اخبار العالم العربي

السياسات العربية مع أفريقيا وهم و العرب بلا سياسات.. / د.عامر عادل

أن المرحلة الحالية للوضع المصري – الإفريقي تعد مرحلة نشطة وفعالة، استجابة لما تقوم به الحكومة المصرية لاسترجاع الروابط الوثيقة بين جميع الأطراف المعنية بالاهتمامات نفسها، والرغبة في ترسيخ العلاقات، و تعميقها، بعد مرورها بفترة من الركود أصابتها، نتيجة للمتغيرات السياسية، والاقتصادية التي مرت علي الساحات: العربية، والمصرية، والإفريقية.

أن الخطاب السياسي والإعلامي الصهيوني الموجه لإفريقيا استخدم منذ البداية قضية المقارنة بين تجارة العبيد ومحرقة اليهود لكسب قلوب وعقول الأفارقة، وتعطي علاقة إسرائيل ورواندا مثالا آخر على محورية التوظيف السياسي لخبرات الإبادة الجماعية المشتركة. سياسيا، لا توجد علاقة بدون عائدات، وتعتبر إسرائيل أن إفريقيا ـ خصوصا دولها المسيحية ـ هي عمقها الاستراتيجي في منطقة تنظر إليها كسرطان مرضي يجب أن يزول. سياسيا، تسعى إسرائيل ـ من خلال علاقتها بإفريقيا إلى تحقيق هدفين متلازمين هما: الهيمنة والسيطرة في إطار محيطها الشرق الأوسطي، ثم شد أطراف نظم الجوار الإقليمية الكبرى بما يمكنهما من تحقيق الاختراق والسيطرة المنشودة، أما ثقافيا، فتسعى إلى تحييد إفريقيا المسلمة عن الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي

باعتباره قضية عربية لا شأن للأفارقة بها. واحتجت المغرب على مشاركة جبهة البوليساريو في اجتماعات أفريقية عربية في العاصمة الغينية، ما أدى إلى تأجيلها إلى موعد لم يحدد، في وقت يواصل العاهل المغربي، الملك محمد السادس، جولته الأفريقية، والتي تشمل دولا وقفت دائما ضد المغرب إلى جانب الجبهة.

فأعلنت المغرب والسعودية والإمارات والبحرين، انسحابها من القمة العربية الأفريقية بغينيا الاستوائية، لإصرار الاتحاد الأفريقي على مشاركة وفد “الصحراء” في القمة. إن انسحاب وفود المغرب والسعودية والإمارات من القمة تسبّب في خلل كبير بأعمال القمة، ما اضطر رئيس المجلس الوزاري للقمة، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الكويتي وزير الخارجية، الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، إلى رفع أعمال اجتماعات المجلس الوزاري إلى وقت لاحق لم يحدد. أن هذه الخلافات ستتسبّب في فشل القمة العربية الأفريقية الرابعة التي ستنطلق الأربعاء، في الوقت الذي بدأ فيه عدد من الرؤساء في التوافد إلى غينيا الاستوائية للمشاركة في أعمالها. أن الدول الأفريقية ستعقد اجتماعا طارئا اليوم، لبحث هذا الخلاف مع الدول العربية، وبالمثل سيعقد رؤساء وفود الدول الثلاث المغرب والسعودية والإمارات اجتماعا لبحث الأزمة، وإمكانية إيجاد حل لمواصلة أعمال القمة.

وحصلت جبهة البوليساريو وداعموها على عضوية منظمة الوحدة الأفريقية 1982، ما أدى إلى انسحاب المغرب من المنظمة رسميا عام 1984. تجدر الإشارة إلى أن المغرب تقدم في شهر سبتمبر الماضي، بطلب الالتحاق بالاتحاد الأفريقي، بعد 32 عاما من انسحابه من العمل الأفريقي المؤسساتي الجماعي، ومن المقرر أن تبتّ قمة أفريقية تعقد في يناير القادم في هذا الطلب. إن أزمات المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ومستجداتها إضافة للشراكة الاقتصادية والتنموية بين الجانبين العربي والأفريقي، ستكون في مقدمة الموضوعات المطروحة على القمة العربية الأفريقية في دورتها الرابعة وتصر الرباط على أحقيتها في الصحراء، وتقترح كحل، حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيادتها، بينما تطالب “البوليساريو” التي تدعمها الجزائر بتنظيم استفتاء لتقرير مصير المنطقة التي شهدت نزاعا مسلحا بين الطرفين. وربطت الدول العربية المنسحبة تغيير موقفها بما وصفته بـ”عودة الأمور إلى نصابها”، وقالت إن “جل الدول ساندت هذا الموقف الواضح والمنسجم مع مبادئ القانون الدولي وعلى رأسها احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية”.

أن الاتحاد الأفريقي لم يوجه دعوة رسمية إلى جبهة البوليساريو للمشاركة في القمة العربية الأفريقية، وأن المشكلة تكمن في وضع يافطة الجبهة داخل قاعة الاجتماعات المخصصة للقمة. من المعروف أن الصراع الإيراني مع دول مجلس التعاون الخليجي وصل إلى ذروته بسبب دعم طهران للرئيس بشار الأسد في سوريا، في المقابل شهدت العلاقات الجزائرية الإيرانية توافقًا واضحًا في السنوات الأخيرة، ويتضح ذلك من خلال الزيارات الرسمية بين الدولتين مع انتعاشًا ديناميكيًا بين طهران والجزائر. وتعد الجزائر من أكثر الدول الداعمة لجبهة البوليساريو وللجمهورية الصحراوية في المحافل الإقليمية والدولية لدعم الجبهة في الحصول على عضوية الاتحاد الأفريقي عام 1982 وهو ما أغضب الجارة المغربية من سياسة الجزائر الداعمة للجمهورية الصحراوية.

وتأتى القمة الخليجية المغربية كرسالة للجزائر بسبب سعيها للتقارب من إيران عقب توقيع الاتفاق النووي، وزيارات وزير الشئون المغاربية والاتحاد الأفريقي عبد القادر مساهل إلى سوريا ولبنان، ثم زيارة وزير الصناعة الجزائري عبد السلام بوشوارب إلى إيران منتصف شهر مايو الماضي.

وللجزائر مواقف واضحة في الأزمة السورية والأزمة اليمنية بالإضافة إلى تحفظها على تصنيف حزب الله اللبناني كمنظمة إرهابية، وكذا تطابق مواقفها مع طهران في القضية الفلسطينية وهو ما استدعى العاهل المغربي لتذكير دول الخليج بمواقفها الداعمة للمغرب في استرجاع الرباط لأقاليمها خلال مشاركتها في المسيرة الخضراء عام 1975.

ولا يخفى أن مصالح دول مجلس التعاون الخليجي والمغرب تتوافق مصالحها المشتركة في أزمة الصحراء والأوضاع في سوريا واليمن، فيما تتقارب المصالح الجزائرية والإيرانية في الأزمة السورية واليمنية والقضية الفلسطينية وموقف الدولتين الداعم لجبهة البوليساريو في أزمة الصحراء، وهو ما أدى لحالة استقطاب سياسي طفت على السطح عبر إعلان الرباط ودول الخليج انسحابها من القمة “العربية – الأفريقية” في غينيا.

أن الدول الأفريقية ستعقد اجتماعا طارئا اليوم لبحث هذا الخلاف مع الدول العربية، وبالمثل سيعقد رؤساء وفود الدول الثلاث المغرب والسعودية والإمارات اجتماعا لبحث الأزمة وإمكانية إيجاد حل لمواصلة أعمال القمة. وبدأت قضية الصحراء عام 1975، بعد إنهاء الاستعمار الإسباني لها، ليتحول النزاع بين المغرب و”البوليساريو” (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب) إلى نزاع مسلح استمر حتى عام 1991، قبل أن يتوقف بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية الأمم المتحدة. وتُصر الرباط على أحقيتها في الصحراء، وتقترح كحل، حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيادتها، بينما تطالب “البوليساريو” التي تدعمها الجزائر بتنظيم استفتاء لتقرير مصير المنطقة. وكانت المملكة السعودية قد تقدمت بطلب لاستضافة القمة الخامسة بالرياض في العام 2019.

أن هذه الخلافات ستتسبّب في فشل القمة العربية الإفريقية الرابعة التي ستنطلق الأربعاء، في الوقت الذي بدأ فيه عدد من الرؤساء في التوافد إلى غينيا الاستوائية للمشاركة في أعمالها. أن الدول الأفريقية ستعقد اجتماعا طارئا اليوم، لبحث هذا الخلاف مع الدول العربية، وبالمثل سيعقد رؤساء وفود الدول الثلاث المغرب والسعودية والإمارات اجتماعا لبحث الأزمة، وإمكانية إيجاد حل لمواصلة أعمال القمة. إن السعودية تساند المغرب في انسحابها من القمة و”كل مايمس سيادة الدولة المغربية ترفضه السعودية”. واقترح رفع علم “الصحراء” من على طاولة الدول المشاركة حتى يتم التوافق على حل لمواصلة الاجتماعات، مضيفا أن غينيا الاستوائية “لم تقدم دعوة للصحراء”. رسالة مهمة من المملكة!!

السعودية تعلن أنها ستدخل عصر شراء المياه لشحن مياهها الجوفية التي نضبت بفعل استنزافها في الزراعة الصحراوية غير الاقتصادية!! المورد الأول سيكون السودان ولكن المورد الرئيس المتواري خلف السودان سيكون إثيوبيا، ولن يقتصر الأمر على شحن المياه الجوفية بل ومياه الشرب والصناعة، وأتوقع دخول الكويت وقطر بعد السعودية!! لقد بدأوا يلعبون في الأمن القومي المصري وعلينا الانتباه!

مقالات ذات صلة

إغلاق