واقع تدريس اللغة العربية في الدنمارك; انطلاقاً من تجاربنا نطرح عليكم خلاصة التصور الذي نحمله عن واقع لم يرق لطموحاتنا في تحقيق الأهداف التي رسمناها رغم استماتتنا وحبنا لهذه المهنة الشريفة والتي اخترناها بمحض إرادتنا; ولعل أسباب عدم الإرتقاء بتدريس اللغة العربية لتدبير جيد ومسؤول راجع بالدرجة الأولى للسياسات المتعاقبة ولاختلاف مواقف الأحزاب السياسية من التمسك بتدريس اللغات الأم أو إلغائها .; رغم أننا منذ سنوات لمسنا أن تدبير شأن تعليم اللغة العربية في الدنمارك مع اختلاف الحكومات لم تعد ذلك المجال الغير المنظم بل تظهر من حين لآخر مبادرات لإدماجها في المنظومة التربوية كالتجربة المطروحة حاليا; رغبة الحكومة الحالية لإدماج اللغة العربية في المنظومة التربوية وتطويرها يفرض علينا التفاعل الإيجابي مع المشروع كممارسين في الميدان والمساهمة بكل التصورات التي نحمل في دعم وإنجاح هذه التجربة وإبراز خطورة ترك تدبيرها للمؤسسات الدينية التي تعتمد على معلمين لا تتوفر فيهم الكفاءة التربوية وغير قادرين على مسايرة النظام التعليمي الدنماركي بل ويلعبون دورا سلبيا في تربية جيل يصبح عاجزا على الإندماج; يميل إلى التطرف متشبعين بأفكار تنعكس سلبا على الأقليات العرقية من أصول مسلمة بصفة عامة; إن رؤية المؤسسات الدينية وجمعيات المجتمع المدني المهتمة بتعليم اللغة العربية يهدف بالدرجة الأولى الحفاظ على الهوية في حين أن رؤية الدولة قد تسعى لتحقيق غير ذلك بحيث تنظر إلى دور مهم للغة في الإندماج وخدمة المصالح الإقتصادية من خلال توسيع مبادلاتها التجارية مع العالم العربي ودول الشرق الأوسط التي تعتبر سوقا واعدة; الواقع الحالي لتعليم اللغة العربية في الدنمارك; يتنوع من :; تعليم مندمج; وتعليم غير نظامي; ومايسمى بالتعليم عن بعد; قد نكون متفقين بالإجماع أن المكان المناسب لتعليم اللغة العربية هو المدرسة وأن إدماجها ضمن المنظومة التربوية خيار لابد من تحقيقه فواقع اللغة الحالي يندرج تحت ما يسمى بالتعليم المندمج والذي يتولى مسؤوليته معلمون مختصون منهم المتخرجون من مدارس التكوين البداغوجي في الدنمارك ومنهم من هم حاصلون على شهادات من بلدانهم الأصلية; إلى جانب التعليم المندمج هناك التعليم الغير النظامي والذي يتم كما أسلفت في المراكز الإسلامية والجمعيات الثقافية ويقوم بتنفيذه مجموعة من المعلمين غير متخصصين ويمارسون المهنة باجتهادات شخصية وبعيدة عن مراقبة الدولة; ثم إلى جانب النموذجين قد نجد ما يسمى بالتعليم عن بعد هذا النموذج ظهر في السنتين الأخيرتين وهي تجربة ابتكرتها أطر تربوية تابعة لمؤسسة مغربية تعنى بشؤون الجالية المغربية بالخارج وهي تعتمد على الأساليب التكنلوجية الحديثة والتي يتجاوب معها المتلقي والموقع تحت عنوانE-madrassa.maويتطلب من الراغب تعلم اللغة العربية التسجيل للحصول على رمز سري يستعمل للتفاعل مع الموقع; تطوير تدريس اللغة العربية في الدنمارك; في ظل الإصلاح الذي سوف تعرفه المنظومة التربوية ابتداءا من الصيف القادم والتحديات التي سنواجهها المدرسين والتي ستضاف لبقية العراقيل والمشاكل التي يعانون منها خلال السنوات الماضية والتي يمكن إجمالها في ما يلي; -عدد ساعات العمل الإضافية و المرهقة بالنسبة للمعلم والتلميذ; -الإرهاق الذي سيزداد حدة بالنسبة للأطفال والذي يتولد عنه غياب الرغبة في التعلم; -غياب منهج متكامل يناسب مستوى وبيئة الأطفال في الدنمارك; -غياب الإرادة السياسية الواضحة; – تغييب دور معلم اللغة العربية كلاعب أساسي في المدرسة العمومية فهو لاعب أساسي في المنظومة التربوية ومؤثر بشكل كبير في تطبيق سياسة الإندماج التي تقرها الحكومة; لتطوير تعليم اللغة العربية; -; إذا لتجاوز كل المعيقات والتحديات يجب; تطوير تعليم اللغة العربية من خلال مايلي:; لابد من التقدم باقتراحات لتدبير التغيير المرتقب ومن بين الحلول المطروحة للبحث والنقاش; -إدماج تعليم اللغة داخل استعمال الزمان; -إمكانية تدريس اللغة العربية يوم السبت في حالة استحالة إدماجها في استعمال الزمان; -إشراك المختصين التربويين في إيجاد حلول لوضعية تدريس اللغة العربية بسبب الإصلاح المرتقب; -إشراك الآباء في النقاش وتنبيههم لضرورة التحرك من أجل الحفاظ على المكتسبات والتفاعل والتواصل مع السياسيين والمختصين التربويين; -ضرورة رفع توصيات لجهات متعددة في الدنمارك على سبيل المثال لا الحصر نقابة التعليم والأحزاب السياسية الحاكمة والإتحاد الأروبي رغم أن كل دولة حرة في تطبيق السياسة التي تريد لكنها ملزمة باحترام الإتفاقياث الدولية; -لابد من خلق لجنة يعهد إليها إعداد منهاج للغة العربية يعتمد على المهارات الأربع; القراءة والكتابة والإستماع والتعبير الشفوي والكتابي وتحديد أهم الأهداف مع مراعاة المنهاج التربوي الدنماركي; المعلم محور العملية التعليمية; وبما أن المعلم هو محور العملية التعليمية فلابد أن تتجلى فيه صفات معينة وبدونها لا يمكن تحقيق الأهداف المتوخاة; هل تتوفر فينا شروط المدرس الناجح ؟; هل لنا من الكفاءة والخبرة والأهلية التي تمكننا من حماية الأجيال من التطرف في مجتمع غربي ؟; وما هي الصفات التي يجب أن تتجلى في كل من اختار أن يتحمل مسؤولية تدريس اللغة العربية ؟; لعل من الصفات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها مدرس اللغة العربية; حبه للمهنة واحترامه لقوانينها وتمكنه من ثقافة وأهلية تربوية تساعده على الخلق والإبداع; ولعل من السمات الشخصية المطلوبة كذلك في المعلم أوالمعلمة :; أن تكون للمعلم القدرة على الإحاطة بخصائص تلاميذه وحاجياتهم ومكوناتهم الإجتماعية والثقافية; ونطرح مجموعة من التساؤلات الأخرى و التي تجسد حقيقة المعايير المهنية; كيف يؤدي المعلم أوالمعلمة رسالته بمهنية وكيف يوفر مناخا تعليميا متميزا ؟ في ظل المعيقات التي ذكرت والإصلاح المرتقب للمنظومة التعليمية; هل يستطيع المدرس أن يوظف المصادر المتاحة وطرق التدريس المناسبة في ضل تعدد المستويات داخل الصف الواحد; والتي يكون لها انعكاسات سلبية على مستوى الأطفال; ضرورة تأهيل المدرس من مسلمات نجاح العملية التعليمية وبالتالي تنمية قدرات المدرس وفق معايير الجودة على نوعية التعليم; الإستفاذة من تجارب الدول المجاورة في تدريس اللغات الأم بصفة عامة وتدريس اللغة العربية بصفة خاصة على سبيل المثال لا الحصر تجربة السويد والنرويج; ويمكن أن نجمل مقاييس النجاح في تدريس اللغة العربية في; -البرامج المعتمدة; -المدرس المؤهل; -القابلية على التعلم; تقييم مناهج التعليم المعتمدة; إذا أردنا تقييم الوسائل التعليمية بمنظور واقعي فهناك إشكالية تعدد الوسائل; هناك مناهج مختلفة وليس بين يدي سوى منهاج العفاس والإخوة والأخوات الذين يعتمدون على مناهج أخرى فهم ملزمون بتقييم هذه المناهج من خلال مناقشة صريحة; بالنسبة لمنهاج العفاس الأقرب للتطبيق في بلد أروبي غير فرنسا والأنسب لأنه روعي فيه قواسم مشتركة للأقليات التي تعيش في دول الإتحاد ويتماشى مع التوجهات الرسمية لدوله لكنه ليس هو المنهاج النموذجي الخالي من الشوائب والأخطاء; هذه الهفوات والأخطاء تفرض على المدرس الإجتهاد والتصرف والمراجعة وتقديم ماهو أنسب; خاتمة; علينا أن نسعى جميعا لتطوير تعليم اللغة العربية في الدنمارك حتى نساهم في ربط جيل مزداد بهذا البلد بثقافتهم الأصلية; ثقافة المعرفة والإنفتاح والحواروالتسامح بعيدا عن التطرف والعنف والإنعزال وكذا من مصلحة هذا الوطن الذي نعيش فيه أن تكون اللغة العربية وسيلة التواصل مع الشرق الأوسط التي هي سوق واعدة ضامن لعلاقات تجارية تساعد على النمو والإستقرار الإقتصادي; مازال هناك عمل كبير ينتظرنا جميعا للمساهمة في تطوير الطرق التربوية والمناهج المستعملة واستغلال التكنولوجيات الحديثة التي تخدم أهداف التعليم الجيد السبورات الرقمية والفاعلية والحواسب وغيرها; وبه التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.; [email protected] ([email protected])