مقالات

تأثير الانحراف الاجتماعي على تشكيل شخصية المجتمع (6)

بقلم: د. محمّد طلال بدران -مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلاميّة-

تأثير الانحراف الاجتماعي على تفكك الهوية الوطنية(4)
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
تناولنا في مقالة الأمس الآية الكريمة: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ (الأنفال: 46)، التي تناولت العديد من التوجيهات التي حثّت المجتمع وأفرده على الإلتزام بالعديد من السلوكيات والأخلاق من أجل بناء مجتمعٍ متماسكٍ وحدَويٍ وقويّ، وتجنيبه من الفشل والسقوط في آتون النزاعات والصراعات..، أما في هذه المقالة فسوف أركز على نقطتين إضافيتين تظهران في المجتمع نتيجة انحرافه عن معتقداته وقيَمه وهما: الاجهاض الاجتماعي، وزيادة الأمراض النفسية، وأما النقطة الأولى:
* الإجهاض الإجتماعي
وأعني به إبعاد فردٍ أو مجموعةٍ من الناس عن المجتمع بهدفِ عزلهم اجتماعيًا، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وكذلك فقدان الفرد أو مجموعة من الناس الاندماج والتواصل مع المجتمع بشكل عام، مما يؤدي إلى عزلهم وانعزالهم باختيارهم أو بغير اختيارهم، عن البيئة الاجتماعية، وأما أسباب ذلك فمنها:
1- تأثرهم بثقافاتٍ فكريةٍ دخيلة
فعندما يبتعد الناس عن معتقداتهم وقيَمهم وأخلاقهم فسوف تتشكل في المجتمع مجموعات مكونة من أفراد يشعرون بعدم الانتماء إلى مجتمعهم، وعدم القبول فيه أو الرضى عنه، مما يؤدي إلى عزلتهم عن مجتمعهم بالرغم من أنهم يعيشون فيه، مما يؤدي إلى عدم تفاعلهم معه في السراء والضراء، وتظهر فيهم سلوكياتٍ وتصرفاتٍ شاذةٍ وغريبةٍ ودخيلةٍ على المجتمع، ويظهر ذلك من خلال تصرفاتهم وسلوكياتهم وأخلاقهم وطريقة عيشهم في المأكل والمشرب والملبس والمعاملة.
2- تقليد حياة الغربيين
فالعالم الغربي عالم لا يحمل قيم ومعتقدات سليمة وصحيحة، وأنماط حياتهم مختلفة تمامًا عن أنماط حياة المسلمين؛ -لو التزم المسلمون بدينهم بشكل صحيح- ولقد أصبحنا نرى على سبيل المثال من أبناء جلدتنا ومن أبناء مجتمعنا من يتعاطون المخدرات أو الكحول ويدمنون عليها ويتاجرون بها جهارًا نهارًا، ولا تستطيع أحيانًا إنكارها عليهم، بذريعة الحريّة الشخصيّة، وأن لكل إنسان حريّة التصرّف كما يحلو له، أو بزعم أننا نعيش في مجتمع ديمُقراطي، أو ما عليك بغيرك.. وغيرها من المزاعم الواهية، وبذلك تتراجع قيمة المعتقدات وقِيَم والأخلاق والحَسنِ من العادات والتقاليد الإيجابية، وتغزو المجتمع السلوكيات الضارة بمختلف أشكالها وألوانها، مما يمهّد الطريق إلى حتمية المواجهة بين الأفراد والمجموعات التي يتشكل منها المجتمع بسبب اختلاف نظرتهم للأشياء والتعامل معها…وأما النقطة الثانية وهي: (ظهور الأمراض النفسية) فسوف أتناولها بمشيئة الله في مقالة الغد، فكونوا على الموعد بارك الله فيكم.
– مقالة رقم: (1585)
18. شوال. 1445 هـ
صباحكم طيب، ونهاركم سعيد
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق