اقلام حرة

انتبهوا أيهاالسادة

بقلم الكاتبه أ.رند صادق .. همسة نت

انتبهوا أيهاالسادة

مخالفة الأمور المتفق عليها لا يدل على التمرد، وهدوء البحر لا ينفي غدره وشروق الشمس لا يشير إلى أن السماء لن تمطر اليوم،لا قاعدة ثابتة للأشياء ولا قوانين أبدية وبالطبع لا توجد معرفة كلية، التطور يسكن في المتغير، لذا وجب الانتباه ..
المشهد الكامل للحياة، يكرّس أننا لوحة فسيفساء وجدت متراصة ومتكاملة وأن الحركة المتناقضة والمتنافرة في داخلها، لا تعني انهيار المشهد بل هي في جوهرها عملية إعادة التموضع لتشكيل المشهد الجديد الذي تفرزه متغيّرات الحياة.
من هنا كنت مثلي مثل كثر من زوار الحياة، أظن أن الشهادات العليا الوسيلة الأجدى للفوز والنجاح في رحلة الحياة، ولكن اليوم، أدركت أمرا كان تائها عني، وبالتحديد بعد أن كثر الذين يحملون شهادة «الدكتوراة»، وبات التعامل معهم أمرا صعبا، خاصة أن كثرا منهم يعانون من انتفاخ الأنا والإحساس بالتفوق النوعي على محيطهم . عاشت البشرية فترة طويلة بلا لقب «دكتور» وكانت بخير، فبحسب المراجع التعريفية والتاريخية : « أن أول جامعة في العالم منحت الدرجة العلمية (الدكتوراه) هي جامعة بولونيا، وكان ذلك في عام 1219م. وكانت جامعة بولونيا أول جامعة تبنى في أوروبا، حيث بنيت عام 1088م، في حين كانت الثلاث جامعات التي سبقتها على مستوى العالم، هي جامعة القرويين بالمغرب (بنيت عام 859 ميلادية)، والجامع الأزهر (أسس عام 970 م)، وجامع النظامية بالعراق (أسس عام 1065 م). ثم تلتها جامعة أكسفورد التي بنيت عام 1096 في إنجلترا». أما شهادة الدكتوراة تم تعريفها كالتالي:«بالفرنسية: Doctorat) هي درجة الفلسفة في تخصص معين، وهي شهادة جامعية تمنحها الجامعات المعترف بها، وهي أعلى شهادات التخصّص في مجال ما، وغالباً ما تُسبق بمرحلة الماجستير وتليتها مرحلة الأستاذية، التي تمثل الاختصاص الدقيق، تخوّل هذه الشهادة حاملها للتدريس، وفق اختصاصه في جميع جامعات العالم وممارسة البحث العلمي.
طلب العلم غاية وهدف أساسي في الحياة، ومطلب أوصت به الأديان للنهوض بالمجتمع والتغلب على مشاكله، والتعليم هو معيار تقدم الأمم ورقيها، ومنظومة التعليم في العالم منظومة متفاوتة المستوى وترتبط ارتباطا وثيقا بسياسة الدول التطويرية، وبإجراء مقارنة بسيطة بين حملت الدكتوراة في الغرب وأقرانهم بالشرق سنجد فروقات شاسعة في التفكير والتعاطي : في الغرب العلم واللقب لا يمنحاك درجة مواطن مهم أمام القانون، وكذلك لا يعطياك امتيازات خاصة، أما الاحترام فهو سائد ويشمل كل أفراد المجتمع، في الغرب لا توجد وظيفة وضيعة، وسنجد ذلك في التعامل مع المشاهير والعلماء، وحتى مع رجال القرار في الدول، لا توجد أسوار تخنق الإبداع، بل يوجد فكر حر يمارس حريته وفق الأطر الدستورية والقانونية، النظام الفكري لا يمنح إلا التقدير للإنجازات. أما في الشرق فنجد الصورة المعقدة فغالبا، وأنا لا أحب التعميم، نجد هوة كبيرة في التعاطي بين هؤلاء الذين نجحوا في تخصص ما وتوّج حرف الدال قبل اسمهم وبين مجتمعاتهم، طبعا كل التقدير لمسيرتهم العلمية التخصصية ولكن العلم عدد لا نهائي لا يتوقف عند مرحلة، وهو لا يجب أن يكون مقيدا بل واسعا وشاملا من هنا كان يسمى صاحب المعرفة سابقا بالفيلسوف، أي من يبحث ويعرف بكافة العلوم، لذا كانت الفلسفة تعريفيا هي «أم العلوم» اليوم نجد أننا بتنا نعاني من تخمة «الدكاترة» في مجتمعاتنا العربية ولكننا علميا وتعليميا أين نحن؟ انتباه: ما نقوم به اليوم هو تحصيل اللقب لا تفعيل العلم، أما ما نحتاج إليه هو المعرفة المتواضعة المتطورة التي تقوم بواجبها نحو مجتمعاتها، لا المعرفة التسويقية المادية التي تمارس الفوقية في التواصل مع محيطها، ما نحتاج إليه أيضا القدرة على نقل العلم من برج المعرفة إلى ساحات الحياة والتخلي عن التنظير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق