عواصم ثقافيه
كتب الشاعر مصطفى ابو ستيت
ﺟﻠﺴﺖ ﺍﻷﻡ ﺫﺍﺕ ﻣﺴﺎﺀ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﺃﺑﻨﺎﺀﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﺩﺭﻭﺳﻬﻢ … ﻭﺃﻋﻄﺖ ﻃﻔﻠﻬﺎ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ
ﺍﻟﺒﺎﻟﻎ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﻛﺮﺍﺳﺔ ﻟﻠﺮﺳﻢ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺸﻐﻠﻬﺎ ﻋﻤّﺎ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻪ
ﻣﻦ ﺷﺮﺡ ﻭﻣﺬﺍﻛﺮﺓ ﻹﺧﻮﺗﻪ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﻦ ..
ﻭﺗﺬﻛﺮﺕ ﻓﺠﺄﺓ ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺤﻀﺮ ﻃﻌﺎﻡ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ﻟﻮﺍﻟﺪ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻤﺴﻦّ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﻌﻬﻢ
ﻓﻲ ﺣﺠﺮﺓ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻤﺒﻨﻰ ﻓﻲ ﺣﻮﺵ ﺍﻟﺒﻴﺖ .. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺨﺪﻣﺘﻪ ﻣﺎ ﺃﻣﻜﻨﻬﺎ ﺫﻟﻚ، ﻭﺍﻟﺰﻭﺝ ﺭﺍﺽٍ
ﺑﻤﺎ ﺗﺆﺩﻳﻪ ﻣﻦ ﺧﺪﻣﻪ ﻟﻮﺍﻟﺪﻩ ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﺘﺮﻙ ﻏﺮﻓﺘﻪ ﻟﻀﻌﻒ ﺻﺤﺘﻪ .
ﺃﺳﺮﻋﺖ ﺑﺎﻟﻄﻌﺎﻡ ﺇﻟﻴﻪ .. ﻭﺳﺄﻟﺘﻪ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻷﻱ ﺧﺪﻣﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺛﻢ ﺍﻧﺼﺮﻓﺖ ﻋﻨﻪ .
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻊ ﺃﺑﻨﺎﺋﻬﺎ .. ﻻﺣﻈﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺮﺳﻢ ﺩﻭﺍﺋﺮَ ﻭﻣﺮﺑﻌﺎﺕٍ
ﻭﻳﻀﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺭﻣﻮﺯﺍً .. ﻓﺴﺄﻟﺘﻪ : ﻣﺎﻟﺬﻱ ﺗﺮﺳﻤﻪ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ ؟
ﺃﺟﺎﺑﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﺑﺮﺍﺀﺓ : ﺇﻧﻲ ﺃﺭﺳﻢ ﺑﻴﺘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺄﻋﻴﺶ ﻓﻴﻪ ﻋﻨﻤﺎ ﺃﻛﺒﺮ ﻭﺃﺗﺰﻭﺝ .
ﺃﺳﻌﺪﻫﺎ ﺭﺩّﻩ … ﻓﻘﺎﻟﺖ : ﻭﺃﻳﻦ ﺳﺘﻨﺎﻡ ؟؟
ﻓﺄﺧﺬ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻳﺮﻳﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﺮﺑﻊ ﻭﻳﻘﻮﻝ : ﻫﺬﻩ ﻏﺮﻓﺔ ﺍﻟﻨﻮﻡ .. ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻄﺒﺦ .
ﻭﻫﺬﻩ ﻏﺮﻓﺔ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﻀﻴﻮﻑ … ﻭﺃﺧﺬ ﻳﻌﺪﺩ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻣﻦ ﻏﺮﻑ ﺍﻟﺒﻴﺖ …
ﻭﺗﺮﻙ ﻣﺮﺑﻌﺎً ﻣﻨﻌﺰﻻً ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺳﻤﻪ ﻭﻳﻀﻢ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻐﺮﻑ ..
ﻓﻌﺠﺒﺖ .. ﻭﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ : ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ، ﻣﻨﻌﺰﻟﺔ ﻋﻦ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﻐﺮﻑ .. ؟
ﺃﺟﺎﺏ : ﺇﻧﻬﺎ ﻟﻚِ .. ﺳﺄﺿﻌﻚ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻌﻴﺸﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﻌﻴﺶ ﺟﺪﻱ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ..
ﺻﻌﻘﺖ ﺍﻷﻡ ﻟﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻭﻟﺪﻫﺎ !!!
ﻫﻞ ﺳﺄﻛﻮﻥ ﻭﺣﻴﺪﺓ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺵ ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﺗﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻊ ﺍﺑﻨﻲ ﻭﺃﻃﻔﺎﻟﻪ
ﻭﺁﻧﺲ ﺑﻜﻼﻣﻬﻢ ﻭﻣﺮﺣﻬﻢ ﻭﻟﻌﺒﻬﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ؟
ﻭﻣﻦ ﺳﺄﻛﻠﻢ ﺣﻴﻨﻬﺎ ؟
ﻭﻫﻞ ﺳﺄﻗﻀﻲ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻱ ﻭﺣﻴﺪﺓ ﺑﻴﻦ ﺃﺭﺑﻊ ﺟﺪﺭﺍﻥ ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﺳﻤﻊ ﻟﺒﺎﻗﻲ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺃﺳﺮﺗﻲ ﺻﻮﺗﺎً ؟؟
ﺃﺳﺮﻋﺖ ﺑﻤﻨﺎﺩﺍﺓ ﺍﻟﺨﺪﻡ …. ﻭﻧﻘﻠﺖ ﻭﺑﺴﺮﻋﺔ ﺃﺛﺎﺙ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﺍﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﻀﻴﻮﻑ
ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺩﺓ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﺟﻤﻞ ﺍﻟﻐﺮﻑ ﻭﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﺻﺪﺍﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ … ﻭﺃﺣﻀﺮﺕ ﺳﺮﻳﺮ ﻋﻤﻬﺎ ( ﻭﺍﻟﺪ ﺯﻭﺟﻬﺎ )
.. ﻭﻧﻘﻠﺖ ﺍﻷﺛﺎﺙ ﺍﻟﻤﺨﺼﺺ ﻟﻠﻀﻴﻮﻑ ﺇﻟﻰ ﻏﺮﻓﺘﻪ ﺧﺎﺭﺟﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺵ .
ﻭﻟﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ، ﻓﻮﺟﺊ ﺑﻤﺎ ﺭﺃﻯ ، ﻭﻋﺠﺐ ﻟﻪ .
ﻓﺴﺄﻟﻬﺎ : ﻣﺎ ﺍﻟﺪﺍﻋﻲ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ؟
ﺃﺟﺎﺑﺘﻪ ﻭﺍﻟﺪﻣﻮﻉ ﺗﺘﺮﻗﺮﻕ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ : ﺇﻧﻲ ﺃﺧﺘﺎﺭ ﺃﺟﻤﻞ ﺍﻟﻐﺮﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻨﻌﻴﺶ ﺑﻬﺎ ﺃﻧﺎ ﻭﺃﻧﺖ
ﺇﺫﺍ ﺃﻋﻄﺎﻧﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻤﺮﺍً ﻭﻋﺠﺰﻧﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ، ﻭﻟﻴﺒـﻖ ﺍﻟﻀﻴﻮﻑ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ ﺍﻟﺤﻮﺵ .
ﻓﻔﻬﻢ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﻣﺎ ﻗﺼﺪﺗﻪ ، ﻭﺃﺛﻨﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻤﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ ﻟﻮﺍﻟﺪﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻭﻳﺒﺘﺴﻢ ﺑﻌﻴﻦ ﺭﺍﺿﻴﺔ
ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺇﻻ ﺃﻥ .. ﻣﺴﺢ ﺭﺳﻤﻪ .. ﻭﺍﺑﺘﺴﻢ
5