لئن حافظت جهة المهديّة على عادات تعيد للذّاكرة أزمان رمضان المعظّم بعبقها وأريجها الفائح عبر ما يقع تحضيره من أكلات تفوح للصّائم، فانّ “المدفع” حذو البرج الفاطمي مازال يؤدّي دوره إيذانا بحلول وقت الإفطار بالتّنسيق بين مطلق القذيفة والجامع الكبير الذي يروي للتّاريخ صولة الفاطميّين في المهديّة وما جاورها من ضواحي بحريّة تأكل من البرّ و البحر وتصنّف أشهى أكلات لا تزال عديد العائلات تتقنها أيّما إتقان وتعدّ العدّة لشهررمضان المعظّم من خلال التحضير له فرحا وتحسّبا وحيطة.
اليوم الأوّل واختلاف بين لحم الضأن والسمك
في جولة خاصّة في الأوساط القرويّة اشتدّ الوقع على ما توفّر من مطاحن لإحضار أنواع من ” المخضور” المعدّ للشّربة و” البرغل ” المستخدم في عديد الأكلات شأن إحضار” العصبان” في النّصف الثّاني من رمضان تزامنا مع احتفاليّات خطوبة أو “عشاء الموتى” والأختام القرآنيّة، لتعدّ ربّات البيوت مختلف مستلزمات المطبخ وإخراج أواني خاصّة بالأكلات معدّة للغرض بدءا بالعدّ العكسيّ لحلول شهر يقرأ له ألف حساب تدبيرا وتخطيطا مسبقا، دون تغاض عن أيّ شاردة أو واردة.
ويرى البعض أنّ لحم الضّأن أو الماعز خاصّة لقلّة شحومه هو سيّد الطّاولة في أوّل ليلة من رمضان المعظّم، إذ يعمد العديدون في الجهة إلى اقتناء رأس منها واقتسام اللّحم فيما بينهم ك”قسّامة “، ويذهب شقّ آخر إلى أنّ السّمك هو أصل الغذاء لملوحته ولضرورة الإكثار من شرب الماء لمقاومة يوم حارّ، ولطبيعة المنطقة البحريّة التي ينتمي إليها، خاصّة وللمرأة هنا دور كبير في حسن التّدبير وهي التي لا تبخل على مدار الشّهر في إحضار خبز الطّابونة سواء من دقيق القمح أو من الشّعير، وعادة ما يمثّل هذا مورد رزق للبعض ببيع الخبز قصد مجابهة مصاريف طارئة وتوفير مادّة أساسيّة بأيسر السّبل.
أرنب أو حجل أو سمك في “الطّابونة”
طبيعة الطّقس الحارّ فضلا عن أن عديد العائلات تقطن وتستغلّ أراضي فلاحية زرعت بأنواع عدة من غلال الصّيف مثل الخوخ أو البطّيخ وما شابههما ، فانّ حلول الأرنب البرّي في هجرتها نحو السّواحل مع ارتفاع درجات الحرارة وبحثها عن مصادر الماء من تلك الغلال عبر حاسّة الشمّ، وكذا الشّأن بالنّسبة لأسراب الحجل ، يعمد البعض إلى اقتناصها بطريقة أو بأخرى وطهيها بطريقة تشبه طهي نوع من الأسماك مثل “الكرشو” أو شبيهه ممّا يتوفّر في هذا الموسم ،بوضعه في آنية عادة ما تكون فخّاريّة وغلقها بعد أن تخمد نار ” الطّابونة” التي أعدّ فيها الخبز، مع مستلزمات الأكلة من “أفاويه وطماطم وفلفل وبطاطا وبصل وثوم ، وشيّ مستلزمات الهريسة العربي.
بيد أنّ إعداد اللّحم [ضأن أو ماعز] بهذه الطّريقة غير محبّذ للبعض ممّن يفضّل “الكسكسي الأصفر” المخصّص للأعراس باستعمال ” الكركم” والزّعفران والبيض والحمّص ، ممّا يستوجب توفّر اللّبن العربي أو بديل له كالجبنة التي تحضر بهرش مادّة من ” الخرشف “Chardon ومزجها بحليب الشّاة أو العنز وتركها زمن القيلولة لتتماسك ولتحفظ بعدها في آنية في مكان بارد[عادة ما يكون البئر هو الثلاّجة] وتقدّم بعد الأكل.
الأسطل البلاستيكية” أو علب الحليب لتحفظ في الثلاجة في ظل اندثار الخابية والبطانة..
الهادي زريك
«بوطبيلة» و مدفع الإفطار و لحم الأرنب و الحجل في الطابونة
لئن حافظت جهة المهديّة على عادات تعيد للذّاكرة أزمان رمضان المعظّم بعبقها وأريجها الفائح عبر ما يقع تحضيره من أكلات تفوح للصّائم، فانّ “المدفع” حذو البرج الفاطمي مازال يؤدّي دوره إيذانا بحلول وقت الإفطار بالتّنسيق بين مطلق القذيفة والجامع الكبير الذي يروي للتّاريخ صولة الفاطميّين في المهديّة وما جاورها من ضواحي بحريّة تأكل من البرّ و البحر وتصنّف أشهى أكلات لا تزال عديد العائلات تتقنها أيّما إتقان وتعدّ العدّة لشهررمضان المعظّم من خلال التحضير له فرحا وتحسّبا وحيطة.
اليوم الأوّل واختلاف بين لحم الضأن والسمك
في جولة خاصّة في الأوساط القرويّة اشتدّ الوقع على ما توفّر من مطاحن لإحضار أنواع من ” المخضور” المعدّ للشّربة و” البرغل ” المستخدم في عديد الأكلات شأن إحضار” العصبان” في النّصف الثّاني من رمضان تزامنا مع احتفاليّات خطوبة أو “عشاء الموتى” والأختام القرآنيّة، لتعدّ ربّات البيوت مختلف مستلزمات المطبخ وإخراج أواني خاصّة بالأكلات معدّة للغرض بدءا بالعدّ العكسيّ لحلول شهر يقرأ له ألف حساب تدبيرا وتخطيطا مسبقا، دون تغاض عن أيّ شاردة أو واردة.
ويرى البعض أنّ لحم الضّأن أو الماعز خاصّة لقلّة شحومه هو سيّد الطّاولة في أوّل ليلة من رمضان المعظّم، إذ يعمد العديدون في الجهة إلى اقتناء رأس منها واقتسام اللّحم فيما بينهم ك”قسّامة “، ويذهب شقّ آخر إلى أنّ السّمك هو أصل الغذاء لملوحته ولضرورة الإكثار من شرب الماء لمقاومة يوم حارّ، ولطبيعة المنطقة البحريّة التي ينتمي إليها، خاصّة وللمرأة هنا دور كبير في حسن التّدبير وهي التي لا تبخل على مدار الشّهر في إحضار خبز الطّابونة سواء من دقيق القمح أو من الشّعير، وعادة ما يمثّل هذا مورد رزق للبعض ببيع الخبز قصد مجابهة مصاريف طارئة وتوفير مادّة أساسيّة بأيسر السّبل.
أرنب أو حجل أو سمك في “الطّابونة”
طبيعة الطّقس الحارّ فضلا عن أن عديد العائلات تقطن وتستغلّ أراضي فلاحية زرعت بأنواع عدة من غلال الصّيف مثل الخوخ أو البطّيخ وما شابههما ، فانّ حلول الأرنب البرّي في هجرتها نحو السّواحل مع ارتفاع درجات الحرارة وبحثها عن مصادر الماء من تلك الغلال عبر حاسّة الشمّ، وكذا الشّأن بالنّسبة لأسراب الحجل ، يعمد البعض إلى اقتناصها بطريقة أو بأخرى وطهيها بطريقة تشبه طهي نوع من الأسماك مثل “الكرشو” أو شبيهه ممّا يتوفّر في هذا الموسم ،بوضعه في آنية عادة ما تكون فخّاريّة وغلقها بعد أن تخمد نار ” الطّابونة” التي أعدّ فيها الخبز، مع مستلزمات الأكلة من “أفاويه وطماطم وفلفل وبطاطا وبصل وثوم ، وشيّ مستلزمات الهريسة العربي.
بيد أنّ إعداد اللّحم [ضأن أو ماعز] بهذه الطّريقة غير محبّذ للبعض ممّن يفضّل “الكسكسي الأصفر” المخصّص للأعراس باستعمال ” الكركم” والزّع