مكتبة الأدب العربي و العالمي

اطفال_الغسق_النصف_الاول

يظهرون فجأة في وقت الغسق عندما تبدأ ظلمة الليل عشية أطفال في سن الخامسة لا أحد يعرف من يكونون أو من أين يأتون بأعينهم الداكنة المحاطة بهالة سوداء ووجوهم الشاحبة الحزينة وجلودهم المائل لونها للزرقة التي تشبه لون الجثث

يتجولون في احد القرية أول ساعات الليل قد تجدهم في الطرقات أو في الأزقة بين البيوت وأحيانا تراهم يراقبونك من خارج نوافذ منزلك لا يلمسونك ولا يسمحون لك بلمسهم

وإن قدمت لهم الطعام لا يقبلونه فهم لا يأكلون ولا يشربون سؤالهم الوحيد الذي ليس لديهم سؤال غيره يسألونك إياه عندما تجد نفسك وجها لوجه معهم: هل رأيت أخي؟

وعندما تسأل طفل الغسق ما اسم أخيك؟ يرد عليك وينطق اسما واحدا فقط بدون ذكر الأب أو العائلة فمثلاً يقول عبد الرحمن أو مراد أو خالد وعندما تسأله عن الاسم الكامل ينظر إليك بوجه حزين تملؤه الخيبة واليأس وتومض عيناه ثم يغادر ويختفي في لمح البصر دون أن يترك لك مجالاً لملاحقته

انتشروا في اليل تلك القرية مخلفين حالة من الرعب والخوف والحيرة بين الأهالي الذين لا يعلمون عنهم أي شيء ولا يدرون ما سبب ظهورهم أو من يكونون يظهرون بعد حلول عتمة الليل عند الغسق ثم يختفون قبل منتصف الليل وقد تكرر ظهورهم لعدة أيام في تلك السنة

اختفى أطفال الغسق بعد أسبوع من ظهورهم ولم يعد يراهم أحد وظل الناس حيارى لسنين طويلة حيال هذه الظاهرة الغريبة التي لم يجدوا لها تفسيرا منطقيا

وبعد عشر سنوات ظهر أطفال الغسق مرة أخرى في تلك القرية فقد سُجلت مشاهدات لهم وهم يتجولون على الطرقات وبين البيوت بعد حلول الليل

ذهبت في اليوم التالي إلى تلك القرية وقابلت الشهود الذين صادفوا أطفال الغسق واستمعت منهم إلى كل أوصاف هؤلاء الأطفال لقد عادوا ومعهم نفس السؤال هل رأيت أخي؟

في الليلة التالية كنت أتجول في البلدة وخصوصا في الأماكن التي سجلت فيها مشاهدات لهؤلاء الأطفال وفجأة وجدت نفسي أمام أحدهم كان طفلا عيونه داكنة ووجهه شاحب تبدو عليه ثياب قديمة من موضة التسعينيات

سألني هل رأيت أخي؟
أجبته ومن يكون أخاك؟
فقال لي : وليد
قلت له أعرف أربعة أشخاص بهذا الاسم فهلا أخبرتني اسم أبيه؟
في تلك اللحظة بدأت عيناه تومض ولم يجبني لم أنظر في عينيه مباشرة لأني أدركت أمرا مهما هؤلاء الأطفال لديهم ميزة التنويم المغناطيسي في أعينهم فهم عندما يقابلون شخصا ثم يهمون بالمغادرة يلقون نوعاً من التنويم المغناطيسي المؤقت على الإنسان عبر وميض من أعينهم لعيون الشخص الذي أمامهم حتى لا يستطيع اللحاق بهم واكتشاف مكانهم

وبما أني أدركت هذا الأمر ولم أنظر في عيني طفل الغسق عندما ومضت عيناه استطعت اللحاق به وتتبعه
مشيت خلفه دون أن يشعر بي عبر في زقاق بين البيوت ثم تعلق في نافذة أحد المنازل وظل ينظر منها إلى الداخل

حينها سمعت صراخ سيدة من المنزل لا بد أنها رأته وخافت منه
غادر الطفل مسرعاً وأنا أتبعه دخل في مزرعة على أطراف القرية وكدت أن أفقد أثره بين الأشجار لكني وجدته وهو يخرج من المزرعة ويتابع طريقه حتى وصل إلى مكان موحش ومظلم في طرف البلدة الى أن اختفى هناك

وحين أهممت بالمغادرة سمعت وقع خطوات تأتي من خلفي اختبأت تحت صخرة وإذ بي أرى طفلا آخر قادما من القرية واختفى في نفس المكان

انتظرت هناك طيلة الليل وأطفال الغسق يتوافدون من القرية ويختفون في ذلك الموقع كانت آخرهم فتاة أتت قبل منتصف الليل وغابت في ذلك المكان
#اطفال_الغسق_النصف_الاول

من قصص العالم الاخر

#

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق