الرئيسية
التأكيد على الطابع الشعبي لمسيرات العودة وتعميم التجربة على التجمعات الأخرى
أشادت مجموعة من السياسيين والأكاديميين وممثلين عن المجتمع المدني والشباب بالإنجازات التي حققتها مسيرات العودة وكسر الحصار بعد عام على انطلاقها، داعين إلى التركيز على الطابع الشعبي للمسيرات، والابتعاد عن الأساليب الخشنة والعنيفة، ومؤكدين على أهمية إعادة الاعتبار للتخطيط الجماعي للفعاليات في إطار الهيئة العليا لمسيرات العودة.
وطالب المشاركون بالابتعاد عن التوظيف الحزبي الفئوي لمسيرات العودة من قبل هذا الجهة أو تلك، مع الحرص على تبني شعارات وأهداف جمعية تعزز تعميم التجربة على باقي التجمعات، فضلًا عن تبني خطاب موجه للعالم قادر على استمرار التضامن العالمي مع المسيرات.
جاء ذلك خلال حلقة نقاش نظمها المركز الفلسطيني لأبحاث السّياسات والدّراسات الإستراتيجيّة (مسارات) في مقريه بالبيرة وغزة. وأدار الحوار في البيرة، خليل شاهين، مدير البرامج في مركز مسارات، بينما أدراه في غزة عماد أبو رحمة، المستشار في المركز.
رحب شاهين بالحضور، وقال إن هدف هذه الحلقة إجراء تقييم لمسيرات العودة بعد عام على انطلاقها بهدف تطوير الجوانب الإيجابية ومعالجة السلبيات، في حين نوه أبو رحمة إلى أن النقاش خلال الحلقة يستند إلى ثلاث أوراق حول تقييم التجربة أعدها كل من: خالد صافي، أستاذ التاريخ في جامعة الأقصى، والكاتب مصطفى الصواف، وعصام حماد، نائب رئيس اللجنة التنسيقية الدولية لمسيرة العودة الكبرى.
وقال صافي إن مسيرات العودة تشكل حالة اشتباك مع المحتل وإحدى وسائل المقاومة السلمية التي يجب الحفاظ عليها، وإن كسر الحصار يعد حالة نضالية فلسطينية من أجل توفير المقومات الحياتية الدنيا للشعب الفلسطيني.
وأشار إلى بعض السلبيات التي رافقت مسيرات العودة، ومنها مواجهة الشباب العزل لآلة الحرب الإسرائيلية التي أوقعت الكثير من الشهداء والجرحى ذوي الإعاقة، واختلاف الرؤية السياسية للقائمين على مسيرات العودة، وغياب المشاركة الجمعية لكل مكونات الشعب الفلسطيني، إضافة إلى واقع الانقسام وغياب رؤية إستراتيجية وطنية موحدة، وعدم تقديم الدعم والعلاج الكافي لجميع أسر الشهداء والمصابين، فضلًا عن أن هناك من ينظر لمسيرات العودة على أنها حالة ابتزاز مالي من قبل حركة حماس للجانب الإسرائيلي بدعم قطري، ما أفقد المسيرات رؤيتها الوطنية الإستراتيجية.
ومن السلبيات أيضًا، وفقًا لصافي، التحريض المستمر على مسيرات العودة فصائليًا وإعلاميًا، وإحجام العديد من القيادات عن المشاركة الفعلية فيها، إضافة إلى ضعف البنية التحتية الطبية في قطاع غزة، وكذلك تضرر المزارعين من حشود وأحداث المسيرات على الأراضي الزراعية.
وأوصى صافي باستمرار مسيرات العودة كشكل نضالي سلمي وحالة اشتباك مع العدو، وتشكيل غرفة عمليات مشتركة لجميع الفصائل الوطنية والإسلامية من أجل ضبط وإدارة الحالة النضالية، وعدم احتوائها من قبل طرف من الأطراف لأهداف حزبية، ومحاولة تشكيل غطاء سياسي وإعلامي ومالي عربي إسلامي لدعم مسيرات العودة، إضافة إلى العمل على تعميم تجربة مسيرات العودة في الضفة الغربية كحركة نضالية ضد الاستيطان وتهويد القدس، وإيجاد خطاب إعلامي وطني موحد وأجندة وطنية متوافق عليها للمسيرات، فضلًا عن عدم توظيف المسيرات في التجاذبات العربية والإقليمية والدولية، والعمل على تطوير أدواتها وآلياتها وضمان الحاضنة الشعبية لها.
من جهته، قال الصواف إن مسيرات العودة لم تحقق كل ما يرجوه الشعب الفلسطيني، فالحصار لم يرفع بشكل كامل، ولكن هناك تنفيسات مأمول أن تصل إلى الأهداف الموضوعة، وهذا يحتاج إلى مواصلة المسيرات وتطويرها والحد من السلبيات والأخطاء التي وقعت خلال مسيرة عام كامل.
وأشار إلى أن استمرار المسيرات بحاجة إلى ضبط الأدوات المستخدمة والعمل على تخفيف حدة الإصابات وصولاً إلى نتيجة صفرية، وهذا يستدعي مزيدًا من الوحدة بين القوى والفصائل والشراكة في القرار، والتقييم المستمر للمسيرات للوصول إلى الأفضل، مضيفًا أنه لا بد من الحفاظ على هذه الوحدة في التخطيط والتنفيذ وعدم التفرد في قرار السلم والحرب، ويجب أن يكون القرار مشتركًا ويحدد طبيعة المواجهة مع المحتل وطريقتها وأدواتها.
وتطرق الصواف إلى ضبط الأعداد الكبيرة من الجماهير، مبينًا أنها بحاجة لنشر وعي لدى الجماهير المشاركة، وتوضيح الصورة لها وتثقيفها بشكل يمكِّن القائمين على ضبط إيقاعها وتحريكها، فالمسألة أكبر من التعرض للإصابة أو السعي نحو الاستشهاد، خاصة أننا بحاجة إلى شباب واعٍ ومثقف ومنضبط وقادر على المواصلة والعطاء، موضحًا أنه لا بد من التخطيط الجيد، وتحديد الأهداف المرحلية والإستراتيجية، وتوضيح ذلك للمشاركين، وتبيان الأدوار المنوطة بهم، حتى يلتزم كل واحد بدوره ويقوم به على أكمل وجه.
بدوره، قال حمّاد إن المسيرة حققت ثلاثة نجاحات لم يكن من بينها أي من الأهداف الإستراتيجية ولا التكتيكية، إذ أظهرت أن الفلسطيني لا تكسر إرادته، وأعادت تسليط الضوء على القضية الفلسطينية ولكنها تناولتها من زاوية الحصار على قطاع غزة، وحققت وصول تقرير لجنة تقصي الحقائق بأن إسرائيل ارتكبت جرائم قد ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
وأشار إلى أن المسيرة أخفقت في جذب الساحات الفلسطينية الأخرى بسبب تصدر حركة حماس للمشهد، وهو ما كان واضحًا في 30 آذار 2018، إضافة إلى ربط مسيرة العودة بإنهاء الحصار ومن ثم تحويله إلى الهدف الرئيسي لها.
كما أخفقت المسيرة – وفق حماد – في جذب تعاطف الشعوب المحبة للسلام بسبب عدم وقوف الفلسطينيين جميعًا خلف المسيرة وتباين مواقهم منها، إضافة إلى استخدام الوسائل الخشنة في ميادين العودة وخطاب التحدي بدلًا من خطاب المظلومية.
وحذر من تفكك المسيرة بسبب استمرار حماس في تصدر المشهد واتخاذ قرارات بعيدًا عن الإجماع، وفي مخالفة لما يتم الاتفاق عليه مثل الإرباك الليلي، وبسبب التكلفة العالية التي يدفعها القطاع وشبابه، وارتباط المسيرة بما بات يسمى “السولار والدولار”، الأمر الذي خفض من قيمة الفعل الوطني والنضال من أجل العودة، فضلًا عن عدم إشراك المجتمع المدني ومفكري الوطن في اتخاذ القرارات الإستراتيجية، والفشل في جذب فعاليات عالمية على غرار حركة مقاطعة إسرائيل.
وأضاف أن من الأسباب التي تنذر بتفكك المسيرة عدم تبني الخطاب الرسمي الفلسطيني لمسيرة العودة وعدم القيام بالواجبات القانونية تجاه تجريم الاحتلال في المحافل الدولية، فضلًا عن واقع الانقسام، والعقوبات التي تفرضها السلطة على قطاع غزة.
وأوصى حماد بتشكيل هيئة أمناء مسيرة العودة الكبرى من مائة شخصية فلسطينية في أماكن مختلفة بحيث تمثل هيئة الأمناء كافة المناطق الجغرافية التي يتواجد فيها الفلسطينيين، تقوم بالإشراف على نشاطات ثقافية وفلكلورية وفكرية وفنية في اعتصام يقام يوم السبت في كل دولة أو إقليم، ما من شأنه جذب المناصرين لهذا الحق حول العالم.