مقالات
الْوَلَد الْعَاقّ- نضال عليّ الحسين

الْعُقُوق لُغَة هِي إغْضَابٌ . . . وأكرهها عُقُوقٍ أَوْ إغْضَابٌ الْوَالِدَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا .
الْعُقُوق مَسْأَلَةً لَيْسَتْ بِهَذِهِ السُّهُولَةِ أَن نطرحها بِمَوْضُوع لِلنِّقَاش إنَّمَا هِيَ هَدَم حَيَاة وَهَدْم حَيَاة وَغَضَب فِي الْآخِرَةِ .
وَمَاذَا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى .
(وإن جَاهَدَاكَ عَلَى أَنَّ تُشْرِكَ بي)
الْمَعْرُوفِ أَنْ أَكْثَرَ مَا اهتَمَّ بِهِ الْإِسْلَامَ هُوَ الْأَسِرَّة
وَإِطَاعَة الْوَالِدَيْن جَعَلَهَا الرَّحْمَن وَاجِبٌ وَلَيْسَ مِنْهُ بِالْإِضَافَة لَيْسَ مِنْ الْأَخْلَاقِ أَن يَتَنَكَّر الْوَلَد لِوَالِدَيْه .
وَلَكِن ماأصل هَذَا الْفِعْلُ وَلِمَاذَا يَحْصُل . . . . . .
أَصْلِ الْفِعْلِ هُوَ نُكْرَان لِمَعْرُوف وَتُنْكِر لِمَا قَدَّمَهُ لَهُ وَالدِّيَةُ فِي صِغَرِهِ . . .
قَدْ يَقُولُ أَحَدُنَا . . . أَنَّ الْجَزَاءَ مِنْ أَصْلِ الْفِعْلِ بِمَعْنَى أَنَّ يَكُونَ الْأَبُ عَاقٌّ لِوَالِدِهِ أَوْ لوالداه فَيَأْتِي أَوْلَادِه عَاقِّين لَه . . .
قَدْ يَكُونُ هَذَا صَحِيحًا فِي شَيْءٍ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ قَاعِدَةٌ اسْتِنَادًا إلَى
(ولاتزر وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى)
وَقَدْ يَقُولُ آخَر . . قَدْ يَكُونُ ابْتِلَاء وَهَذَا أَيْضًا مُمْكِنٌ اسْتِنَادًا إلَى
(إنما أَوْلَادَكُم وَأَزْوَاجُكُم عَدُوّ لكم)
عَجُوزٌ وَزَوْجَتِه الْعَجُوز خَرَجَا مِنْ الدُّنْيَا بِوَلَد وَحِيدٌ كِبْرًا فِي السِّنِّ وَقَامَا بِوَاجِبَة حَسَب مايستطيعان وَكُبْرَاه إلَى أَنْ أَصْبَحَ رَجُلاً كَانَا يأملان أَنْ يُرَاعِيَ حَقِّهِمَا عَلَيْهِ . . . .
إلَّا أَنَّهُ خَيَّب ظَنِّهِمَا وَخَاصَّةٌ الْأَب
كَان قَاسِيا مَعَهُ فِي الردود وَكَان يستعر بِهِ إمَامُ أَصْحَابِهِ لِدَرَجَة أَنَّهُ فِي إحْدَى الْمَرَّات شَتَمَه وَرَاح يَضْرِبُه وَيُنْعِتُه بِصِفَات لاتليق بِابْن أَنْ يَقُولَهَا لِوَالِدِه وَفِي إحْدَى الْمَرَّات يُقَالُ إنَّهُ رَاح الْوَلَد يَشْتَكِي وَالِدِه لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِإِحْضَار الْوَالِد . . . .
حَضَر الْوَالِد بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ مُتَّكِئًا عَلَى عُكَّازَتِهِ .
سَأَلَه رَسُولِهِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ماهي قِصَّتَك مَعَ ابْنِك جَاء يشكيك . . .
الْتَفَت الْوَالِدِ إلَى وَلَدِهِ وَقَالَ اللَّهُ يَعْفُو عَنَّا وَعَنْك وَيَرْضَى عَلَيْك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَكِنِّي أَرْجُو اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَك بِأَوْلَاد يَحْمِلُون صِفَاتِك .
صَاح الْوَلَد بِأَبِيه لَن أَكُون مِثْلَك مَع أَوْلَادِي . . .
طَأْطَأ الْوَالِد رَأْسَهُ فِي الْأَرْضِ وَرَاح يَنْشُد
غَذَّوْتُكَ مَوْلُودًا وعلتك يَافِعًا . . . تُعَلُّ بِمَا أَحْنِي عَلَيْك وَتَنْهَلُ . . . .
وَرَاح مُكَمِّلٌ كَلَامِهِ فِي حَضْرَةِ رَسُولُ اللَّهِ وَانْتَهَى بِقَوْلِه
فَلَيْتَك إذَا لَمْ تَرْعَ حَقَّ ابوبتي . . تَفْعَل مايفعل الْجَارُ الْمُجَاوِرُ لِجَارِه .
يُقَالُ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ بَكَى حَتَّى ابْتَلَّتْ لِحْيَتُهُ
الْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْوَلَد وَقَال :
(أنت وماتملك لأبيك)
وَلَكِنْ مَعَ كُلِّ هَذَا لَوْ افترضنا أَنَّ الْعَلَاقَةَ بَيْنَ الِابْن وَوَالِدَيْه هِي عِلاقَة بِيولوجِيَّة أَتَت بِك إلَى هَذَا الْوُجُودِ وَقَدْ قَامَا بواجبهما تُجَاهك وَخَاصَّةٌ إنّك كُنْت عَاجِزٌ عَنْ تَأْمِينِ حاجياتك بِنَفْسِك وَلَا تُنْكِرْ إِنَّك عِنْدَمَا كُنْتُ صَغِيرًا لَمْ تَكُنْ مُؤَهَّلا لِفَهْم هَذِه الْعَلَاقَة
لَقَد قَامَا بِوَاجِبِك حَسَب مايستطيعان وبقيا متكفلان بِكَ حَتَّى إنَّ أَصْبَحْتُ يَافِعًا وَقَادِرًا عَلَى تَأْمِين حاجياتك بِنَفْسِك وَلَا تَسْتَطِيعُ الْإِنْكَار أَنَّهُمَا هُمَا مِنْ قَامَا بتربيتك وَالِاعْتِنَاء بِك وَتَأْمِين كُلّ ماتحتاجه وَأَنْتَ صَغِيرٌ وَهُمَا مِنْ سَهَرًا اللَّيَالِي وَكَانَا يَتَأَثَّرَان بِكُلّ مايصيبك مِنْ حُزْنٍ وَفَرِح وَسَقَم وَهَذَا الْأَمْرُ وَمَنْ النَّاحِيَة الأخْلاَقِيَّة يَتَوَجَّب عَلَيْك مُرَاعَاةُ ذَلِكَ وَرَدَ الْجَمِيل لَهُمَا وَخَاصَّةٌ الْأَبُ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ أَعْتَبِرُك الوريث لِذَاتِه بَعْدَ وَفَاتِهِ أَوْ انْتِقَالِهِ إلَى الْعَدَمِيَّة . . . . .
وَهَذَا الْأَمْرُ يَسْتَوْجِب أَن لاتكون ناَكِرا وَلَا متنكرا لِمَا قَامَا بِه تُجَاهك وَلَوْ مِنْ بَابِ الْمُعَامَلَة بِالْمِثْل
لِذَلِكَ هُوَ وَاجِبٌ أَخْلاَقِيٌّ عَلَى الْوَلَدِ تُجَاه مَنْ آمَنَ لَهُ حَاجِياتِه عِنْدَمَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ تأمينها وَقْتِهَا اقْصِد عِنْدَمَا كُنْت عَاجِزٌ هُمَا مِنْ قَامَا عَلَى رِعَايَتِك وتوجيهك لِمَا هُوَ الصِّح مِنْ وَجْهِهِ نَظَرِهِمَا وبرمجتك نَحْو مايرانه صَحّ ولصالحك . . . .
وَبِمَا أَنَّنَا مفطورين عَلَى الْخَيْرِ ف . الْخَيْر يَقُولُ إنَّ تُقَابَلَ الْمَعْرُوف بِالْمَعْرُوف . . . وَبِمَا أَنَّنَا نُولَد مُؤْمِنِين بِدَيْن أَيِّ دِينٍ فَكُلّ الْأَدْيَان تَحُضّ عَلَى طَاعَةِ الْوَالِدَيْنِ . . . . مِنْ بَابِ أَخْلاَقِيٌّ إِنْسانِيٌّ وَوَاجِبٌ مِنْ وَجْهِهِ النَّظَر الدِّين
وَلَيْسَ بَعْدَ قَوْلِ رَبِّ الْكَوْن قَوْل . . . .
فَكُلّ مانتفلسف بِه ماهُو إِلَّا اجْتِهَادُ وَتَفْسِير بِشَرَّي للعلاقات بَيْنَ الْبَشَرِ ومابين الْبَشَر وَالطَّبِيعَة .
أَيْ هُوَ نِسْبِيّ فِي إِطَارِ الْمُطْلَق . . . . . الْإِلَهِيّ . . . .