مقالات
أولياء عهد البيوت. بقلم صديق بن صالح فارسي
اولياء عهد البيوت / الجزء الثالث ٠٤/ ١٠
بِسْم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
إخواني وأبنائي وأهل محبتي.
٠١ / ٠٥/ ١٤٣٧ هـ.
وليّ عهد البيت – الإستخارة والإستشارة.
ماخاب من إستخار وما ندم من إستشار.
العصمة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام فقط.
وليست من شروط الإستخارة العصمة من الذنوب إنما المطلوب هو الإستغفار من الذنوب.
فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وباب التوبة مفتوح ليلاً ونهاراً بفضل الله تعالى.
المطلوب هو عدم اليأس من رحمة الله تعالى.
المطلوب هو حسن الظن بالله تعالى.
المطلوب هو الحرص على الصدق وقول الحق.
المطلوب هو الحرص على الكسب الحلال.
المطلوب هو سلامة القلب من الغل والحسد.
المطلوب هو مجاهدة النفس على الطاعات والأعمال الصالحة والإكثار منها.
بقدر ما تنال حظك من تلك المطلوبات بقدر ما ترتقي بمنزلتك والله أعلم .
واذا أردت أن تعرف المنزلة التي وصلت إليها ومكانتك عند الله فهناك علامات كثيرة يبعثها الله تعالى اليك.
لتثبت بها قدمك وتقوى بها نفسك وترتقي بها روحك.
مثل الراحة والطمأنينة في القلب.
التوفيق لمزيد من الطاعات وحب الخير وأهله.
وكذلك ثناء الناس الصالحين عليك.
وأيضاً التوفيق لقيام الليل وصلاة الفجر.
وكذلك أن تسرك طاعتك لله وتسيئك معصيتك وتقصيرك.
كل تلك الأمور قد تكون من عاجل بشرى المؤمن ليثبت الله بها من يشاء من عباده.
ولعل من تلك البشائر او من أهمها أن يوفقك الله ( لعبادة الإستخارة ).
والتي يفتح الله بها لعباده من الفتوح والبشائر ما يكون خيراً لهم في العاجلة وبشرى بإذن الله بين يدي الآخرة.
عبادة الإستخارة إنما تكون بالإنطراح بين يدي الله تعالى والتودد إليه والإنكفاء على بابه راجياً برد عفوه وواسع رحمته.
مسلماً أمرك له ومستسلماً بين يديه ترجو فضله وتؤمل جوده وتمرغ خديك على نسائم إحسانه وبره تبارك وتعالى.
كم نصادف ونرى من عُبَّاد الله منطرحين في أطراف المساجد وقد ألقوا برؤوسهم في حجورهم واغمضوا أعينهم في سكون وخشوع وقد أسلموا أرواحهم لله تعالى وربما كانوا شعثاً غبراً.
يحسبهم الجاهل أشقياء من بساطة ملبسهم وردائة مظهرهم لا يأبه بهم أحد ولا تلتفت اليهم بشر وربما كانوا مدفوعين في الأبواب اي لا يسمح لهم الدخول في أماكن زينة الحياة الدنيا ولكنهم لو أقسموا على الله تعالى في أمر يطلبونه منه لأبرهم وأنفذ لهم قسمهم وأجاب طلبهم لما لهم من منزلة عنده تعالى.
أولئك هم اولياء الله الذين لاخوف عليهم ولا هم يحزنون.
أولئك هم أسعد الناس وأفضل من يمشي على الأرض بعد الأنبياء عليهم السلام.
أولئك الذين وطّدوا أنفسهم على عبادة الإستخارة وعلقوا قلوبهم بخالقهم فهم يمشون على نور من ربهم.
ليس بالضرورة أن يكونوا من العلماء أو الحفاظ او الذين يأخذون بقسط كبير من الإلتزام بالعبادة او الإلتزام بمظهر معين أو لَبْس معين أو هيئة معينة.
وليس بالضرورة أن يكونوا من أولئك البسطاء او من يعرفون بالدراويش او من يبدوا عليهم البعد عن أنشطة الحياة الإجتماعية المباحة وزينة الحياة الدنيا والطَّيِّبَات من الرزق التي أخرجها الله لعباده.
إنما هم أناس أجسامهم في الأرض وأرواحهم في السماء.
ولماذا لا تكون انت وانا وكلنا منهم.
أولئك هم عُبَّاد الرحمن.
ولعل عبادة الإستخارة هي الوسيلة التي تتهذب بها النفوس وتتدرب عليها وبها الأرواح لترتقي في درجات الكمال والجمال من خلال الوصال والإتصال بأبواب السماء المشرعة للمتقين.
عندها تطيب الدنيا وتكون بشرى بين يدي الآخرة
فكم هي مهمة وجميلة وممتعة عبادة الإستخارة التي تخلى عنها الكثيرون منا في الدنيا هرباً او تهرباً من اللقاء الذي هو تدريب لنا على اللقاء العظيم في الآخرة بربنا تبارك وتعالى.
الأحوال التي تكون عليها عبادة الإستخارة.
——————————–
فإنها تكون والله تعالى أعلم على عدة حالات لعلنا نوفق في التطرق الى بعضها على اغلب قول اهل الخبرة وممن وفقهم الله تعالى وهداهم اليها.
كما سبق الإشارة الى حديث تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته لعبادة الإستخارة.
فإذا كان للعبد حاجة ويريد من الله أن يُبين له ما يحقق له فيها المصلحة والخير.
فإن عليه أن يتطهر ويصلي ركعتين من غير الفريضة ويدعوا بدعاء الإستخارة المعروف والمشهور.
ثم يضجع ( ينام ) على فراش طاهر.
ويغلق عينيه ويصفي ذهنه ويأخذ في التوسل الى الله تعالى بأي دعاء او بإسم من أسماء الله الحسنى او بآية من القرآن ويظل يكررها ويكررها ويكررها……!
حتى يغلبه النعاس او النوم وهو على هذه الحالة.
وكلما وعي لنفسه قام بإعادة الآية او الدعاء او اسم من اسماء الله الى ان يفتح الله عليه بما ينشرح له صدره وتطمئن بها نفسه.
وعليه تجنب الدعاء بما فيه إثم او قطيعة رحم اوالأدعية والعبارات التي فيها شرك بالله او خزعبلات ليس لها اساس من الكتاب والسنة.
عندها سوف تكون احدى الحالات التالية.
وذلك حسب مكانة العبد المستخير عند الله.
الحالة الأولى.
قد يفتح الله تعالى له من العلم والنور والأسرار مالايعلمه إلا الله وبفضله على من يشاء من عباده.
الحالة الثانية.
أن يرى وهو مابين النائم والمستيقظ ( ومضة ) لأحداث يستدل من خلالها على الشيء الذي طلب الإستخارة من اجله.
الحالة الثالثة.
أن يرى فيما يرى النائم ( رؤيا ) توضح له الأمر الذي يريد الإستخارة له وتكون وضوح الرؤيا ودلالاتها حسب منزلة العبد من الله.
الحالة الرابعة.
أن يستيقظ من نومه فرحاً مسروراً خفيفياً متفائلاً فهي قد تكون من دلائل إيجابية الأمر المطلوب وجدواه.
او انه يستيقظ من نومه على عكس ذلك فقد تكون من دلائل سلبية الأمر المطلوب وعدم الجدوى منه.
الحالة الخامسة.
قد لايرى شيء ولا يحس بأي شيء لا إيجابي ولا سلبي.
إلا أنه هنا وبما أنه قد فوض الأمر لله تعالى فإن الله تعالى لن يتركه ولن يخزيه لأنه كريم لايرد من إلتجأ اليه.
فهو لو كان الأمر المطلوب إيجابي بالنسبة له فسوف تتيسر الأمور ويتمه الله بخير.
أما لو كان غير ذلك فإن الأمر سوف لن يتم ولن يحصل وربما حصل أي ظرف أو عذر يعطل الموضوع.
ويقدر الله بدلاً عنه الأمر الذي فيه الخير والصلاح للعبد بما سبق في علمه تعالى.
ومن الآداب أن يكرر الإستخارة مرة بعد مرة.
لربما أن الله يحب سماع صوته أكثر وهو يلح في طلبه له بالدعاء والتوسل إليه .
ومن الآداب أنه اذا لم يرى شيئاً.
فعليه أن يراجع نفسه وينظر في جوانب التقصير التي عنده ويحاول أن يصلح من أمره لينال القبول من ربه تعالى.
ومن الآداب أنه لو حصلت الإستخارة في الأمر على عكس ما كان يرغب.
فليس له أن يصر على ما كان في نفسه قبل الإستخارة ويخالفها.
الخلوة مع الله تعالى.
حتى لو لم يكن للعبد حاجة معينة فهو في حاجة للقيام بتلك العبادة التي تسمو بها روحه الى عنان السماء تناجي ربها وخالقها وتستمد منه تعالى القوة والصبر والنصر من حين الى حين وتخلو بها مع الله ساعة فمن حرمها فقد حرم الخير كله. والحمد لله رب العالمين.
عندها أدرك حكيم الزمان الآذان.
فأمسك عن الإفصاح والتبيان.
وإلى اللقاء القادم رعاكم الله تعالى. ?
صديق بن صالح فارسي.