الرئيسيةمقالات

المعلم: رِفْعَةٌ ومسئوليةٌ وشموخ…

كتب : عزت ابو الرب

وكيف لا تكونُ شامخاً؟! وعملُك يقترنُ بما بُعِثَ به رسولُ الله -محمد صلى الله عليه وسلم-، “وإنما بُعِثْتُ معلماً”. عجبتُ لمن يشتركُ مع سيدِ الخلقِ بهذا الشرفِ العظيم، كيف لا يكونُ سامقاً سامياً في أفعالِه وأقوالِه، واثقاً مُعتداً بما هو فيه. كيف لا يجْعلُ من نفسِهِ مِحَجاً يأوي إليه الضالون والمحتاجون والمتعلمون والمنكسرونَ والموجوعونَ والباكونَ والسائلون والمتفقهون والعارفون. كيف لمن أضاء له معلمُ البشرية معالمَ تلك الرسالة الإنسانيةَ أنْ يحيدَ عنها: “إنّ الله لم يبعثْني مُعَنِّتاً و لا مُتَعَنِّتاً ولكن بعثني معلماً وميسراً”. فكيف لا يكون كالماءِ رقةً وكالهواءِ لطافةً، إذا قال أصْغتْ وأصختْ إليه القلوبُ والآذان، وشَخَصتْ إليه العيونُ.
ألا تعلمُ -أيها المعلمُ- أنكَ أعزُّ الناسِ؟ وكّلَ الخليفةُ المأمونُ الفرّاءَ/أبا زكريا ولديْه يلقنُهما النحوَ ويؤدبُهما، فلما أراد القيامَ يوماً، ابتدرا/أسرعا إلى نعله، فقدّمَ كل واحدٍ فردةً، فبلغَ ذلك المأمونَ فقال: ( لن يَكْبُرَ الرجلُ عن تواضعه لسلطانه وأبيه ومعلمِه). وذاتَ يومٍ سأل المأمونُ الفراءَ من أعزُ الناسِ؟ فقال: أميرُ المؤمنينَ. فقال المأمون: بل أعزُ الناسِ من إذا قام ابتدر إلى نعلِهِ ولدا أميرِ المؤمنينَ.
أعرفتَ قَدْرَ نفسِكَ؟ ألستَ تعلو المنابرَ في المدارسِ والجوامعِ والمحافلِ والجامعات؟ ألستَ تقولُ فيسمعُ منك الراضي والكارهُ، المحبُّ والمبغضُ، والعالمُ والجاهلُ، والصغيرُ والكبيرُ، والرئيسُ والمرءوسُ؟
نعم. إن للمعلمِ-خطيباً كان، محاضراً، ربَ أسرةٍ، أستاذاً- رسالةً ذاتَ شأوٍ بعيدٍ، تتطلبُ منا السعيَ الدءوبَ على تأهيلِهِ وتبجيلهِ بما يليق بمكانِهِ ومكانتهِ. وإذا أردنا جيلاً نافعاً واعداً ينهضُ بالبلاد ويأخذُ بها إلى الاستقرار والاستقلال الفكري والاقتصادي، -وبعد أنْ نوفر له عيشةً كريمة- فلا بدَ من منحِه الحريةَ في القول والتعبير الموضوعي البنّاء.
عامٌ جديدٌ.. شامخٌ.. ومبارك
كل عامٍ وأنتم-أيها المعلمونَ والمعلماتُ- بخير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق