مقالات

أولياء عهد البيوت صديق بن صالح فارسي

اولياء عهد البيوت. ١٠ / ١٠
بِسْم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
إخواني وأبنائي وأهل محبتي.
١٢ / ٠٤ /١٤٣٧ هـ

الإحترام وتسليم الزمام. لولي العهد.

تبقى المهمة الكبرى والوظيفة العظمى أمام صناع أولياء أمور البيوت والتي قد يخفق فيها الكثيرون تبقى هي الحلقة الأهم التي بدون إحكامها قد تنشأ صراعات وإنحرافات وخراب للبيوت على يد من كانت تنعقد عليهم الآمال في تولي امرها والقيام بمسؤولياتها.
وتلك الحلقة المهمة هي.
تمكين أولياء العهد من إستلام زمام الأمور في البيت وكذلك توفر الإحترام والتقدير من كل البيت الذي يحتويه والذي قدره أن يكون ولياً للعهد فيه.

فبدون إستلام زمام الامور مع وجود الإحترام اللازم له وخاصة من الإخوة والأخوات الأصغر سناً قد يكون ثغرة فساد يدخل منها الشيطان بينهما لا سمح الله تعالى.

نلاحظ ذلك كثيراً في الأطفال الأصغر سناً عندما يأتي الإبن الأكبر أو الإبنة الكبرى وهم غاضبون من إخوانهم الأصغر منهم سناً ويشتكون منهم أنهم لا يسمعون كلامهم ولا يأتمرون بأمرهم ولا يحترمونهم.

فما يكون منا إلا أن نلقي عليهم المزيد من اللوم والتوبيخ أن هؤلاء صغار السن وأنتم الأكبر سناً وعليكم المحافظة عليهم والشفقة بهم.

وننسى أو نتناسى الشكوى الرئيسية من الاخ او الأخت الكبرى الذين يشعرون بالفطرة الدور الذي لهم في البيت كأولياء لعهد البيوت.
وربما قابلنا ذلك بالضحك والسخرية منهم كونهم صغاراً ويتصرفون مثل الكبار في طلب الإحترام ومطالبتهم بالأخذ بزمام الأمور في البيت على من هم أصغر منهم سناً.

وفي الواقع هم محقون في طلبهم ولكن نحن عنهم غافلون.
ولكن أهل الزمن الماضي من الآباء والأجداد الذين وعينا إلى الدنيا بين أيديهم وتحت رعايتهم كانوا أكثر منا حكمة وعلماً.
فقد أدركوا هذه الحقيقة وعملوا على إيجاد الحلول لها وجعلوها من قوانين البيوت الثابتة ومن أنماط البيوت وسننها في ذلك الوقت.

فقد كان الإبن الأكبر يلقب ب ( سيدي).
والأخت الكبرى تلقب ب (ستيته ).

كما كان يدرب الصغار منذ الصغر على إحترام سيدي فلان وستيته فلانه.
فالكل يسمع كلامهم ويحترمونهم كل الإحترام والتقدير ويستشيرونهم ويقدمونهم ويفتخرون بوجودهم.
فلكل بيت ( سيدي وستيته ) الذين أيضاً تكون فرصة لهم للتدريب على القيادة والرئاسة وإدارة شؤون البيت والإهتمام بمصلحة افراده والاهتمام بهم امام كبار البيت من والد ووالدة وجد وجدة وربما الخالة او العمة التي في البيت.

أما بدون الإحترام والأخذ بزمام الأمور يبقى أمام الأخ او الأخت الكبرى الذين يعتصرون ألماً وحرقةً على عدم تمكينهم من أداء دورهم الطبيعي والفطري في الحياة مع شعورهم بالمسؤولية والواجب الملقى على عواتقهم مع اللوم الشديد عليهم من الداخل والخارج عن إخفاقات إخوانهم والأخطاء التي قد يرتكبها بعضهم.

فطالما سمع انت الكبير وعليك الإهتمام بإخوتك.
وانت ماخليت بالك من اخوك وانت لم تمسك اختك.
كل ذلك وهو لا حول له ولا قوة مع عدم اكتراث اخوته بواجب التقدير والإحترام وتسليمه زمام أمرهم.

تجدر الآشارة إلى أن سيدي وستيته التي تعني الست الصغيره هم ألقاب كانت ولا زالت تستعمل للإخوة الكبار في العائلات القديمة هنا في الحجاز.
وربما إختلفت الألقاب في مناطق أخرى من الدول العربية بمسميات اخرى مثل ( العود) أو ( أبيه) او غيرها من الألقاب التي قد تغيب علي ولكن يبقى الهدف واحد وهو.
( الإحترام وتسليم الزمام ).

ولكن عندما لا يتحقق ذلك.
فهنا يكون أمامه أي الأخ او الأخت الكبرى أحد ثلاثة خيارات أحلاهما مرٌ.

أولاً.
البعض منهم قد يلجأ الى الانزواء والإنطواء مع الإحباط الذي يصيبه بسبب فشل البيت في إعطاءه الفرصة التي يمارس فيها دوره معهم وكم ضاعت من البيوت والأسر بسبب مثل هذه الحالات التي تتمخض عن تخبط فيما بينها وتكبر بينهم الصغائر وتعشعش المشاكل وتضطرب الأوضاع ولا يبقى لهم إلا أبواب المحاكم والقضايا والمحامين والأخذ والصد بما ينعكس على الذرية التي تتقطع أواصل المحبة بينهم وتتقطع الأرحام وتتشرذم البيوت.

ثانياً.
البعض منهم قد يبقى متمسكاً بحقه في المطالبة بالإحترام والتقدير وتسليمه زمام الأمور ويظهر ذلك على شكل صراعات وخلافات مع بقية اخوته الذين يعتبرون ذلك تدخل في شؤونهم الخاصة ومحاولة تطفله بالحد من حرياتهم وفرض السيطرة عليهم لأنهم لم يتدربوا على الولاء والإحترام له وتقدير دوره فيهم.

ثالثاً.
البعض قد يقوده الإحباط وعدم تحقيق ذاته في البيت الى الهروب او البحث عن ذاته خارج البيت حيث يشعر أنه مضطهد داخل البيت ولا أحد يعطيه الدور الذي عليه القيام به معهم.
وهنا أيضاً تبدأ عملية إستيراد المشاكل من خارج البيت ومن أصدقاء السوء من هنا وهناك ويجلبها الى البيت فيزيد الطين بله.
فقد يجلب المشاكل والانحرافات لباقي الأسرة فيكون معول هدم بدل أن كان خط الدفاع الأول في البيت.

أراني وانا أختتم هذه السلسلة من البحث في أولياء أمور البيوت ورغم الاطالة في نظر البعض الا انني حرصت على ان أشير الى مواطن تثير الرغبة في أصحاب القلوب الوجلة على بيوتهم في الإهتمام بها والحرص عليها ومحاولة دعم الأبناء الكبار في البيت بل ومن يلونهم.

يجب أن يكون من وصايا الوالدين والتأكيد عليها هو دعم دور ولي العهد في البيت من اخ او اخت كبرى.
وكذلك من يلونهم من الأبناء الأكبر فالأكبر يجب أن تكون له الولاية حسب الترتيب ليعلموا ويتعلموا أهمية الإلتفاف حول كبيرهم وإعطاءه الدور القيادي فيهم ودعمه والتمسك بمبدأ.
من ليس له كبير لا يحسن التدبير.

كنت ارجوا ان ابحث معكم بالتفصيل في المواقف والأحداث التي تتمخض عنها الظروف مابين مختلف انواع الأبناء ومختلف انواع الوالدين حسب التفنيد الذي ذكرناه في هذه السلسلة وكذلك على نمط المثال الذي ذكرناه في حالة الإبن الذي يشبه الخيل والوالد القائم عليه.
ولكن فضلت أن أترك لكم المجال في تخيل المواقف التي تنتج عن كل حالة من تلك الحالات واثقاً في قدراتكم على إستنناج ما قد يحصل على ضوء النماذج الكثيرة التي أمامكم في المجتمع.
تمت بفضل الله وتوفيقه والحمد لله رب العالمين.
عندها أدرك حكيم الزمان الآذان.
فأمسك عن الإفصاح والتبيان.
وإلى اللقاء القادم رعاكم الله تعالى. ?
صديق بن صالح فارسي.image

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق