مكتبة الأدب العربي و العالمي

في_منتصف_الظلام الجزء الثاني

قام طبيب القرية بتجبير ساق الفتاة  وداوى  الجروح في جسدها لم يحاول السؤال او فهم الأمر كان يقوم بواجبه كطبيب فقط….
خرجت انا والطبيب خارج المنزل الطبيب.. اسمع ياقائد هذا الأمر غريب جدا.. من هذه الفتاة وماذا تفعل عند المقابر بهذا الحال
قائد.. لا أعلم ياصديقي فهي  تقول قد نست كل شيء
برأيك هل كلامها صحيح هل فعلا نسيت  ام تتناسى
الطبيب.. اسمع ياقائد احيانا عندما يمر الإنسان بموقف صادم ربما بسبب هذه الصدمة يفقد الإنسان الذاكرة حتى لو كانت لفترة من الزمن.. ربما تعود وربما لا حسب وضع المريض
وأيضا الصدمة التي تعرض لها…
قائد برأيك ما العمل الان…. الطبيب ولله ياصديقي لا أعلم ماذا أقول ولكن لننتظر فترة من الزمن عسى ولعل تعود لها الذاكرة…
قلت في داخلي فترة من الزمن اي سوف تبقى عندي هذه الفترة…
ولكن كيف استطيع الاعتناء بها وانا اخرج من الفجر ولا ارجع الا بعد وقت متأخر من الليل
دخلت للبيت كانت مسلتقية على السرير لاحول لها  ولاقوة  شاحبة الوجه صامته تحدق في سقف الغرفة وكانها في عالم آخر
كان منظرها مؤلم جدا… اقتربت منها وقلت كيف تشعرين الان لم تجبني فقط تساقطت  الدموع على وجنتيها.. شعرت بها نعم هي تتألم ألم روح والم جروح ولكن اظن ان روحها تؤلمها أكثر من جسدها
قمت بطهي بعض الطعام وبعدها جلست بجوارها اطعمها بيدي وانا ايضا اكلت لم استطيع سؤالها
ها هو الليل قد حل بسرعة نسمات الشتاء تسللت إلى داخل البيت
سألتها هل تشعرين بالبرد قالت نعم أشعلت المدفئة وجلست قربها أحدثها علها تتذكر بعض الأمور
وإذا بالباب يطرق وبشدة خافت ونكمشت على نفسها فقلت لها لاتخافي انا اتصرف فقط ابقى هادئة
قلت من خلف الباب من الطارق كانت صوت رجل ومعه امرأه… فتحت الباب وخرجت واغلقتها خلفي وقلت تفضلوا من انتم وبماذا اساعدكم
قال الرجل بصوت حزين ومكسور ارجوك يابني نحن نحتاج مساعدة … قلت ومانوع المساعدة ياسيدي قال..
ألم ترى فتاة بعمر التاسعة عشر ذات شعر طويل اصفر قد تم اختطافها وعلمنا من مصدر ما انها رميت في المقابر القريبة من منزلك نظرت له بتمعن ونظرت إلى  السيدة التي معه… قلت لا ياسيدي لم ارى احدا اساساً   انا اعيش في منزلي وحدي واعمل من الصباح حتى وقت متأخر من الليل لهذا  لم  ارى  او التقى بهذه الفتاة نظرت لي تلك السيدة نظرة مريبه اقشعر جسدي كله منها.. قالت حسنا لاعليك سوف نبحث في مكان اخر مشيا بعض الأمتار دخلت البيت واقفلت الباب ثم من خلف الستائر استمريت ارقب
الغريب انهم ركبوا السيارة ولكن كانوا ينظرون للمنزل بتمعن شعرت بالخوف وحضرني شعور غريب انهم قد شكو بي
دخلت عند تلك الفتاة وجدتها قد اختبأت تحت السرير اخرجتها وقلت لها كيف تتحركين ورجلك مكسوره قالت لقد خفت كثيرا
نظرت  لها وقلت هناك رجل وامرأة سألوا عنكِ
ارجوكِ تذكري هل عندك ام وأب
نظرت  لي وقالت انا لا أتذكر اي شيء وبكت
لاتبكي ارجوكِ انا احاول مساعدتك لم استطيع قول الحقيقة لهم لاني لم أكن واثق انهم اهلك
المشكلة اني يجب أن أذهب للعمل غدا ولا اعرف كيف استطيع تركك وحدك هنا
يوم جديد مرحبا سيدي هل استطيع تمديد اجازتي إلى نهاية الأسبوع اني مريض جدا
المدير… لاعليك ياقائد انت شخص محترم وملتزم وتستحق اجازة اساساً انت لم تطلب اجازة  منذ سنتين
الحمد لله الان استطيع البقاء مع هذه الفتاة وربما خلال هذه الأيام تستطيع ان تتتذكر من هي
هناك صوت داخل عقلي يقول لما لاتذهب إلى الشرطة وتبلغ عن هذا الأمر
انا لا اعرف لما لا أفعل واتخلص من هذه المسؤولية
استيقظت اخيرا وقالت.. اسمي قمر
ابتسمت وقلت الحمد لله أصبحت تذكر من هي
قلت دعينا نفطر اولا ومن ثم تسردين عليا قصتك بالكامل ولكن قبل كل شيء هل لكِ ام وأب
ردت لا ليس لي أهل جلست تنظر إلى المدفئة وهي توقد نار وقالت قلبي مثل هذه النار المشتعلة لا أظن أنه سوف تطفئ في يوم ما….. قلت يوما ما سوف تصبح النار رماد لاعليك ليس هناك حال يدوم فدوام الحال من المحال..
قالت انا ولدت وبفمي ملعقة من ذهب كان جدي من اغني اغنياء المدينة اما ابي فقد كان الابن الوحيد له
ولي عمتان متزوجات وكانوا يعيشون في دول أخرى لأنهم تزوجوا من أشخاص يعملون خارج البلاد قلت اسمحي لي أن أقول قمر بدون القاب قالت وهو الأفضل
قلت اسمي قائد ابتسمت ببرائه وقالت حسنا سيدي القائد…
قلت تفضلي ياقمر اكملي
قمر كنت مدلله لدرجة لايمكن استيعابها
لم أطلب شيء أو اتمنى شيء أو أرغب بشيء لأن كل شيء موجود حولي مرت عدة  سنوات حتى أصبح عمري عشر سنوات وذات ليلة مشؤومة
خرج امي وابي لقضاء سهرة خارج القصر ولكن خرجوا ولم يعودوا لقد حدث لهم حادث مروع أودى بحياتهم
كانت فاجعة بالنسبة لي اولا ولجدي ثانيا
وخصوصا اننا وبعد فترة علمنا ان الحادث كان مدبر
ولكن رغم سلطة جدي ونفوذه لم نستطيع التوصل إلى من قام بهذا الأمر
عشت حالة حزن لمدة طويلة جدا رغم كل محاولات جدي لك اتخطئ هذا الأمر.. ولكن اقسم لك ياقائد اني إلى هذه اللحظة التي اتحدث بها معك عنهم أشعر بالحزن وان قلبي يكاد  ينفطر من شدة الألم ألم….
نزلت دموعها بسرعة ولكنها مسحت بكفها وأكملت اعتذر لم اقصد.. قلت لاعليك ليس هناك في الحياة أغلى من آلام والأب…
مضت الايام بصعوبة وتقريبا عدنا لحياتنا الطبيعة بعد عدت شهور
وفي يوم كنت عائدة من المدرسة دخلت القصر
وكالعادة اذهب اسلم على جدي وهو يجلس في مكتبه.. عندما اقتربت سمعت حديث يدور بين جدي وسيدة لم اسمع صوتها من قبل تقول… ارجوك ياسيدي عليك اتخاذ القرار الصائب
وجدي يقول لقد اتخذت القرار منذ زمن بعيد وانتهى الأمر
السيدة ترد عليه وتقول ولكن قرارك جعلك تدفع الثمن غالي اذا فقدت ابنك الوحيد
يرد جدي نعم فقدت ابني ولكن لم ينقطع نسله ابنته موجوده
ردت السيدة وماادراك ربما تفقدها هي أيضا
صرخ جدي بوجه هذه السيدة وقام بطردها خرجت وهي تتوعد جدي بالموت….
لم تشاهدني فقد اختبأت خلف الستارة المجاورة لباب مكتب جدي كنت ارتعش من الخوف
وعند خروجها من القصر ذهبت مسرعة إلى جدي لك ارتمي في احضانه وابكي وقلت لقد سمعت كل شيء ياجدي من هذه السيدة ولماذا تريد قتلك وقتلي
رد جدي وقال انها كاذبه ياطفلتي ولا عليك منها مجرد متطفله تحاول اخذ أموال باي طريقة
قلت ولما لا تعطيها وترحل نظر جدي لي بكل حب وقال انها  كاذبه ياابنتي ولا تستحق المساعدة….
لم أفهم وقتها لماذا جدي رفض مساعدة  هذه السيدة نحن نمتلك من الخير الكثير
مضت الايام بسرعة وبعد سنة من هذا الحادث تعرض جدي لوعكه صحية جعلته ينام في الفراش كان عمري لم يتجاوز الثانية عشر….
جدي نائم بالفراش.. هناك من جاء لزيارة جدي كان المحامي الخاص بالعائلة
أعطى جدي وصيته للمحامي كانت جميع أملاك جدي قد كتبت باسمي وكان الوصي عليّ هو البنك
إذا لم يكن جدي يثق بااحد سوى المحامي كان رجل كبير بالسن وقد خدم جدي سنوات طويله جدا وفي يوم عيد ميلادي الثالث عشر
وبعد انتهاء حفلة عيد الميلاد خرج الجميع من القصر وبقيت انا وجدي معا قال… تعالي ياحلوتي لقد سجلت جميع املاكي باسمك وأريد أن تحافظي عليها نعم اعلم أنكِ مازلت صغيره ولكن انا رجل كبير ربما اموت باي وقت .. قلت جدي ارجوك لاتقول هذا الشيء انا لا استطيع العيش من دونك
ومضت الايام وها انا اطفى شمعتي الخامس عشر
وبعدها السادسة عشر وفي منتصف الشتاء البارد جدا في ليلة ممطرة مات جدي مات سندي وتركني وحيده في هذا العالم تركني في منتصف الظلام
نزلت دموعها بغزارة ولم  اتوقف عن البكاء وقفت عاجزاً لاأعلم كيف اواسيها ولكن حاولت أن امسح دموعها وفعلا فعلت ذلك نظرت لي وقالت
اسفه سوف اكمل قاطعتها وقلت لا توقفي ودعينا ناكل شيء ومن ثم نكمل ابتسمت وقالت حسنا انا ايضا جائعة…

ها أنا أصبحت وحيدة في هذا العالم
نعم عندي عمتان ولكنهما يسكنان في بلاد أخرى
طلبوا مني اني اذهب للعيش معهن  ولكن رفضت انا لا استطيع ترك قصري الذي عشت به مع امي وابي وجدي أجمل أيام حياتي….
ولكن عماتي اصبحن في حيرة من أمرهن كيف يتركن فتاة وحيدة بعمر السادسة عشر تعيش وحدها في هذا القصر الكبير مع الخدم….
وبعد عدةً ايام عمتي وجدت الحل ذهبت ذات صباح لمكان ما وعند عودتها دخلت معها سيدة بعمر الستون سنة كانت ذات صحة جيدة ووجه بشوش عندما تراها تشعر بالراحة والأمان
قالت عمتي تعالي ياقمر اسمعي ياحبيبتي
نحن لانستطيع الضغط عليكِ ابدا لهذا لكِي تستمر حياتك التي احببت سوف تكون ام عماد داده لكِ تعيش معكِ بالقصر نظرت لها ابتسمت لي تلك السيدة وقالت هذه هي قمر ما شاء  الله اسم على مسمى قلت شكرا لكِ ياخالة ام عماد
ثم قبلت عمتي وشكرتها
عمتي اسمعي ياقمر هذه المرأة هي ليست غريبة عنا
هي من أقرباء ابي وكان ابي يساعدها دائما وخصوصا عندما هاجر ابنها خارج البلاد ولم يعد يسأل عنها
ولكن ياقمر جدك لم يتركها ظل يعينها طول تلك السنين التي مضت وبما ان ابي قد توفى رحمة الله عليه وانتِ بقيت وحدك وأيضا ام عماد لم يعد هناك من يعيلها لهذا فكرت بهذا الحل
ولكن اسمعي ياقمر سوف نكون انا وعمتك الثانية على تواصل معك كل يوم ونطمئن عليك وسوف اقوم بزيارتك كل عدة أشهر والاطمئنان عليك
نحن نحبك جدا ياابنة الغالي ويعز علينا تركك في هذه الظروف ولكن انتِ تعلمين وضعنا
مضت عدة اسابيع وبعدها سافر الجميع كل الي حياته
اما انا فقد بقيت مع ام عماد بذاك القصر الكبير والخدم وبرعاية المحامي اذا انه هو من كان يدير شؤون املاكي…. قاطعتها وقلت وكيف تقبلن عماتك فكرة ان أملاك جدك كلها باسمك
قلت كان جدي قد أعطاهم في حياتهم الكثير من الأملاك النقود لهذا لم تطلاب منه اي  شيء مضت الايام وبدأت اتعلق باام عماد كانت انسانه محترمة ودوده جدا وتعطف عليّ وكأني ابنتها
وذات يوم وانا عائدة  من المدرسة مع السائق شعرت بالرغبة بتناول بعض الحلويات فقلت للسائق توقف هنا اريد ان اشتري بعض الأشياء توقف السائق ونزلت ودخلت محل بيع الحلويات…
رايته لأول مرة كان يجلس على مائدة صغيرة تتكون من مقعدين وضع أمامه اناء به بعض قطع الحلويات
ولاب توب يتصفح بها
وقفت عند البائع لكِي اشتري اذا كان هذا المحل هو بيع وأيضا تستطيع الجلوس والاكل
كنت أشعر به ينظر لي لقد لمحته من طرف عيني كان رجل في بداية الثلاثين من عمره
ممكن القول انه نوعا ما وسيم
ولكن مايهم أخذت مااريد وخرجت وبلمح البصر أجده يقف قرب باب السيارة ويقول
انستي لقد نسيتي هاتفك
نظرت له وقلت شكرا جزيلا
هل تعلم ياقائد انا وأخبرك عن قصتي تذكرت شيء
قلت لها وما هو ياقمر قالت اقسم لك انا لم انسى هاتفي ولكن لا أعلم كيف أصبح الهاتف عنده
استغربت كلامها وقلت ربما انتِ واهمه
قمر لا لا لست واهمه انا متأكده.
المهم اكملي عدت للبيت والتقيت الخاله ام عماد
انا لا اعلم ماهو السبب الذي جعلني أخبرها بما مررت هذا اليوم
اليوم التالي والغريب عند خروجي من المدرسة وجدت نفس الشخص يمشي بالشارع المقابل للمدرسة لا أعلم هل هي صدفة ام تعمد
واستمر هذا الأمر يوم بعد يوم بعد يوم حتى أصبح ظهوره أمامي عادة وطبيعي جدا تخيل ان اليوم الذي لايظهر به كنت أبحث عنه في طرقات العودة
حتى قررت بعد فترة من الزمن ان ادخل محل الحلويات ذاته على أمل أن التقى به من جديد ويدور بيننا حديث
وفعلا حدث ما خططت له…..

يتبع

من قصص حكايا العالم. الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق