
الخبرة كلمة مطاطة جدا، نسبية إلى أبعد الحدود، وهي فيما أدعي لا ترتبط ارتباطا شرطيا بالازدياد مع عدد السنوات. ولكن هذا لا ينفي أن الوقت عامل مهم جدا في تطوير الخبرات وصقلها وتنوعها، ولكنه ليس العامل الوحيد، أو حتى الأول (برأيي). إن العامل الأساسي الذي يأتي أولا هو (الشخصية) ومدى القدرات التي تتمتع بها هذه الشخصية كالقدرة على التعلم، والرغبة فيه أصلا، والقدرة على المرونة الإيجابية، والقدرة التطور والتطوير. ولعل القدرة على التعلم هذه قصة كبيرة إذ تشمل القدرة على التعلم مما يحدث لغيرنا وليس بالضرورة التعلم فقط مما يحدث لنا. وعليه فهناك عوامل تشكلها الموهبة، ولكنني أزعم أنها جميعا-القدرات الشخصية- قابلة للتعلم والاكتساب بشكل أو آخر بشرط وجود الرغبة في ذلك.
نأتي ثانيا إلى العامل الثاني المهم برأيي وهو مدى احتواء مكان العمل على خبرة حقيقية يمكن للأشخاص أن يكتسبوها… وهنا نتحدث عن الأساتذة وما لديهم من خبرات اكتسبوها بفضل شخصياتهم وأساتذتهم عبر الزمن، وكذلك قدرة هؤلاء الأساتذة على نقل هذه الخبرات، بالإضافة إلى مكان العمل بوصفه شخصية اعتبارية. وهنا نحن بحاجة إلى تبيان تدخل “القدَر” أو النصيب في هذا الأمر، فنحن نحتاج إلى توافر الوقت أو العصر الذي لا يزال فيه الخبراء على قيد الحياة والعطاء، ونحتاج إلى أن نكون محظوظين للعمل معهم. ولكن ربما نكتفي بالتعلم مما خلفوه من آثار مكتوبة ومسموعة، ولكنها برأيي لا تضاهي التجربة الحيوية معهم.
ثم يأتي عامل الزمن ثالثا في المرتبة الأخيرة برأيي. وعليه، فمهما يكن المكان مفعما بالخبرات، وليس هناك شخصيات لديها قدرات تؤهلها لتقلي هذه الخبرات.. فلن تتكون الخبرات عبر مرور الزمن، ولن يكون المكان الخبير كفيلا بنقل الخبرة.
من المفترض أن الزمن كلما تقدم، أصبح لدى الأجيال الجديدة فرصة أفضل في تطوير الخبرة؛ إذ تتاح لهذه الاجيال تحصيل ما يمكن من الخبرات القديمة فضلا عن إضافة خبرات جديدة. ولكن هناك صورة سائدة أن القديم أفضل، ولكن في الواقع ليس هكذا المفترض أن تسير العميلة.
ليس مجرد أن قضينا ١٠ سنوات في مجال ما، كفيلا أن يجلعنا خبراء.. فقد تكون الخبرة هي سنة واحدة مكررة عشر مرات بدون أي تطور، ولكن على جانب آخر قد تكون لدينا سنتان من الخبرة بقيمة ١٠ سنوات بفضل الشخصية والمكان.
وبالطبع أتحمل أي خطأ أو تطرف في هذا الرأي.