مقالات

اتفاقات الدولة الكامور نموذجا الاسباب و النتائج

كتب الناشط في المجتمع المدني السيد وليد الوقيني من تونس

في تونس بعد 14 جانفي تضاعفت الاحتجاجات و شهدت تونس أشكالا جديدة من الاحتجاج التي كانت كل جهة تقف وراءها تراعي مصلحتها من الاحتجاج و تجد كل المبررات النضالية لاحتجاجها و كانت كل جهة متضررة من حركة احتجاجية بالمقابل تعمد الى اللجوء للقانون و مبدأ هيبة الدولة لضرب الجهة المقابلة و وضعها في الزاوية وصل الحد بالبعض إلى اتهام البعض الاخر بالانقلاب و طبعا تم استسهال هذه المصطلحات حتى لم يعد لها اي معنى واقعي أو قانوني .
في سنة 2015 ظهرت حركة احتجاجية تحت مسمى وين البترول ؟ كانت في اطار حملة اكبر هي حملة حل الدوسي التي تبنتها انذاك احزاب و شخصيات وطنية و كلنا يتذكر الاحتجاجات أمام المسرح البلدي ، و سرعان ما انتقلت شرارة تلك الاحتجاجات إلى ولاية قبلي و كانت حملة وين البترول عنوانا لتحركات شبابية في معزل عن المكونات التقليدية التنظيمية للاحتجاجات و انجم عنها انذاك عزل والي قبلي و إبرام اتفاق مع المحتجين و تثبيت مبدأ المسؤولية المجتمعية للشركات البترولية و ذلك كان بعد محاولات التصدي لتلك الاحتجاجات بواسطة التدخل الامني الذي لم يكن اداة حاسمة للاحتجاج الذي تزايد .
في سنة 2017 تحرك مجموعة من الشبان بولاية تطاوين و كانت الاحتجاجات قد انطلقت منذ بداية شهر فيفري للمطالبة بالتنمية و التشغيل بجهة تطاوين و رغم محاولة السلطة انذاك بزيارة قام بها رئيس الحكومة انذاك يوسف الشاهد التي كانت سببا في تزايد الاحتجاجات و توجه المحتجين إلى إغلاق ” الفانه ” نظرا لفشل الحكومة انذاك في احتواء الاحتجاج بل عمدت الحكومة إلى إعفاء الوالي بعدما حصل من أحداث عند زيارة يوسف الشاهد ، تم ايقاف الانتاج و رأت السلطة انذاك أن اعتماد قوة الدولة هو الحل الوحيد لإعادة السير العادي للانتاج انو في شخص انذاك اصيل الجهة رحمه الله و وعقدت الامور اكثر مما اضطر الحكومة إلى العودة للمفاوضات و إمضاء اتفاق الكامور الذي منذ البداية عديد الاصوات الحكيمة اعتبرته اتفاقا سيكون صعب التطبيق ، لكن الحكومة انذاك آثرت الاستماع الى نفسها غير عابئة بدقة المرحلة و الموقف و تبعات ذلك في المستقبل معتمدة سياسة الإطفاء و إخماد الحرائق .
تنسيقية الكامور ليست هي التنسيقية الوحيدة في تونس بل هناك عديد التنسيقيات في عدد من الجهات و تقريبا السلطة أبرمت اتفاقات مع اغلب هذه التنسيقيات التي كان عليها من البداية قبل التفاوض معهم أن تطلب منهم انذاك تحديد طبيعة قانونية لهذه التنسيقيات قبل اي تفاوض أو يؤطرهم الاتحاد العام التونسي للشغل الذي نجح بالدخول تحت منطق الشريك لتلك التنسيقيات لتسهيل المفاوضات مع السلطة ، و هنا تحديدا كان يجب على العقل السياسي سواء في الحكم أو في المعارضة أن يفهم أن هناك واقع جديد بصدد التشكل نتيجة لضعف الدولة خصوصا لعجزها عن ايجاد حلول تنموية جدية لآلاف الشباب المعطلين عن العمل و جهات تفتقر إلى ابسط المرافق الحياتية ، و الواضح أنه خلال كل الاحتجاجات كان يعمد المحتجون إلى غلق الطرقات و إحراق العجلات و كانت بعض الشخصيات التي نشاهدها اليوم تطالب باسترجاع هيبة الدولة هي نفسها التي تساند اولئك المحتجين نظرا لحسابات سياسية معينة ضيقة و اليوم نجدهم يتمترسون في الدفاع عن فكرة هيبة الدولة و الأصل في الامور انهم قد قاموا بانهاك و استنزاف الدولة وراء شعارات هم يرفعونها تخدم مصالحهم و لا تخدم الدولة و الوطن في شيء .
بعد إمضاء الاتفاق مع والد الشاب المتوفى في تطاوين خلال الاحتجاجات لم تقم الدولة باي اجراءات جدية لتطبيق الاتفاق أو حتى تسهيل عملية إعادة التفاوض حوله ، عاد الاحتجاج خلال أواخر شهر فيفري 2020 و أعيدت خيمة الاعتصام للمطالبة بتطبيق الاتفاق في 21 جوان 2020 عمدت السلطة إلى ايقاف مجموعة من المعتصمين مما نتج عنه أحداث الكل يعرفها بجهة تطاوين انتهت بإطلاق سراح الموقوفين و كالعادة السلطة تعتمد القوة فتتراجع بعد ذلك في نشهد ليست له اي علاقة بمفهوم هيبة الدولة الا من وجهة نظر هاوية لا صلة لها بمبدأ انفاذ القوانين و واصلت في سياسة الامتناع عن التفاوض رغم هذا التراجع عن اعتماد قوة الدولة يعني بلغة لا تفاوض و لا قوة ليبقى الحال على ماهو عليه إلى حد يوم 16 جويلية تاريخ غلق ” الفانه ” مجددا إلى حد يوم الناس هذا و لم أستطع الدولة التي تقودها مجموعة هواة لا التفاوض و لا اعتماد القوة في مظهر عجز تام عن ادارة الشأن العام ، و الآن نرى الاصوات التي تريد من الدولة العودة لاعتماد القوة في الوقت الذي تكاد فيه المفاوضات الوصول إلى حل نهائي ، و لا أرى الا نزعةةمن البعض لمزيد تشنيج الأجواء و النعرات دون فهم الواقع بالمرة ، بعدم الوصول إلى اتفاق في الكامور في ظل الوضع الاجتماعي المتأزم الذي يهدد ببركان اجتماعي قد يجعل من الدولة التي فقدت ثقة مواطنيها بنكولها عن اتفاقها عاجزة عن ادارة الازمات الاجتماعية القادمة الناجمة عن الركود الاقتصادي ، و على الجميع ان يتحلى والعقلانية فكلنا ضد ايقاف الانتاج لكن هذا لا يكون وفقا لما تشتهي
تونس تمر اليوم بمرحلة دقيقة و حساسة و علينا جميعا أن ندفع للمحافظة على ثقة كل المكونات في بعضها البعض فنحن نحتاج أن نواجه الازمات القادمة متحدين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق