لغة الضاد .. اللغة العربية واحدة من أهم لغات العالم، ومن أكثرها ذيوعًا وانتشارًا وشرف الله اللغة العربية بأن جعلها لغة القرآن الكريم، ولسان شرائعه وأحكامه، وتبيان حلاله وحرامه، وخزانة كنوزه وأسراه؛ قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}. [يوسف: 2]، وأكثر ما يميز اللغة العربية امتلاكها لأسباب حياتها، ومقومات بقائها، وقدرتها على الاحتفاظ بأصالتها، مهما تباعد الزمان، وتداخلت اللغات.
واحتفل العالم بـ« اليوم العالمي للغة العربية »، والذي بدأ الاحتفال به منذ عام 2012؛ ويرجع السبب وراء اختيار يوم الثامن عشر من ديسمبر تحديدًا ليكون يومًا عالميًا للغة العربية إلى كونه اليوم الذي صدر فيه قرار الجمعية العامة للأمة المتحدة رقم 3190، والذي ينص على إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، وكان ذلك في عام 1973، بعد ضغط دبلوماسي من قبل المملكة العربية السعودية والمغرب بالتعاون مع بعض الدول العربية الأخرى.
وفي أكتوبر عام 2012، وخلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لليونسكو، تم اختيار يوم 18 ديسمبر ليكون يوما عالميا للغة العربية، واحتفلت اليونسكو للمرة الأولى في تلك السنة بذلك اليوم.
وسنعرض بتلك المناسبة بعض الحقائق التي ربما لا يعرفها البعض عن لغة الضاد، كما يلي:
1. اللغة العربية تنتمي إلى أسرة اللغات السامية، وهي واحدة من أكثر اللغات انتشارا في العالم، حيث يتحدثها أكثر من 422 مليون نسمة يتوزعون في الوطن العربي وعدد من المناطق الأخرى مثل تركيا وتشاد ومالي والسنغال وإيران وإثيوبيا وغيرها.
2. العربية هي اللغة الرسمية في كل دول الوطن العربي، وهي أيضا لغة رسمية في كل من إسرائيل وتشاد وإريتريا، وهي إحدى اللغات الرسمية الست في الأمم المتحدة، جنبا إلى جنب مع الإنجليزية والروسية والأسبانية والصينية والفرنسية.
3. تعرف اللغة العربية بعدة أسماء من أهمها “لغة القرآن”، كونها اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، وأيضا “لغة الضاد”، ويرجع السبب وراء تسميتها بذلك الاسم إلى أن حرف الضاد هو حرف يختص به العرب وحدهم، ونادرا ما يستخدمه العجم.
4. تتعدد اللهجات التي تُنطق بها اللغة العربية من دولة لأخرى حول العالم، وبشكل عام فإن تعدد اللهجات كان موجودا عند العرب منذ أيام الجاهلية، حيث كانت هناك لهجة لكل قبيلة من القبائل، وقد استمر ذلك الوضع حتى بعد مجئ الإسلام، حتى أن المؤرخ والفقيه “محمد بن جرير الطبري” قال: “كانت العرب وإن جمع جميعهم اسم أنهم عرب، فهم مختلفو الألسن بالبيان متباينو المنطق والكلام”.
5. توجد العديد من الأسباب التي أدت إلى تعدد اللهجات العربية قديما، ومن أبرزها أن العرب كانوا في بداية عهدهم أميين لا تربطهم تجارة ولا إمارة ولا دين، ونتيجة لذلك ظهر اختلاف بين اللهجات في الإبدال والإعلال والبناء والإعراب.
6. من أبرز اللهجات والألفاظ التي انتشرت قديما:
– “عجعجة قُضاعة”: والتي تعني قلب الياء جيم بعد العين وبعد الياء المشددة، فكانت كلمة “راعي”، على سبيل المثال، تنطق “راعج” و”كرسي” تنطق “كرسج”.
– “طمطمانية حمير”: وهي تحويل “أل” التعريف إلى “إم”، فكانت كلمة “البر” مثلا تنطق “أمبر”.
– “فحفحة هذيل”: وهي جعل الحاء عين، فكانت “أحل إليه” تنطق “أعل إليه”.
– “كشكشة أسد”: أي جعل الكاف شين، فكانت كلمة مثل “عليك” تنطق “عليش”.
7. كان التواصل بين أفراد القبيلة الواحدة يتم من خلال لهجتها الخاصة، في حين كان التواصل بين أفراد القبائل المختلفة يتم عن طريق اللغة الواحدة المشتركة.
8. ابتكرت النقاط في الأساس من أجل العجم وليس العرب، فالعرب لديهم القدرة على تمييز الحروف بدون الحاجة إلى نقاط من خلال سياق الكلام.
9. توجد العديد من الروايات حول بداية استخدام النقاط للتمييز بين الحروف المتشابهة كالباء والتاء والنون، والفاء والقاف، وغيرها، لكن معظم تلك الروايات تشير إلى أن أول من وضع النقاط على الحروف هو “نصر بن عاصم الليثي”، وهو أحد تلامذة “أبي الأسود الدؤلي” مؤسس علم النحو، وكان ذلك بأمر من “الحجاج بن يوسف الثقافي”، تلافيا لما شاع من أخطاء بين المسلمين من غير العرب؛ وكان أستاذه “أبو الأسود الدؤلي” سبق وأن وضع حركات التشكيل “الضمة والفتحة والكسرة” بتوجيه من الإمام “علي بن أبي طالب”، بهدف تسهيل النطق السليم للكلمات.
10. يُعتقد أن اللهجات العامية الحديثة بدأت في الظهور مع الفتوحات الإسلامية، فعندما بدأ المسلمون الجدد في الدول التي فتحها المسلمون في تعلم اللغة العربية، لم يستطيعوا أن يتحدثوها كما يتحدثها العرب، وحرفوها بعض الشئ، ومع مرور الوقت تغيرت تركيبات الحروف والجمل وطريقة نطقها حتى ظهرت اللهجات العامية الدارجة حاليا.
11. تتباين آراء قدامى اللغويين العرب حول أصل اللغة العربية وبداية نشأتها، فهناك اعتقاد بأن اللغة العربية أقدم من العرب أنفسهم، ويزعمون أنها كانت لغة “آدم” عليه السلام في الجنة، والبعض الآخر يعتقد أن “إسماعيل” عليه السلام كان أول من تكلم بها، لكن لا توجد أدلة أو براهين تثبت صحة تلك النظريات.
12. ويعتقد آخرون أنها لغة قبيلة قريش، على أساس أن أقدم النصوص المتوفرة بتلك اللغة هو القرآن الكريم، فضلا عن أن النبي “صلى الله عليه وسلم” كان من قريش، وأول دعوته كانت بينهم.