الرئيسيةمقالات

(هل نحن مُدْرِكون) بقلم الدكتور الطيب ابو سن

هل كل من يقرأ القرءان الكريم يدرك معانيه جميعا ، ويغوص في لُجِّيِّ بحار أبعاد ألفاظه ومفرداته ليستخرج منها درر مقاصدها؟ هذا سؤال كبير عملاق ،عالي البنيان شامخه.
لقد زارتني هذه الخاطرة ، قارئي العزيز وأنا أتصفح نصوص ترجمات مترجمي القرءان الكريم إلى اللغة الإنجليزية ؛ أجل، إن عطفي قد نشر شراعه إبحاراً معهم بمرافقة إشفاق تكسوه ثياب المعذرة والعفو والصفح مع محاولة إيجاد المخارج لهم من تعريجات لغة الضاد عبر مسارها وهي تنثر من الألفاظ معان ما إن دلالاتها لتورث
عقول المفكرين نصباً وهي تسعى لاحتواء المقصود.
إن اللغة الإنجليزية تحوي بين صفحات معاجمها نحواً من المائة وسبعين ألفاً من المفردات أراد المترجمون لها أن تستوعب أبعاد العربية التي تستند إلى مُتَّكَئٍ يقارب الاثني عشر مليون مفردة تتحرك في مجال عطائها اليومي منها تسعة ملايين كما يشير الفراهيدي ؛ إنها مهمة هامة تورث المقبل على حمل أثقالها عبئاً على الأكتاف يورده موارد النصب.
من الأسباب التي دعتني إلى العودة والاستقرار في مدينة لندن هي الرغبة في الإسهام بقدر المستطاع في مساعدة الناطقين بغير العربية من المسلمين الجدد الذين أقبلوا على الإسلام بروح العاشقين ، ووضع معالم على طريق التفاسير المترجمة تعينهم على الفهم الصحيح لمرامي الآيات ومقاصدها ، فتركت مهام تربوية بدولتي الإمارات والسودان من أجل هذه الرسالة التي أرى في إنجازها رضواناً من ربي سبحانه وتعالى ، وسنداً لسنة حبيبي وقرة عيني خاتم الرسل وإمامهم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ؛ قدمت وأنا على يقين بأن ما أملك وما أسعى لامتلاكه من معرفة في هذا الميدان سيعينني على تقديم ما أرنو إليه من إضاءات تسهم في إسعاد هذا الشباب الواعد بعطائه غير الممنون لهذه الأمة الطاهرة، وقد كانت لي تجربة قبل عامين مع مجموعة من الشباب الذين انضموا إلى قافلة الإسلام حيث قمنا برحلة عُمرة مباركة تناولتُ خلالها معهم قدراً من التفسير لبعض آيات القرءان الكريم نالت منهم إعجابا واستيعاباً لمعانٍ أضاءت جوانب قلوبهم ، وأورثتهم حماسة وزيادة حب لهذه العقيدة صافية المظهر والمخبر.
أدعو الله سبحانه وتعالى أن يسخر لي قلوب القائمين على نشر الدعوة من منظمات ومؤسسات إسلامية لتقديم السند المعنوي والمادي الذي يعينني على أداء هذه الرسالة الميمونة لأنها تشير بصدق توجهها إلى سمة الانتشار بجانب المملكة المتحدة في مجتمعات أوربا وأمريكا ومواطن الناطقين بغير العربية في سائر دول العالم.
في هذه المقالة التي وددت إبراز مقاصدها لإخوتي وأخواتي في مواقع المسؤولية إشارات إلى برنامجي الذي رسمت معالمه وبدأت بالفعل في نشره بغية تعبيد الطريق نحو مرمى تعزيز الفهم الصحيح من خلال الترجمات التي لا أنكر دورها العظيم بيد أن العمل على تبيان كثير من العبارات التي عجزت الإنجليزية عن نقل معانيها أو سبر أغوار مراميها أضحى من الأهمية بمكان .
ولكي أوضح للقارئ بعض الإشارات لا بد لي من إيراد نماذج توضيحية تدعونا إلى العمل الجاد بخطى سريعة الإيقاع حتى لا تنتشر معْوجاتُ المعاني بين الناطقين بغير العربية، فقواعد فقه اللغة العربية تقودنا إلى شرح المعنى القرءاني مرتبطاً بالاحتباك والاستثناء المنقطع، ولام العاقبة، وحرف ( من) اشتمالياً وتبعيضياً، وواو الثمانية، وغير ذلك من علامات الاهتداء على طريق الشروح ، وعلى سبيل المثال من بين العديد من مواقع التفسير أورد الحرف (هل) ، فهذا الحرف معروف بدوره في مجال الاستفهام (…فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا…) الأعراف44.
هذا الحرف قد يرد بمعنى التحقيق ( قد)
(هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا) الإنسان (1)
فالمعنى هنا: قد أتى على الإنسان حين من الدهر ، وقد يرد بمعنى النفي(لا)
(…هل نجازي إلا الكفور)سبأ(17) ، لا نجازي إلا الكفور ، وقد
يرد بمعنى (ما)
(هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) الرحمن (60) ما جزاء الإحسان إلا الإحسان، وقد تأتي في سياق الأمر (…فهل أنتم منتهون) المائدة (91)أي انتهوا.
إنها لمهمة صعبة الأداء غير أنها ليست بمستحيلة التحقيق مع الإصرار والحزم مع العزم لبلوغ مرمى القرار.
نصارع اللغة صراع حبيب لحبيب لندرك شطراً من المطلوب وليس كله ، فقد مات الفراء وفي نفسه شيئٌ من (حتى).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق