مقالات

أولياء عهد البيوت – صديق بن صالح فارسي

كتب- صديق بن صالح فارسي لهمسة سماء ألثقافهimage

أولياء عهد البيوت. ٠١/ ١٠
بِسْم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
إخواني وأبنائي وأهل محبتي.
٢٦/ ٠٣ /١٤٣٧ هـ

جرت العادة على لسان أهل الزمان الأول هنا في الحجاز أن يلقبوا الإبن الأكبر في الأسرة بلقب ولي العهد وهو عرف جرت العادة عليه بينهم.
وحقيقة هذا اللقب لم يكن جزافاً أو من فراغ فلقد كان له ماله من الدلالات وعليه ما عليه من المسؤوليات والإلتزامات والأهم من ذلك الدور الكبير والهام جداً الذي كان على الأسرة أن تعده له وتنشئه التنشئة اللازمة وتلقنه الدروس والتجارب الضرورية في الحياة والمعاملات في المجتمع ليكون قادراً ومؤهلاً للقيام بها عندما يكبر ويشتد أوده.
ليبقى البيت متماسكاً قوي الدعائم والأركان ولا يسقط بمجرد غياب كبير الأسرة سواءً بوفاة أو مرض أو كبر السن التي جميعها من سَنَن الحياة التي لا مفر منها.
ولابد من مواجهتها والإستعداد لها.

وهناك جانب آخر من عملية إنتقال السلطة مابين الوالد والوالدة إلى الإبن الأكبر بل ومن يليه من الأبناء أو البنات وهو الطريقة والكيفية السليمة لإنتقال السلطة بينهم وهو ما قد ينشأ عنه ما يسمى صراع الأجيال.

حيث لكل زمان كما يقال دولة ورجال.
ولكل زمان له طابعه الذي يميزه عن الزمان السابق وهنا تكون الفجوة بين الأب وأبناءه التي يجب تعالج وينظر إليها بل ويتعامل معها بكثير من الحكمة والدراية المعرفة لتجنب السلبيات التي قد تتمخض عنها هذه المرحلة من مراحل حياة البيوت وتؤثر على كيان الأسرة بشكل أو بآخر.
علموا أولادكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم.
مع المحافظة على ثوابت الدين والأخلاق والقيم الإجتماعية المثلى.
وهنا يظهر أهمية معرفة ماذا وكيف ومتى وأين يجب أن يتم إنتقال السلطة داخل البيت.

وهو ما سوف نعرض له في مجال بحثنا في هذه السلسة التي تعني بدور ولي العهد وهو مانعني به الإبن الأكبر وكذلك ولي ولي العهد وهو الإبن أو الأبناء الذين يلونه في السن وهم عضده الذين يشدون أزره.
قال تعالى سنشد عضدك بأخيك.

قبل الدخول في البحث عن وفي ومع ولي العهد.
دعونا نستعرض أهمية القيادة بصفة عامة في جميع نواحي الحياة ومختلف ظروفها وأحوالها وعلى كل المستويات الأعلى منها والأدنى.

بل حتى على مستوى الطير في السماء والحيوانات في البرية بل وحتى الحشرات والنمل في جحورها فإنها تخضع لنظام قيادي دقيق ينظم حياتها ويضبط علاقاتها.

وكل تلك الأمور أصبحت معروفة مألوفة نراها ونسمعها ونعلمها كلما تطور العلم في عالم الحيوان والحشرات التي فضل الله تعالى الإنسان عنها بالعقل فكان هو الأحق بالإلتزام بمنهج القيادة والحرص على السير عليه كسنة كونية في الحياة.
دلت عليها الفطرة السليمة وحثنا عليها الدين وإلتزم بها السلف الصالح من الأولين والآخرين.

بل إن جميع العلوم والأبحاث والدراسات الحديثة تؤكد دور وأهمية القائد في مسيرة الحياة.
وَمِمَّا ثبت من السنة المطهرة أن رسول الله صَل الله عليه وسلم لم يكن يكلف إثنين في مهمة إلا أمر أحدهما على الآخر.

وقد ثبت عنه أيضاً عليه صلوات ربي وسلامه أنه قال :من أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني) الحديث.

وهناك القيادة بالفطرة بمعنى أنها تكون لدى بعض الأشخاص القابلية والإستعداد الفطري الذي لديهم كمهارة ذاتية تولد معهم.
وتنموا وتكبر بالتدريب والممارسة وخوض تجارب الحياة.
وهناك القيادة المكتسبة التي تتم بالتوجيه والتعليم ووجود القدوة والبيئة المناسبة والمهيأة لصقل المهارات القيادية وغرسها في الشخصية وتعزيز دورها القيادي في محيط الأسرة ومن ثم المجتمع.
فالقيادة بالفطرة بدون التدريب قد تموت وتفقد فعاليتها وقيمتها لدى الفرد.
لذلك يتضح جلياً أن عملية التدريب والتوجيه والممارسة وسط الجو الصحي المناسب وخصوصاً مع توفر القدوات له الأهمية الكبرى في صنع القادة الذين يكونون قادرين على قيادة المجموعات والأسر والمؤسسات بمختلف أشكالها في الحياة.

وتجدر الإشارة إلى أن من لديه الإستعداد الفطري ويخضع للتدريب وتنمية المهارات يكون أكثر كفاءة وقدرة في القيادة من الذي ليس لديه الإستعداد الفطري.

كما أن الذي ليس لديه الإستعداد الفطري إذا خضع للتدريب والممارسة يكون أفضل من الذي لديه إستعداد إلا أنه لم يخضع للتدريب والممارسة وتطوير الذات.

من هنا وعلى رأي المثل القديم لولا المربي لما تعرفت على ربي.
بمعنى أن للتربية الإجتماعية وللمربي الإجتماعي سواءً الأب أو الأخ أو الأم أو الأخت أو المعلم أو المعلمة بمختلف درجاتهم لهم الدور الهام والرئيسي في صنع القادة.

ومن أهم القادة في الحياة هم مدار بحثنا أولياء العهد في البيوت وهم الإبن أو الإبنة الكبرى.
ثم يليهم أولياء أولياء العهد من إخوة وأخوات كل حسب موقعه وترتيبه في الأسرة كأعضاء فاعلين وأعمدة راسخين في البيت يحملون أركانه ويدعمون كيانه لبناء البيت القوي الذي يحمي أصحابه وساكنيه من العواصف وظروف الحياة المختلفة من شدة وضعف ومرض وفقر وغيرها لا سمح الله تعالى من أحداث.

وتجدر الإشارة إلى أن إكتشاف القيادة الفطرية في الأطفال يبدو واضحة من مراقبة الأطفال في أثناء اللعب مع بعضهم فإنك قد تلاحظ أن أحدهم يكون الأكثر تأثيراً فيهم ويستطيع أن يحركهم نحو لعبة معينة أو أسلوب معين والكل يتفاعلون معه وينقادون تحت تعليماته ورغبته.
من هنا قد نستطيع الكشف عن الإستعداد الفطري للقيادة لدى الفرد ونعمل على تدريبه وإتاحة المجال أمامه للممارسة والخوض في غمار الحياة وفقك ما سيتم بحثه في هذه السلسلة بما يوفقنا الله تعالى إليه.

لنصل معاً إلى تطبيق يمكننا من صقل شخصية ولي العهد في البيت ليكون السند والعون ورجل البيت القيادي للأسرة عندما يكبر الوالد في السن ويقل حزمه وعزمه وتضعف قوته وتنتهي صلاحيته كقائد ويجلس في المقعد الخلفي كمستشار وخبرة يقدم ثمرة تجاربه وخبراته في الحياة للأجيال وهكذا تدور عجلة الحياة لتأتي بدورها على المستقبل بما فيه من أنماط جديدة متلاحقة.
وإلى اللقاء القادم بتوفيق الله وفضله.
رعاكم الله تعالى. ?
صديق بن صالح فارسي.

مقالات ذات صلة

إغلاق