اقلام حرةالرئيسية

الاعتراض يكون عادة على ما هو خاطئ، ما يضر بالمجتمع والمصلحة العامة.

كتب الاعلامي : المعز بن رجب

الاعتراض يكون عادة على ما هو خاطئ، ما يضر بالمجتمع والمصلحة العامة. وهو أعلى درجات النقد الذي لا ينتشر في الدول التي لا تحب الاعتراض ولا النقد، الدول التي تضيق حرية الأفراد وتعودهم على القبول والطاعة والتسليم بالأمور. الدول غير الديمقراطية تحب الطاعة العمياء، وتطرب أذنها للمديح، وتعتبر النقد والاعتراض تمردًا وتشكيكًا في نواياها وكفاءة أجهزتها، كما أن النقد يضعف هيبة الدولة، ويثير الرأي العام، رغم أن هذه الدول تزعم أنها تقبل النقد الإيجابي، وهو في عرفها، ذلك النقد الذي يطري إنجازاتها. هذه الدول لا تعتقد كما هو في الغرب أن واجبها هو خدمة المجتمع أفراداً أو جماعات، وأن المجتمع يتكون من أفراد، وبالتالي فخدمة الأفراد هي خدمة للجماعة.

الدول المستبدة أفقها ضيق وهي بعيدة عن ثقافة العصر، وروحه ذلك الذي يحترم الفرد ويمنحه حقوقاً واسعة، ويملي على الدولة واجبات كثيرة عليها أن تؤديها للمواطنين بطيب خاطر. هذه الدول تخشي النقد والاعتراض لأنها مليئة بالنواقص والعيوب.

الاعتراض من هذا المنظور العصري يكثر في البلدان الحرة، التي يتمتع فيها المواطن بحق النقد وإبداء الرأي دون خوف من سلطه ترهبه، فهو محمي بالقانون الذي يجيز له النقد والاعتراض. بهذا المفهوم فالدول التي يكثر فيها الإعتراض هي الدول الأكثر حرية. يكون الاعتراض رديف للنقد، وشكل متقدم من النقد والإيجابية والتفاعل مع المحيط ، لذا لا يجب أن تخشى الدولة العصرية النقد والاعتراض لأنه يخدمها ويصب في صالحها، فهي دون ذلك لا تعرف أخطاءها ونواقصها الكثيرة، وعادة ما يؤدي كبت النقد والإعتراض الى الانتحار في النهاية والعنف المدمر، وأمامنا أمثلة كثيرة في البلدان العربية.

يعتبر النقد والاعتراض ضرورة للتطوير والتقدم في الدول الحديثة، وهما يؤسسان لخلق المواطن الإيجابي الذي يكترث لما يجري في محيطه الإجتماعي، ويتفاعل مع قضاياه الوطنية والاجتماعية، عادة النقد والاعتراض تجعلان المواطن، ليس متفرجا على الأحداث بل فاعلاً فيها، وصانعاً لها. يكون المواطن في هذه الحالة ذو عقل نشط، متيقظ، وناقد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق