الرئيسيةمقالات

حرف “الدال” فخر الصناعة العلمية

 

  • تبدأ رحلة طالب الطب أو الدكتوراه بوضع حرف “د” قبل إسمه

تبدأ رحلة طالب الطب أو الدكتوراه بوضع حرف “د” قبل إسمه، وذلك قبل أن يبدأ بأية خطوة علمية وعملية على أرض الواقع، لأن اللقب يصبح الأهم، فلا يتردَّد الطالب العربي عموماً المُقبِل على الدراسات العُليا، أو حتى طالب الطب في المراحل الدراسية الأولى من وضع حرف “الدال” قبل إسمه.

وعادة ما يسانده باقي أفراد المجتمع، فيتعاظم الشخص ذو “الدال” وتزداد ثقته بنفسه من خلال الحرف لا أكثر، ويصبح مُجرَّد النداء بالإسم فقط هو علامة “إهانة”.

وعلى الرغم من أن العربي بلا شك يحب الألقاب أكثر من الإسم ذاته، إلا أن لـ “دال” خصوصية ورهبة أكثر من “الميم” التي ترمز للمهندس أو “أ” التي ترمز للأستاذ.

يتنشر عادة الاحتفاء باللقب في البلدان النامية، وتحديداً في العالم العربي، ولذلك ثمّة اختلاف لا بدّ من الإشارة إليه في بلدان جوهر العلم فيها هو الألقاب، وأخرى يكون العِلم بوصلة وموجّهاً نحو كل شيء، وفي الغالب فإن المقارنة خاطئة وغير صحيحة، إلا أنها تأتي من باب الاستئناس.

يتحدّث طالب دراسات عليا في ألمانيا عند سؤاله عن عدم إمكانية التدريس في نفس الكلية التي تخرّج منها قائلاً “ربما أنني لست جيداً بما فيه الكفاية” وذلك على الرغم من كونه قد نشر عشرات الأبحاث في مجلات علمية وعالمية محكمة.

ويضيف “عليّ أن أبحث عن جامعة ذي تصنيف عالمي أقل، وعندما أحصل على الخبرة الكافية، بإمكاني الانتقال إلى حيث أشاء” إلا أن لصعود السلم درجة درجة أثره الأفضل.

بالمقابل ما إن تطأ قدما العربي باب الكليات الطبية، أو مجرّد دخوله إلى الدراسات العُليا، يشمخ الرأس ويرتفع، ويصبح للقب “الدكتور” الأثر الأكبر، وذلك على الرغم من الفروقات الكبيرة في الدراسة والبحث بين بلدان العالم الثالث والبلدان المتقدّمة، لعدد من الأسباب أهمها إننا نهتم بالشكل أكثر من المضمون.

ولنكون منصفين، لابدّ من الإِشارة إلى أن للأستاذ الجامعي سطوة وهيبة، حتى في البلدان المتقدّمة، إلا أن تلك الهيبة تأتي من جانب العلم، وبكل رفق ولين، بدلاً من الهيبة القائمة على العجرفة، فلا يلبث “البرفسور” أو الأستاذ الجامعي أن يدعو طلابه بين الحين والآخر إلى الغداء أو العشاء أو الرحلات الترفيهية في أيام العطل الأسبوعية، مع استمرار لصرامة كاملة في الجانب العلمي والعملي، فلا تراخٍ ولا تهاون، ومع هذا لا تسقط “الدال” من إسم هذا البروفسور، بل تزداد ارتفاعاً مع استمرار تواضعه، بالمقابل وفي معظم الجامعات العربية فإن الصرامة تكون في الجانب الاجتماعي أكثر من الأكاديمي، ظناً بأن “الحرف الدال” سيكون أكثر صلابة عندها.

ربما لا يختلف التغنّي بالألقاب والأحرف عن الاهتمام بالشكل والمظهر والملابس والحلّي أو البريستيج الذي غالباً ما يتعب الإنسان العربي ببنائه حول نفسه، إلا أن العِلم يحتاج إلى كثير من التواضع والانحناء، ولذا فإن اللقب غالباً ما يكون حاجزاً ضخماً أمام الاستمرار في التعلّم والبحث.

 

 

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الميادين وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً

المصدر : الميادين نت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق