اقلام حرة
الانتخابات المحلية والوئام الوطني.
بقلم: تمارا حداد.همسة نت
بعد انتهاء الفترة القانونية لعملية تسجيل القوائم لخوض المرحلة الثانية من انتخابات البلديات المصنفة (أ) و(ب) أصبح الآن الدور الحقيقي على أفراد القوائم العمل على خوض مرحلة ديمقراطية تُعزز تداول انتقال السلطة المحلية بشكل سلمي كخيار شعبي محلي ضمن بقعة جغرافية محلية معينة.
إن أبرز المهام على تلك القوائم قبل الخوض في مرحلة الدعاية الانتخابية لا بد من تعزيز مفاهيم قبول الآخر بغض النظر عن دينه وعائلته ونسبه وحسبه وحزبيته بل النظر إلى مواطنته عليه حقوق وواجبات بشكل متساوي بين الجميع، وترسيخ مبادئ المحبة ونبذ العنف بين الناس بل أن تكون أسس الاختيار على معيار الكفاءة ومدى قدرته على تعزيز أواسط جمع شمل كافة شرائح المجتمع والعوائل وترسيخ سلم أهلي ووئام وطني بين الأفراد ومكونات النسيج الاجتماعي، واعتبار أن المدينة هي الحضن الدافئ والعائلة للجميع يسودها التكافل والتعاون وتعزيز عملية ديمقراطية يكون أساسها اختيار الشعب واحترام قراره.
أما البلديات أحد أطراف الحكم الرشيد والتي عليها إشراك المواطنين من خلال اللجان الرسمية وعبر اللقاءات الدورية وعبر تأطير الجمهور المعني بمشاريع التنمية في لجان متابعة وإشراف ومراقبة لهذه المشاريع، فعليها أن تكون أكثر شفافية في نشر المعلومات وميزانياتها ومشاريعها، وإشراك المواطنين في تحديد الحاجات وتحديد الأولويات عبر الاستفتاءات وعبر المسوحات الاحصائية، كما يقع عليها عبء العمل على إشراك الهيئات المحلية ومنظمات المجتمع المدني في المشاريع المحلية لتلافي المصالح وعدم تعارضها، ولبناء الثقة بين البلديات وهيئات المجتمع المدني.
فمن حق المواطنين التعبير عن مطالبهم وأولوياتهم بشأن طبيعة ونوعية الخدمات المطلوبة، وتحديد الكفاءة والفعالية في كيفية قيام البلديات بتحويل المدخلات إلى مخرجات لتلبية الاحتياجات المطلوبة، وعلى أساس درجة الكفاءة والفعالية يكون المجتمع المحلي راغباً في تقديم موارد متزايدة والمشاركة الفعلية في صنع القرار المحلي، ومن خلال شفافية صنع القرار والممارسات الإدارية تثبت البلديات قدر مساءلتها أمام المجتمع المحلي الأمر الذي ينعكس على شرعية تلك البلديات.
وليس كل حُكم يمارس على المستوى المحلي يندرج في إطار النظام المحلي فالذي يحدد ما إذا كان الحكم “محليا” أم لا هو المدى الذي ينخرط فيه المواطنون المحليون في عملية الحكم، ومدى تعبيرهم عن الاحتياجات والأولويات المحلية، وبالمقابل فإنه ليست كل البلديات تعمل لصالح السكان المحليين بل أنها قد تعمل لاستغلال هؤلاء السكان لصالح النخب المحلية.
تقوم البلديات بالعديد من الوظائف والصلاحيات ضمن حدود مناطقها لتقديم الخدمات اللازمة لتحقيق احتياجات المواطنين المحلية لتحقيق التنمية، والتنمية المحلية هي العملية التي تتم من خلالها تعاون كافة الشركاء” القطاع العام، القطاع الخاص، المنظمات غير الحكومية، مؤسسات المجتمع المدني، افراد” وذلك للعمل بشكل مشترك لمحاولة تعزيز جهود تطوير الاقتصاد المحلي للمساهمة لخلق نمو اقتصادي جيد.
تتحمل البلديات مسؤوليات تنموية متزايدة خصوصاً مع تنامي التوجهات العامة( الاكاديمية والعملية) نحو التنمية المحلية المستدامة. حيث أنه بالرغم من الظروف الصعبة والإمكانات المحدودة لكثير من البلديات فإنها تواجه تحديات تنموية تتطلبها المرحلة التي تعيشها المجتمعات بشكل عام. أن مثل هذه الظروف بالبلديات تؤدي إلى خلق فجوة هائلة بين الطموحات والإمكانات المحلية تفوق العجز المالي المزمن الذي تتعرض له الجهود التنموية العامة.
ومن مهام البلديات ان تقوم بدور ريادي في البناء والتطوير والاعمار، فهي تساهم مساهمة فاعلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ويعتمد ذلك على تركيبتها السكانية وموقعها الجغرافي والمناخي وكذلك تاريخا، الأمر الذي يمنح بعض البلديات ميزة تنافسية على البلديات الاخرى.
إن مهام البلديات تقديم الخدمات المحلية الأساسية مثل خدمات تنظيم المدن وصيانتها والطرق والمنتزهات وخدمات الثقافة والرعاية الاجتماعية ومواجهة الطوارئ وغير ذلك من نشاطات خدمية في المدن والقرى المختلفة، ومن مهامها إقامة بعض المشاريع الانتاجية المحلية التي تسهم في توفير بعض الأموال اللازمة للخدمات المحلية مثل بناء المشاريع التجارية ومواقف السيارات والمسالخ والأبنية وغيرها.
ولها دور في تدعيم الاستقرار الاقتصادي والسياسي والأمني في المناطق المحلية ضمن إطار السياسة العامة لفلسطين، وكما أن البلديات تسعى إلى تحسين قطاع التعليم من خلال بناء المدارس الذكية وإنشاء المدارس الصناعية ومراكز التدريب المهني، والمساهمة في تعزيز النواحي الصحية من خلال الرقابة المستمرة على الأغذية ومياه الشرب، وتسعى البلديات من خلال الموارد البشرية دفع عجلة التنمية من خلال تدريب المورد البشري ليقدم أفضل ما عنده لتطوير الخدمات التي تقدم للمواطنين، وكما أن التقدم التكنولوجي يسهم في دعم التنمية المحلية عبر إدخال قواعد جديدة نحو التحول الشامل نحو البلديات الإلكترونية لتسريع العمل وتوفير الوقت والجهد.
وتلعب البلديات دوراً هاماً في تحقيق التنمية بكافة أشكالها الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والثقافية والسياسية ومن خلال تأهيل البنى التحتية والتي تعتبر الأساس الذي يرتكز عليه النشاط الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فعملية تطوير قطاع المياه والطرق والطاقة وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين يساهم في تعزيز رضا المواطن، وتحسن من نوعية حياة المواطن، والبلديات قادرة على الحد من الزيادة في ارتفاع درجة حرارة الارض من خلال إيجاد أنماط فعالة لاستخدامات الأراضي وتحسين نظم المواصلات، والذي يؤثر إيجابياً على حل مشاكل التلوث والأزمة المرورية، وزيادة قدرة البلديات على الاستثمار.
اما مؤشرات التنمية المستدامة للبلديات كالتالي: القضايا والمؤشرات الاجتماعية والتي تتمثل بالمساواة الاجتماعية حيث تعكس نوعية الحياة والمشاركة العامة والحصول على فرص الحياة، وترتبط المساواة مع درجة العدالة والشمولية في توزيع الموارد واتخاذ القرارات، وتتضمن فرص الحصول على الخدمات العامة منها الصحة والتعليم ومكافحة الفقر وتوزيع الدخل والنوع الاجتماعي، والاهتمام بكل بقعة في المدينة.
وهناك ارتباط وثيق بين الصحة العامة والتنمية المستدامة يُقصد بالصحة توفر كافة الامكانات الوقائية لضمان مستويات صحية لائقة وعلى الأصعدة الفردية والجماعية والمجتمعية عموماً، وهناك علاقة بين التنمية والتعليم من خلال وجود مدارس آمنة حضارية ونموذجية هي إحدى مؤشرات التنمية المستدامة في المجال الاجتماعي، وكما أن السكن والملجأ المناسب هما احتياجات التنمية المستدامة، فيما الأمن الاجتماعي وحماية حقوق المواطن من الاعتداء عليه وتحقيق السلم الأهلي إحدى مؤشرات التنمية المستدامة.
أما مؤشرات البيئة فهي الاهتمام بنوعية الهواء من خلال استصلاح الأراضي وزراعتها والتخفيف من قطع الأشجار والاهتمام بمنابع المياه والحد من تلوثها يؤدي إلى تحقيق احتياجات التنمية المستدامة، وكما تسعى التنمية إلى استغلال الموارد الطبيعية المتاحة بالاستخدام الأمثل.
أما المؤشرات الاقتصادية لها علاقة بإعطاء الفرص للجميع بشكل متساوي، فالتنمية الاقتصادية هي تحريك وتنشيط الاقتصاد المحلي والوطني من خلال زيادة القدرة الاقتصادية مع ضرورة استخدام كافة الموارد لغايات الاستثمار واستخدامها بأفضل الطرق.
والبلديات لها دور في ترسيخ تنمية الاقتصاد المحلي واستغلال الموارد المحلية المتاحة بشكل صحيح لتوفير نوعية حياة أفضل لجميع فئات المجتمع المحلي وتمكين فئات الشباب والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة، كما أن البلديات تتطلع إلى تحقيق تنمية ثقافية من خلال المكتبات الالكترونية التي تساهم في تقديم الكتب والمجلات العلمية والأدبية بشكل ميسر للباحثين والطلاب والأكاديميين والمعنيين بالثقافة بكافة اشكالها.
ومن المهم تعزيز التكنولوجيا داخل إطار البلديات يساهم في تحقيق التنمية الاجتماعية من خلال إيجاد صلة ورابط قوي بين البلديات والمواطنين وتحقيق مبدأ المشاركة المجتمعية والمساءلة والشفافية والتخطيط التنموي وتحقيق رضا المواطنين على البلديات من خلال تحقيق تطلعاتهم واحتياجاتهم المحلية.
خلاصة: البلديات تسعى للوصول إلى التنمية الإقتصادية والاجتماعية والبيئية بما يتوفر لديها من موارد والتي لا تفي لاحتياجات التنمية بما تتطلبه من مصادر تمويل كبيرة لأغراض الاستثمار، ومن هنا يظهر دور المواطن الفلسطيني كأحد الدعائم الرئيسية ومكملاً للدور الذي تقوم به البلديات للنهوض بالإقتصاد والتنمية بكافة مجالاتها باختيار الأنسب للبلديات.