نشاطات
الديانة الأيزيدية
تشير التقديرات إلى أن عدد الأيزيديين بين 300 ألف و750,000 نسمة. ومركز تواجدهم شمال شرق الموصل في العراق وشمال سورية. وهم يعتبرون أنفسهم طائفة موجودة منذ الأزل من نسل آدم وحده. إذ يعتقدون أن آدم وضع منيه في وعاء فأنبتت الذرية الأيزيدية منها ثم خلق الله حواء ليتزوج بها وينجبون بقية البشر من غير الأيزيدية، وهم بذلك يعتبرون أنفسهم نسلا له خصوصية.
تتفق الأيزيدية مع الإسلام في قصة رفض إبليس للسجود لآدم. ففي الرواية الإسلامية، أشار القرآن إلى هذه القصة في الآية (34) من سورة البقرة حين قال “وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ”. إلا أن الأيزيديين يختلفون في النتيجة التي وردت في الشق الثاني من الآية حيث لا يعتقدون أن رفض إبليس أدى إلى عقابه، بل على العكس؛ يعتقدون أن الله قد كافأ إبليس بجعله رئيساً للملائكة كونه الناجي الوحيد من الاختبار لأن الله كان قد طلب من الملائكة بعد خلقهم أن لا يسجدوا لغيره. وبعد خلقه لآدم طلب منهم السجود له كنوع من الاختبار الذي لم ينجح فيه إلا إبليس؛ وبالتالي استحق أن يجعله الله رئيساً للملائكة، أي (طاووس ملك) حسب الأيزيدية. وهم يصلون له خمسة مرات في اليوم.
الأيزيدية ليست ديانة تبشيرية؛ فلا تقبل أن ينضم إليها جدد لأن الأيزيدي يصبح أيزيدياً بالولادة فقط. وهم يصفون أنفسهم بأنهم “عبدة الرب” ويقولون إن هذا ما يعنيه اسمهم. ويعرف إلههم الأعظم باسم “ئيزدان”، ويحظى بمكانة عالية لديهم بحيث لا يمكن عبادته بشكل مباشر، ويعتبرونه صاحب قوة كامنة، فمع أنه هو خالق الكون إلا أنه ليس حارسه.
لدى الأيزيدية أماكنهم المقدسة مثل مزار شرف الدين في جبل سنجار، ومعبد لالش في شمال غرب الموصل، وهو المعبد الذي يحجون إليه. هم يتكلمون اللغة الكردية باللهجة الكرمانجية وهي تعتبر اللغة الرسمية لطقوسهم وشعائرهم الدينية. لهم تنظيم ديني وإداري وراثي قديم كما أنهم اختصوا بسنن وآداب ظهرت مزيجاً من عادات وتقاليد تشترك فيها مع ديانات مختلفة. بعضهم يقول بأنهم يملكون كتاباً مقدساً يسمى (مصحه في ره ش/الكتاب الأسود) أما الغالبية منهم فيؤكدون أنهم لم يروا هذا الكتاب رغم تأكيدهم على وجوده.
الأيزيدية تأثرت وأثرت بغيرها من الأديان المجاورة لها فهي تتشابه مع الزردشتية في تقديس الشمس والقمر، ومع اليهودية في تحريم بعض المأكولات، أما المسيحية فتتشابه معها بالإيقاعات الموسيقية، ومع الإسلام بالصوم والزكاة والحج والختان.
حسب لقاءات مع أساتذة جامعة وأكاديميين، ينقسم الصوم لديهم إلى صوم الخاصة وهو 80 يوماً (40 يوما من الصيف و40 من فصل الشتاء)، وصوم العامة (صوم أيزيد) وهي ثلاثة أيام في السنة: الثلاثاء، الأربعاء، والخميس في الأسبوع الثاني من الشهر الثاني عشر من كل عام. بعد ذلك يأتي العيد لمدة يوم واحد ويعرف باسم (عيد أيزيد).
ويصومون ثلاثة أيام أخرى في الشهر الثاني من كل عام ويجب أن يصادف (الإثنين والثلاثاء والأربعاء) ويسمى بصوم خدر الياس. ويعقبها أيضاً عيد وليوم واحد فقط. وعيد رأس السنة (سه رسال) يصادف واحد من شهر نيسان الشرقي، الذي غالباً يصادف منتصف شهر نيسان في التاريخ الميلادي، علماً أنه دائما يصادف يوم الأربعاء بالتقويم الشرقي، وهو اليوم المقدس في الديانة الأيزيدية.
ينقسم الأيزيدية إلى طبقات حسب المنزلة الدينية، وهي:
- طبقة الروحانيين: وتقسم إلى مجموعتين:
أ. مجموعة البير: وهي من أقدم المجاميع الدينية الأيزيدية، وقد تناثرت هذه المجموعة مع مرور الزمن. ولم يبقَ سوى القليل منهم، بسبب كثرة حملات الإبادة التي شُنت على الأيزيدية من قبل متشددين مسلمين في المناطق المجاورة لهم.
ب. مجموعة الشيوخ: بعد ضعف مجموعة البير في أداء مهامها الدينية، استحدثت هذه المجموعة على يد الشيخ عادي بن مسافر، لإعادة جمع شمل الديانة الأيزيدية، وهذه المجموعة أيضاً مقسمة إلى طبقات، إذ لا يمكن لطبقة أن تتزوج من طبقة أخرى داخل نفس المجموعة، ومن هذه الطبقات:
– مجموعة الشيخ شمس
– مجموعة الشيخ حسن
– مجموعة الشيخ بكر
– مجموعة الشيخ ناصر الدين
– ومجاميع أخرى.
- طبقة الفقير: ويسمى خرقة الفقير وهو الناسك المتعبد، له لباس خاص به، يُعرف من خلاله بالإضافة إلى سحنة خاصة متكونة من شعر طويل، شارب طويل، ملابس بيضاء اللون عادةً تكون خشنة الملمس.
- طبقة الحادي (القوّالين) هم من المريدين (كما سيتضح لاحقا) ولكن لديهم درجات دينية منها (متعبد ومتدين). والحادي هو كل من يرتل الأناشيد الدينية. ينتمون إلى عشيرة واحدة ومركزهم الأساس يقع في شمال مدينة الموصل في منطقتي بعشيقة وبحزاني.
- طبقة الكواجك وهي جمع كلمة (كوجك) وتعني الديوان أو المضايف باللغة الكردية: وهم فئة من العوام (المريدين) لهم لباس خاص “وظيفتهم اكتشاف مصير الموتى إن كان خيراً أو شراً والاتصال بعالم الغيب لمعرفة الحال والاستقبال” نستطيع القول أن وظيفتهم روحانية.
- طبقة المريدين: وهم من أدني الطبقات وواجبهم الطاعة العمياء (كانت في السابق إلا أن الجيل الجديد منهم يميل إلى المفاهيم المدنية أكثر) والانقياد ودفع الرسوم “الزكاة” ولا يحق لهم التزاوج من باقي الطبقات.
بعض الأيزيدية يعتبرون أنفسهم منقسمين إلى ثلاث طبقات فقط، على أساس أن طبقتي الكوجك والحادي، هم أصلاً من المريدين، وأن طبقة البير طبقة مستقلة عن طبقة الشيوخ. لكن المؤكد هو أنه لا يحق لأتباع الطبقات الخمسة التزاوج مع بعضهم البعض. بل وحتى داخل الطبقة الواحدة لا يحق التزاوج بين مجاميع الشيوخ؛ فلا يحق لمجموعة الشيخ حسن التزاوج من مجموعة الشيخ ناصر الدين ولا من أي مجموعة أخرى.
الأيزيدية من الديانات الأصيلة في الشرق الأوسط وعدم وفرة المعلومات الكافية عن هذا الدين سببه عدم تحدث المؤمنين به عن معتقداتهم للغرباء بسبب تعرضهم المستمر لحملات الإبادة الجماعية على مر التاريخ والتي كان آخرها على يد تنظيم داعش، الذي لا يزال يحتجز الكثير من نسائهم وأطفالهم على شكل عبيد وجواري باسم الدين. وعلى الرغم من كل الظلم والاضطهاد الذي تعرضوا له إلا أن الأيزيديين ظلوا متمسكين بدينهم؛ فهم، كغيرهم من الأديان، يعتقدون بأن دينهم أو “الأيزيدياتي” هو سبيل الخلاص.
قائمة المصادر:
1. http://bahzani.org
2. http://www.khaliljindy.com
3. http://www.ezidi-affairs.com
4. سعيد الديوجي/تاريخ الموصل.
5. مدخل لمعرفة تاريخ الأيزيدية، د. خليل جندي، جامعة كنكت الأميركية – مقالات منوعة عن الأيزيدية.
6. http://ar.wikipedia.org
7. صحيفة الشرق الأوسط، مقال بعنوان: قوم يعتبرون أنفسهم من نسل آدم وحده.
8. مقابلات أجراها الكاتب مع مجموعة من الأساتذة الأيزيديين في جامعة السليمانية في العراق.
9. مقابلات أجراها الكاتب مع مجموعة من الناشطين في مجال المجتمع المدني والصحافيين الأيزيديين من محافظة نينوى.
10. مقالات منشورة للقاضي العراقي الأستاذ زهير كاظم عبود، الكاتب في شؤون الأيزيدية، في أكثر من موقع إلكتروني.
11. مقال نشر على موقع البي بي سي بعنوان (من هم الأيزيديون؟)