*التّنمّر نحن استوردناه أم هو موجود فعلًا؟*
للحقيقة أقول، أني ربّما طال الأمر لديّ حتى استوعبت معنى كلمة “تنمّر” ليس لأني لم أفهم جذرها او معناها اللغوي، بل لأنه أُشكِل عليّ الأمر، ولم أعرف ماذا يريدون من خلال مصطلح التّنمّر.
خاصّة وأنه مصطلح جديد لم نعهده أيّام طفولتِنا.
طفولتُنا التي ربّما كان البعض منّا يعاني فيها من مضايقات هنا وهناك من (زعران وشلّة المدرسة).
لكنّنا على الرّغم من ذلك لم نسمع بهذا المصطلح إلّا مؤخّرًا.
وأنا لا أخفي حقيقة أنّ هناك مضايقات لفظيّة وجسديّة ونفسيّة.وهناك مضايقات مباشرة وأخرى غير مباشرة.وهناك مضايقات إلكترونية وغيرها، كل هذا وارد وموجود.
لكنّ ملاحظتي في هذا المقال أنّنا ربّما أعطينا الأمر فوق حجمه، فعند البحث والتّحرّي نجد أن شعوبًا كأوروبّا وأمريكا مثلًا، إذا اطلقت لفظ التّنمّر المدرسيّ، يريدون به حوادث كبيرة وضخمة يصل بعضها لحوادث (((إرهاب))) وقتل عدد من الطّلاب داخل الصّفوف والمدارس.
أمّا ما يبدو لي أنّنا استعملنا المصطلح في غير محلّه والله أعلم.
فاستوردناه بحلوه ومرّه، فضخّمناه بعد أن كان محجّما، واستوعبناه بعد أن كان بعيدًا، وأطّرنا له وقد كان يبحث عن إطار.
*وهنا قد يعترض مُعترض ويقول:* أنّنا لم نستورد هذا المصطلح، بل الحوادث ومواكبةُ الأحداث هي التي أدّت إلى أن نستورد هذا المصطلح.
*أجيبك على اعتراضك فأقول:* ربّما يكون كلامك صحيحًا لكنّنا يجب علينا أن نفرّق بين الظّاهرة وبين الحوادث المتقطّعة.
وأضف إليها أيضًا، أنّنا أمام مجتمعات مختلفة لا بل حضارات مختلفة تمامًا، فشتّان بين ثقافة غربيّة أوروبيّة قائمة ومؤسّسة على المادّة ومنعزلة عن الروح، وبين بيئتنا المحافظة المحاطة بهالة ضخمة تعين على عدم (التّنمر) أو الاستفحال في هذه الظاهرة.فبيئتنا مليئة بالقيم المستمدّة من الدّين والعادات والتّقاليد والموروثات الاجتماعيّة التي لا تساعد على استفحال (التّنمّر) وحتى لو حصل فإنّنا سرعان ما نعالجه في مهده ولله الحمد.
الخلاصة أنّنا ربّما نستورد أحيانًا مصطلحات نريد من خلالها العلاج فنكون بذلك قد ساهمنا بنشر هذه القيمة من حيث لا نريد ولا ندري.
هذا رأيي الخاصّ، وقد عرضته على بعض الأخوة في الاختصاص التّربوي، ولكم أن توافقوني أو تعارضوني بوجهة نظري
الشّيخ أبو بكر محاميد
الخميس
لأربع ليالٍ بقين من شهر صفر ١٤٤٤
وفق ٢٢/٩/٢٠٢٢