مكتبة الأدب العربي و العالمي
في الرسائل رداً عليها… بقلم أحمد زكارنة
الوقتُ الآن، وقتُ تأملِ عيونها العائدة من التباساتِ اللذة المسروقة في نصها المفتونِ باليوميات، بالرغمِ من تلاطمِ الأمواجِ والوجوهِ على حدٍّ سواء، وكأني بصوتِ الراحل حسين البرغوثي وهو يقول: وكنا نحبُ الغموضَ، وكان واضحاً.
أكان البرغوثي شاهداً على ارتباكِ نظراتِها وهي تُصغي لسؤالي المفاجئ والمبتور: لماذا تكرهينني؟
كان الزحامُ على أشدِه، وهي تُقلبُ السؤالَ على جبهتي الحكاية، حكايةِ اللقاءِ الأول، وحكايةِ الإجابةِ المُلحةِ على سؤالِ الصراع المفتعل بين الأنا والآخر في لحظةِ تفكيك اللحظةِ المشبعةِ بالكثيرِ من الكلامِ التائه على عتباتِ الدخول في غرفِ الاعترافِ الإرادي، من نحن!
في أولِ محادثةٍ هاتفيةٍ لإقامةِ جسورِ التواصلِ بيننا، طرحت بدورها سؤالهِا المفاجئ والمبتور والمعلق في آن: لماذا؟ متى التقينا قبلا؟ ولِمَ التقينا؟ ما تاريخُ ذاك اللقاء؟ أين كنا، ولِمَا لم نصل؟
شعرتُ لحظتَها أني تسمرتُ أمامَ بابِ التحيةِ، على حافةِ الإدراكِ بأن العرضَ المستمر لمحاولةِ كسرِ حاجز الغربةِ أو الاغتراب أو الإثنين معاً، قد انفتحَ على جميعِ الاحتمالاتِ المقترحة.
وبينما كانت شفتاي تتحركانِ وحدهما في حوارٍ داخلي بيني وبيني، للردِ على سؤال: كيف سأنخرطُ في الثرثرةِ القلقةِ بشأنِ أهميةِ المجازِ في حضرةِ الواقعِ المأزوم في يومياتنا المزدحمة بالمألوفِ الفائضِ عن الحاجة؟ جاءَ صوتُها بحبلِ النجاة: لا تُحملُ عقاربُ الساعة وزر اللا شيء!
لم يكن هذا اللا شيء يعننا في شيء سوى أنه كان بمثابةِ ذخيرةٍ ثقيلةٍ لرجلٍ وامرأةٍ متمردين غارقين في تفاصيلِ لقاءٍ طويلٍ في وقتٍ قصير؟ وكي لا يزيدُ الدفقُ المسكوبِ في قوارير قلوبنا، فيما البلادُ وأهلُ البلادِ يعيشون الأزمة تلو الأخرى، ذهبنا نتحدث عن الناس في زمن الجائحة، عن امالهم واحلامهم وترهات انفعالاتهم، معرجين على الشعر ولغته الحالمة، والأهم عن حاسة التذوق في عالم الدهشة المتحفزة بلقائنا وكلِ جدارٍ متخيل بيننا قد يكون جاهزاً للارتفاع أو ايلاً للسقوط.
لوحة #فهيمةـغنايم
من مشروع الرسائل الأدبية…