هذا المقال نشرته في الماضي وأريد ان انشره مرة أخرى لتكرار حالات الموت التراجيدي , فأحيانا يحدث قتل النفس بيد صاحبها في ظروف تراجيدية , تؤثر تأثيرا عميقا على الاهل والأصدقاء والمعارف , وعلى ضوء هذه الأحداث المؤسفة , أريد التحدث عن الأسباب التي تؤدي الى الانتحار وكذلك الوقاية منه , وللوقوف على هذه الظاهرة نستعرض أمامكم بعض الأبحاث العلميه التي تناولت هذا الموضوع والتي قرأتها , ولخصت لكم زبده ماقرات لتوعية الاهل ولمنع حدوث مثل هذه الحالات ما أمكن , وهي كالتالي :
كما هو معروف الانتحار يعني التخلص من النفس عمداً وذاتيا ، وقد اختلفت الآراء حول هذه المسألة , فهل يعكس الانتحار شجاعة صاحبه ام أنه نتاج جبنه وفشله في علاج مشاكله ومواجهتها. والانتحار هو عدوان تجاه داخل الانسان بحيث تصبح الحياة مريعة ومرعبة ويصل الى طريق مسدود ولا يوجد حل لدى المنتحر سوى الانتحار . وقبل الشروع في الانتحار , عادة ما يكون مسبوقاً بما يعرف “بالانتحار الجزئي ” وهو الانعزال عن الآخرين بسبب الاكتئاب وبالذات الاكتئاب الشديد. وتكثر حالات الانتحار بين الفئات التي تعيش صراعاً نفسياً وانجرافاً قوياً للحياة , كما ان حالات الانتحار تكثر في الشتاء والأجواء القاتمة تؤدي الى الكآبة التي تعد بوابة الانتحار , وهناك اناساً يفشلون في القيام بالانتحار أما بسبب عدم قدرتهم على قتل انفسهم او تم اكتشافهم وإسعافهم مبكراً او بسبب انهم اصلاً لا يريدون قتل انفسهم بل ارادوا ان يوصلوا رسالة للوالدين عبر هذه الوسيلة الاكثر فعالية لتلبية احتياجاتهم اما الاساسية او الثانوية كشراء سيارة او ما شابه ذلك.
بعض الاحصائيات تشير الى ان منتصف الليل هو أكثر الأوقات حدوثاً للانتحار ولربما يعود السبب الى كثرة توارد الخواطر والأفكار والهموم وتذكر المشاكل في هذا الوقت بالذات , أي قبل الخلود الى النوم , وتشير الابحاث ان الانتحار يقل بين الصغار لعدة اسباب لعل من اهمها عجز الطفل عن تصميم خطة محكمة للانتحار او التخلص من النفس , هذا فضلاً عن انشغاله ولهوه بمتع الحياة المختلفة. وتصل نسبة الانتحار بين الاطفال لغاية سن 14 سنة الى اقل من 1% لكل 100 ألف بينما تتضاعف النسبة عشر مرات للأعمار من 15-19 سنة وهذا يدل على ان هذه الاعمار هي اخطر الأعمار عرضة لحدوث حالات الاكتئاب وبالتالي الانتحار بسبب الضغوط النفسية الشديدة التي يواجهها المراهق.
الابحاث تشير أن أسباب الانتحار كثيرة ومتعددة , فهناك حوالي 35% من حالات الانتحار ترجع إلى أمراض نفسية وعقلية كالاكتئاب والانفصام في الشخصية والإدمان على المخدرات والمشروبات الكحولية ومن امراض نفسيه , وكذلك المشاكل الأسرية أو العاطفية والفشل الدراسي لتجنب العار ويعتبر الفراغ الروحي الذي يعاني منه الشباب وتراجع مستوى الوعي الديني أو المستوى الإيماني لدى البعض والإقبال الشديد على الحياة المادية احد الاسباب المهمة للانتحار.
سبل الوقاية :- من خلال الدراسات كما اشرنا في البداية يتضح ان المراهقين هم من يفترسهم الانتحار وبالتالي لابد من مراعاة نفسيات المراهقين والمراهقات وبالذات في السن من 14-25 والتي تعد قمة المراهقة , لابد من الجلوس مع المراهقين وتلبية احتياجاتهم والصبر عليهم ومحاولة إخراجهم من عزلتهم.
لابد أيضا من مراقبة الأشخاص الذين لديهم اي بوادر السلوك انتحاريي كالعزلة مثلاً او الرغبة في استخدام الاسلحة والعبث بها او تكرار كلمات لها مدلولات انتحارية مثل : “انا طفشان” او ” الحياة مالها طعم ” او “اريد ان اتخلص من نفسي ” .
ايضاً لابد ان نبعد الأدوية عن متناول الاطفال بصفه عامة والمراهقين بصفة خاصة وبالذات الادوية النفسية وبالأخص المخدرة منها لأن ذلك يسهل على المراهق “المكتئب ” تناول كمية منها للتخلص من حياته.
علينا ايضا ان نأخذ الحيطة والحذر من تصرفات الفتيات المراهقات اللواتي أبدين رغبتهن في الهروب من المنزل , وان التضييق عليهن دون تلمس احتياجاتهن قد يؤدي بهن الى تناول جرعات عالية من الادوية للتخلص من الحياة.
وهنا لابد ان نشدد على نقطة مهمة ألا وهي ان الشباب هذه الايام اصبح أكثر حساسية واقل تحملاً وأكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالأمراض النفسية عموما نتيجة للتناقضات الاجتماعية في القيم , فلم يعد الشاب يفهم هل المجتمع متدين او غير ذلك , محافظ أو منفتح ولذا ذهب البعض بعيداً عن الدين والقيم الدينية وكانت النتيجة انهم وقعوا فريسة للكآبة وبالتالي التعاسة اذا لم يكن الانتحار خاتمتها إلا من رحم ربي.
الابحاث تشير الى ان العودة إلى الدين هي الوسيلة الوحيدة للحماية من الانتحار او الأمراض النفسية التي بدأت تكتسح الشباب في هذه الأيام.
الدكتور صالح نجيدات