مقالات

نسي الجزء الأول من المهزلة / نافذ الرفاعي

في وقوعه من فوق الشجرة كصخرة رماها السيل العرمرم في واد سحيق، نسي الجزء الاول من المهزلة، حمل أوجاعه، توجه نحو مشفى المعمدان في غزة، لم يجد طبيبا ولا ممرضا غادروا مكان القصف، يبحثون عما سحبته القنابل في دخانها نحو سماء الشواظ،
كان يلملم الذعر من الطرقات مع الانفجارات الضخمة، وتشل الحرب قدراته على التذكر ، فتح حقيبته عله يجد بقايا كراس طفلة أضاعت الحقيبة خلال صعودها مع صوت الانفجار ، انه يبحث عنها وهي لا تستطيع البحث عن الحقيبة،
في كرنفال الأطفال المرضى بالسرطان، رسم طفل غزي شارعا عريضا باللون الابيض، محاطا بالاشجار وفيه فسحة خضراء، ركن عكازه وتطاول على المرض بحلمه، قدم الرسام له ريشة والوانا صاخبة، علق أمنتيه على الشجرة والتي أسماها الكاتب”شجرة الأمنيات” ، جمع الهدايا من ألعاب الأطفال وسافر بعد رحلة العلاج إلى غزة، نام وهو يحتضن الدبدوب فايقظت الانفجارات عجزه في الهرب،
في احتفال القنابل الفتاكة قتلته قبل أن يشفى ويركض في فضاء لوحته،
بكت المتطوعة على أشلاء هذا الطفل، وأعلن عن فقدان لوحته في بيت الركام،
في زمن حرب الإبادة ابتسم القاتل لأن مرض السرطان تنازل للقذيفة أن تفتت الطفل البريء،
نسي الفصل الأول من الأمنيات المعلقة، ولكن قرر بصفته مندوبا عن الضائعين في سبات عالم العرب أن يجعلهم خلعاء، ورصد وجعه وحزنه على موائد الصامتين.
عوالم خرساء تحيط بشجرة الأمنيات، وطابور الشهداء وعذابات الشعوب ومعاناة المنهوبين والمنتهكين فكرا وفقرا وبطالة وكل الولادات عسيرة.
عندما تموت اللوحة والطفل، تسقط الفنون في دركها الواطئ، لوحت فتاة بتر ثديها من السرطان لأطباء بلا حدود، تريد الترياق لوقف الألم الهاجم على الورم ، اعتذروا عن وجود حدود تمنع اسعافها من القنابل والشظايا،
كان الألم يعتصرها وهي تصرخ: ليت الجوع والعطش ينهبان الألم ويساعدان القدر على احتضاري.
كان حصانا هزيلا يرّم التراب من الجوع، يصهل مع أزيز الطائرات، وطارت ورقة من تحت الركام ، ركض العابث والتقطها،
انها لوحة الطفل حيث قضم الحصان جذع شجرة الأمنيات المعلقة.
حك جبينه عله يتذكر الفصل الأول من الحكاية، قد تكون حول مربي القطط السمان، ولكن عبثا حاول، وكرر ، لم تلمسه سوى شظايا انفجار عنيف، صرخ: الآن استيقظت الذاكرة. انا مصاب بالهلع بعدما هرولت داخل ذاكرتي، سكن الأرق والقلق والخوف، تموت التوقعات ولا تذوب الأمنيات.
صرخ: من يحضر الترياق لمرضى السرطان، أجابه طبيب بتر فخذ طفلته دون أي مخدر، باكيا: كان اختبارا أقسى من الموت، وجعها وخياراتي المعدومة.
سار العابث حاملا لوحة الطفل مع نوار اللوز، أضاع الرمز وهو القائل زورا لم يخلق مثله في البلاد والأهطل سيد المشهد، قام الشاطر المتلاعب بإخفاء الفصل الأول من الحكاية مع مواء القطط وشطب الفصل الأخير من اسمه وكان السلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق