- وهو ما يحْمِل على الأمل في وعد الله ونصره وتمكينه {ألا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ} (البقرة: 214) وأنَّ عبادَ الرحمن {..لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون..} (البقرة، 38)، وإنْ أثارَ أعداءُ الله اليأس في نفوس الخانعين الكُسالى الذين ينأون عن آلاء الله ويُسره وفرجه، ويخضعون لهم ويوالونهم، فهل يعي المسلمون هذه الحقائق يا تُرى؟.. أُنهي بهذه المقالة هذه السلسلة، وسوف أتناول ابتداءً من مقالة الغد بمشيئة الله تعالى قراءةً في أحد الكتب العظيمة الفريدة والذي سوف أكشف عنه في المقالة الأولى إن شاء الله، فكونوا على الموعد بارك الله فيكم.
– مقالة رقم: (1589)
22. شوال. 1445 هـ
صباحكم طيب، ونهاركم سعيد
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق