الرئيسيةالمنصة الدولية زووممنظمة همسة سماء

مدخل  في اللسانيات الحاسوبية / المحاضرة الثالثة الجزء الثاني امام طلبة الجامعات في كيرلا البكالوريوس والماجستير والدكتوراه واستاذة اللغة العربية في المدارس

بالرغم من هذا التعريف  الجامع الدقيق ولكن نجد أن اهتمامات اللسانيات الحاسوبية تتعدى مفهوم توظيفي تقني إلى معالجة الظاهراللغوية المعقدة وتوصيف علوم اللغة  في جميع مستوياتها داخل الحاسوب حتى يسهل التواصل والمعالجة والتعرف الآلي , وقد يهدف إلىالبرهنة على بعض القضايا اللغوية التي درسها العرب القدماء والتي ظلت  محل جدل حتى عند العلماء المحدثين مثل نظرية العوامل النحوية, وجعلها نظرية توصيفية لحوسبة اللغة في الحاسوب ،مما يشجع تنافس الباحثين على توصيف اللغة العربية داخل الحاسوب الأمر الذييستدعي دراسة عدة علوم تجريبية وتطبيقية لمحاكاة اللغة بالحاسوب, فيمكن القول أن هذا المجال هو مجال تجريبي تطبيقي  محضيخضع  اللغة إلى محك التطبيق وربما هدا التشابك المعرفي لعدة علوم في مجال واحد ، و تداخل  الدراسات البينية في تخصص اللسانياتالحاسوبية

فهو علم يهتم باللغة، بحيث يبحث في اللغة البشرية كأداة طبيعية لمعالمها في الجهاز (الحاسبات الإلكترونية، الكمبيوتر)، وتتمحور مبادئهذا العلم من اللسانيات العامة بجميع مستوياتها التحليلية: الصوتية و النحوية، و الدلالية، ومن علم الحاسبات الإلكترونية ، ومن علم الذكاءالاصطناعي، وعلم المنطق، ثم علم الرياضيات حيث تنسجم هذه الفروع وتتألف لتشكل مبادئ علم اللسانيات الآلي

تحاول أن تعالج اللغة الطبيعية آليان بوضع دماغ آلي قادر على استعمال اللغة مثلما يستعملها الانسان، وبما انه علم يجمع بين اللسانياتو الحاسوب فإن الموضوع الذي يطرحه هو اللغة والحاسوب وهوترجمة اللغة إلى رموز رياضية يفهمها الحاسوب، أو تهيئة اللغة الطبيعيةلغة التخاطب مع الحاسوب بما يفضي إلى أن يؤدي الحاسوب كثيرا من الأنشطة اللغوية التي يؤديها الانسان مع إقامة الفرق في الوقت والكلفة“[4]

عند إدراج اللغة في الحاسوب تصبحلغة قائمة على تفكير رياضي، يستوي في ذلك اللغات الانسانية ولغة الحاسوب، أما اللغات الانسانيةففيها من الظواهر الرياضية قدر غير يسير، و الرياضيات ذات طابع عقلي رمزي تجريدي كما هو معلوم، و اللغة مبنية على الرموز وفيها منالتجريد الذهني ماهو بين الواضح لكل باحث“[5] الصياغة الرياضية لا يمكن الاستغناء عنها في حوسبة اللغة العربية، لأن الحاسوبيعالجها برموز رياضية فهي تلعب دورا مهما في التطور الإلكتروني إذ يقول عبد الرحمان الحاج صالحإن أكبر غلط يمكن أن يرتكبهالباحث في هذا الميدان هو أن يعتقد أن التحليل اللغوي مهما بلغت أهمية هو شيء ثانوي بالنسبة للصياغة الرياضية، وقد لا يصرح غيرلغوي بذلك إلا أن عمله وأفعاله قد تدل على غير ذلك في الكثير من الأحيان“[6]. تقوم اللسانيات الحاسوبية على محاكاة  الحاسوب للعقلالبشري  محاولة بذلك أن يحقق العمليات الذهنية التي يقوم بها، الإنسان كإنتاج اللغة وفهمها وإدراكها، وفقا للبرامج التي يصممها الانسان.[7]

فاللسانيات الحاسوبية علم واسع له عدة تطبيقات، يحول بعض المهام اللغوية إلى أعمال آلية، تسمى المعالجة الآلية للغة

المحاضرة الثانيةنشأة اللسانيات الحاسوبية:

بدأت الدراسات اللسانية الحاسوبية تشغل حيزا كبيرا من اهتمام المشتغلين في حقل اللسانيات اللغوية والبرمجيات الحاسوبية في الآنذاته، ذلك ان ثورة الاتصالات الرقمية وصلت إلى أماكن قصية في هذا العالم و اللغات واحدة من الحقول التي طالتها تلك الثورة من خلالتعدد تطبيقات اللسانيات الحاسوبية وتعدد استخداماتها، وهذا ما جعلها محط اهتمام من قبل الباحثين و المختصين البارزين إلا أنها جاتإثر نتائج جهود متفرقة مما جعل صعوبة في وضع تاريخ زمني محدد لهذا العلم، لكن رغم ذلك مرت بحقب زمنية مختلفة ودول عديدة وعلىغرار هذا القول سنحاول التطرق إليها من خلال عرض مراحل نشأتها عند الغرب و عند العرب

أعند الغرب:

تعود الانطلاقة الألى لنشأة اللسانيات الحاسوبية، عندمابدأ الاهتمام من أهل الاختصاص في اللسانيات والعلاج الآلي للمعلومات بشكلالصياغة المنطقية الرياضية ينبغي أن تصاغ به النظريات اللسانية، يوم ظهرت أول محاولة في صياغة نظرية المكونات القريبةمن طرفالأمريكي [8]Noam Chomskyولكن تعود الإرهاصات الحقيقية للسانيات الحاسوبية عندما شعر أخصائيون في الحاسوبيات، بأهميةالترويج الفعلي بين علوم الحاسوب، وعلوم اللسان ومن بينهم الباحث الأمريكي( P.G Hays)ثم ف. إنجيف (V.Yngve) [9].فالبدايةالفعلية كانت في أمريكا على يد أستاذ علم الدلالة، ومنظم نمذجة اللسانية الدكتور زار تشاك، بحيث يرى أنا البذور الأولى للسانياتالحاسوبية بدأت في قسم اللسانيات بجامعة جورج تاون سنة 1954م و كان ذالك في حقل الترجمة الالية من اللغات الأخرى إلى الانجليزية, و هذا يدل على أن  بداية الخمسينيات من القرن الماضي يعتبر ولادة الالية .

أما في أروبا فكان ظهوره سنة 1961 م بجامعة Göteborg) ) السويدية لكنها كانت محاولة ذات الطابع محلي , أما البداية العلية فكانتلمركز التحليل الالي اللغة بمدينةGalarat  الإيطالية حيث وضع Roberto Busa   سنة 1962م الدعائم الأولى لاستخذام الحاسوب فيدراسة اللغة , ثم توالت بعدها فتح مراكز حاسوبية للغة في كل من أروبا و الإتحاد السوفياتي نذكر منها  [10]

المركز الحسابي لدراسة الأدب و اللغة في جامعة كامبدج سنة 1964م

المركز المعجمي بمجمع دالاكروسكا , بإيطاليا سنة 1964م

معهد الألسنة التابع لمجمع العلوم كييف في أوكرانيا الإتحاد السوفياتي سنة 1964م

ب: عند العرب :

أما بالنسبة للعالم العربي فقد كانت بداية الاستفادة في هذا العلم في السبعينيات و ذالك في مجال العلوم الشرعية , إذ إهتموا في بادئالأمر على إدخال أجزاء معينة من القران الكريم في الحاسوب , ثم أتت أول محاولة لتعريب و ذالك باستبدال اللاتينية بالحروف العربية.  

فبدات تتوسع القصة لتشمل الايصال العلمي بين الحاسوب , و البحث اللغوي كما يذكرابراهيم أنيس ” (1901-1977) م متسائلا عنامكانية الإستفادة من الكومبيوتر (الحسابية اللالية) [11] .و كما كان للزيارة التي قام بها الدكتور إبراهيم أنيس إلى جامعة الكويت عام1971م , بهدف العمل بها , الأستاذ الفضل الكبير للسانيات الحاسوبية العربية , حيث التقى بالدكتور (علي حلمي موسى ) أستاذ الفيزياءالنظرية في جامعة الكويت و طرح عليه فكرة الاستعانة بالة الحاسوب , و يشرح له فكرة الإحصاءات اللغوية و أهميتها في البحث اللغوي , ثم اتقفى على البدء بدراسة إحصائية لجذور كما جاءت في معجم الصحاح الجوهري [12] من خلال الدراسة الإحصائية للجذور الثلاثية وغير الثلاثية لهذا المعجم (324 )ه الذي مر على ثلاث مراحل و هي [13]

المرحلة الأولى : مرحلة إدخال المادة اللغوية في ذاكرة الحاسوب

المرحلة الثانيةفي وضع برنامج له بإحدى لغات الكومبيوتر.

المرحلة الثالثة : في المرحلة التنفيذية ان صح القول أن التنفيذ الفعلي لهذا البرنامج  و أتت نتائج هذه الدراسات على شكل جدول إحصائيةللغة العربية , و حروفها و تتابع أصواتها و خصائص حروفها .

لقد حضي هذا العمل بترحيب من قبل بعض العلماء و الباحثين , رغم وجود فئة أخرى شككت في فائدة هذا العمل على الدرس اللغوي .

و تلى هذا صدور دراسات إحصائية أخرى بإحصاء جذور معجم لسان العرب لابن منظور (711ه-1972م) فدراسة ثالثة لإحصاء جذورمعجم تاج العروس للزيادي (1205ه-1973م) , و إحصاء الفاظ القران الكريم , و من ثم توالت جهود عربية لافراد و مؤسسات علمية وشركات للولوج في هذا المجال من خلال نشر مؤلفات و مقالات , و إقامة ندوات و ملتقات علمية و إعداد برامج و نظم من أجل حوسبة العربية, و يمكن إدراج تأريخ لهذه المساعمات التي سعت لخدمة اللغة العربية و تطورها في مجال اللسانيات الحاسوبية , و أول ما يمكن أن تبدا بههو أهم الندوات و المؤتمرات .

و الجدير بالذكر أن المؤتمر الذي عقد بالرباط بين 26 سبتمبر و 05 نوفمبر 1983م من بواكر الجهود في مجال اللسانيات الحاسوبية و قدساهم في عقدهالمركز الومي للتنسيق و التخطيط العلمي و التقنيفي المغرب . ومعهد الدراسات و الابحاث للتعريبفي المغرب , وقد تم نشر أعماله في كتاباللسانيات العربية التطبيقية و المعالجة الاشارية و المعلوماتية ” .

و قد قسم  الكتاب إلى شطرين تناول الشطر الأول منه : الإطلالة على اللسانيات و الصوتيات للمهندسين , و خصص الشطر الثاني لوصفخصائص العربية , و ثم التركيز على قواعد التصريف و الاشتقاق التي من خلالها ينتج عدد كبير من الكلم و الصيغ المعجمية ذات أنماط ودلالات محددة و ذالك من جذور واحدة[14]

اما ندوة استخدام اللغة العربية في الحاسب الألي التي عقدت في الكويت من 14-16 أفريل 1985م فتناولت مباحث عربية حاسوبية فياتجاه تمثيل النظام الصوتي , و أدلة قراءة النظام الكتابي و معالجة النظام الصرفي النص و تحليله بمدخلين المعجمي و الصرفي [15]

أما الملتقى الدولي الرابع اللسانيات الذي عقده مركز الدراسات الاجتماعية و الاقتصادية بالجامعة التونسية 1987م فقد عرض فيه محمدمراياتي نظاما لانشقاق من الكلمة المجردة في العربية أي الانتقال من الجذور الى مشتقاتها و قد ضمم هذا النظام ليكون جزءا منقاعدةالمعارفأونظام خبيرلقواعد اللغة العربية الصوتية و الصرفية و المعجمية و التركيبية و الدلالية , أما أهم تطبيقات هذا البرنامج فهي :

فهم اللغة , و الترجمة بمساعدة الحاسب , و تعلم اللغة العربية ووضع المصطلحات [16]

اما المؤتمر الأول للحاسب في الكويت من 27- 29 مارس 1989م , فقد قدم فيه يحي هلال يحث بعنوان العلاج الالي العربية و تطبيقاته وقدم محمد حناش مشروعا يرصد فيه كيفية بناء معجم تركيبي الكتروني للغة العربية و ذلك يحصر المداخل المعجمية (الافعال ) , و ذلك فيالبحث :

المعجم الإلكتروني للغة العربية “[17]وتناول المؤتمر الثاني حول اللغويات الحسابية العربية في الكويت من 27إلى 29 نوفمبر 1989مالتوليد والتحليل الصرفيين، والتحليل والتركيب النحويين و تحليل الكلام وتعرفه، والتطبيقات المستفادة باللسانيات العربية الحاسوبية، كفهمالعربية المكتوبة غير المشكولة، والترجمة الآلية، وتعليم النحو، فعرض فيه دواوود عبده بحثه حول بعض الصعوبات في الترجمة الآلية منالانجليزية إلى العربية و العكس صحيح فهدفت المقالة إلى الوصول إلى حلول جذرية لهذه الصعوبات التي تواجه الترجمة الآلية المتبادلة بينالعربية والانجليزية[18]

أما ندوة اللغويات الحاسبة العربية التي عقدت من 19 إلى 21 ذي الحجة 1412ه الموافق 20إلى22جوان 1992م بالقاهرة، فقد تناولتمباحث في حوسبة اللغة العربية وخصائص العربية ووسطية النحو العربي

وبناء على ما صدر من أعمال الجامعة الكويتية نستخلص أن نشأة اللسانيات الحاسوبية كانت بدايتها عند الغرب فهم السباقون إلى مثلهذه الدراسات، أما عند العرب فلم تظهر إلا في السبعينات وتعتبر محاولات محتشمة من بعض المهتمين بعلم اللغة[19]

إن هذه الجهود مؤشر حقيقي على نجاح الحاسوب في خدمة اللغة العربية، وتوظيفه في معالجة قضاياها المختلفة، تحليلا وتوليدا وترجمة،وتعليما، وصياغتها صياغة رياضية دقيقة وفق علاقة متبادلة بين المقاييس العلمية و المقاييس اللغوية[20]

والمحصلة النهائية لهذه الجهود تصب في خانة قدرة العربية، على استعاب لغة العصر وتمثل تقنياته التكنولوجية بكل كفاية واقتدار، وهذهقضية من القضايا التي واجهتها ومزالت تواجهها كينونة الأمة العربية وحضارتها اللغوية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق