بقلم الدكتور Harb Shaheen
حقيقة الفكر التوراتي
لم يتقن أي كان في التاريخ، منذ وجود الإنسان على وجه الأرض، فن التزوير والتضليل الفكري والثقافي والإعلامي ، كما أتقنه اليهود، فقد قلبوا حقائق التاريخ والجغرافيا رأساً على عقب، وليس هذا وحسب، بل زرعوه في عقول أعدائهم قبل أصدقائهم وحلفائهم، فعلى سبيل المثل، أقروا استعدادهم بقبول دولة فلسطينية على إجراء من الضفة الغربية وقطاع غزة، ولن نناقش هنا طول هذه الدولة أو عرضها ونظامها وتسليحها، و…
ولكن ما هذه إلا تضليل لا تضليل مثله، ولا يستطيع أي يهودي واحد أن يوافق على هذا، لأنه إذا وافق، فهذا يعني أنه لن يبقى يهودياً وفقاً لتوراته، فالأحداث التوراتية جميعها تدور في القدس والخليل ونابس وأريحا، وليس في تل أبيب أو المستوطنات التي أنشئت بعد قيام الكيان، وإذا ما سُلمت هذه المدن الأربع إلى الفلسطينيين ، وأقاموا فيها دولة، فهذا يعني انهيار النظرية التوراتية بكاملها، وهذا ما يفهمه الحاخامات والساسة في الكيان بشكل مطلق، لا يمكن مجرد البحث فيه.
وقد يرى البعض من السذج ( أمثالنا) أن هذه التوراة مزيفة، وليست السماوية، أقول نحن لسنا بصدد إثبات أنها مزورة أو حقيقية، إن ما يهمنا أن هذه هي التوراة الموجودة بين أيديهم وفي عقولهم وضمائرهم، وهي التي يؤمنون بها، وينفذون ما جاء فيها حرفياً، وهي التي تُمزج مع حليب أطفالهم، وتُدرس في كافة المراحل الدراسية والحياتية، وما الجيش عندهم سوى مجموعة دينية يقودها حاخامات متزمتون، وتُدرس يومياً، في القطاعات العسكرية، وتلقى الاهتمام أكثر من التدريب العسكري نفسه، إن القارئ المتمكن للتوراة، يدرك تماماً أن ما جاء في التوراة يطبق حرفياً، فمثلاً حصار بيروت عام 1982، وما قام به شارون، هو نقس ما قام به يوشع بن نون في أريحا، فقد جاء في التوراة:
« 10حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِكَيْ تُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا إِلَى الصُّلْحِ، 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلَى الصُّلْحِ وَفَتَحَتْ لَكَ، فَكُلُّ الشَّعْبِ الْمَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لَكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لَكَ. 12وَإِنْ لَمْ تُسَالِمْكَ، بَلْ عَمِلَتْ مَعَكَ حَرْبًا، فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ، كُلُّ غَنِيمَتِهَا، فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ، وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 15هكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ الْمُدُنِ الْبَعِيدَةِ. (التثنية: الأصحاح 20).
هذا ما فعله يوشع بن نون في أريحا، هل يختلف عن ما فعله شارون قي بيروت؟
من هذا الفهم، قمت بإعداد دراسات موضوعية وجادة، في محاولة لكشف حقيقة فكرهم والقوانين التي تحكم إجرامهم وإبادتهم لشعبنا، وقد كان كتابي الأول بعنوان:( أرض كنعان في المنظور التوراتي) والذي يكشف بالوثائق الدامغة حقيقة سلوكهم ومناوراتهم وتضليلهم ، والذي يؤكد أن مفاوضات قادة منظماتنا القديمة والحديثة، ما هي إلا مجرد مفاوضات عبثية، بل هي منح كيان العدو الوقت المناسب لتحقيق أهدافه، فإن لم يكن هؤلاء القادة متآمرين ، فهم جهلة بحقيقة العدو، وهنا المصيبة الكبرى.
اشكر كافة الأعزاء الذين لفتوا نظري للتعجيل لفتح هذا الملف، وفي طليعتهم محمد صباح وأم إبراهيم عويس و خولة ياسين.
