زاوية الاقتصاد

رغم الانفتاح بين البلدين.. سوريا ترفض تزويد الأردن بحصته المائية من حوض اليرموك

عمّان- جاء رفض دمشق تزويد عمّان بـ30 مليون متر مكعب من المياه ليضاعف من الأزمة التي يعانيها الأردن جراء نقص المياه؛ في ظل تزايد حاجته المائية في موسم صيفي هو الأكثر جفافا والأشد فقرا بالمياه على الأردن، وفق خبراء.

جفاف تسببت به التغيرات المناخية وتراجع الهطول المطري، وتواجهه السلطات بحزمة من الإجراءات القريبة والبعيدة المدى لتوفير كميات مياه إضافية، في ظل عجز مائي بلغ نحو 370 مليون متر مكعب هذا العام، منها 60 مليون متر مكعب مخصصة للشرب .

وقد اشترت السلطات الأردنية 50 مليون متر مكعب من المياه من الجانب الإسرائيلي، يتم ضخها من بحيرة طبريا إلى الأردن لغايات الشرب وري المزروعات.

وبموجب اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية تحصل الأردن على 55 مليون متر مكعب من مياه نهري اليرموك والأردن، وبسعر سنت واحد للمتر.

ويرتبط الأردن بعلاقاته المائية مع دول الجوار باتفاقيتين مهمتين، الاتفاقية العربية المشتركة لإدارة مياه حوض اليرموك بين الأردن وسوريا الموقعة في 1953، والمعدلة عام 1987، واتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة عام 1994.

إزالة اعتداء على شبكات المياه في محافظة الزرقاء ضمن جهود السلطات للمحافظة على المياه (الجزيرة)

حصة الأردن

وكان وزير المياه والري الأردني محمد النجار قد أرسل إلى نظيره السوري منتصف مايو/أيار الماضي رسالة يطلب فيها تزويد بلاده بـ30 مليون متر مكعب من المياه، إلا أن الرد السوري جاء بالرفض معللا ذلك بأن “سوريا بحاجة كبيرة لكميات المياه الموجودة لديها”.

وبموجب “الاتفاقية العربية المشتركة” الموقعة سابقا بين الطرفين؛ فإن حصة الأردن من مياه حوض نهر اليرموك تبلغ 200 مليون متر مكعب سنويا، وفق مصدر رسمي أردني، وقد أنشأ الأردن سد الوحدة بمحاذاة الحدود السورية لتخزين تلك الكميات، إلا أن الجانب السوري يمتنع -وفق المصدر- عن تزويد الأردن بتلك الكميات، وأنشأ أكثر من 40 سدا لحجز المياه، والتوسع بزراعة الأراضي في الجنوب السوري، وحفر آلاف الآبار الجوفية؛ وذلك خلافا للاتفاقيات بين الجانبين.

ورغم حالة الانفراج في العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية بين البلدين خلال الفترة الماضية، وفتح الحدود البرية، وتبادل اللقاءات بين وزراء البلدين، إلا أن ملف المياه وحقوق الأردن المائية بحوض اليرموك “لم يطرح للنقاش”، وفق مصدر رسمي أردني.

شاحنات أردنية عائدة من الجانب السوري بعد فتح المعبر الحدودي بين البلدين العام الماضي (الجزيرة)

هجرات واعتداءات

وتتعد أسباب حالة الجفاف وشح المياه التي يمر بها الأردن، وأهم الأسباب -وفق الخبير بقطاع المياه إلياس سلامة في حديثه للجزيرة نت- هي:

  • موقع المملكة الجغرافي بإقليم شبه جاف.
  • الهجرات القسرية من دول الجوار على مدى العقود السابقة.
  • زيادة أعداد السكان، حيث وصلت حاليا لـ10 ملايين نسمة، مما رفع الطلب على المياه.
  • اعتداءات دول الجوار “سوريا وإسرائيل” على حقوق الأردن المائية بحوض اليرموك ونهر الأردن، والآبار الجوفية جنوب الأردن.
  • تأخر أصحاب القرار المائي في الأردن بوضع إستراتيجية مائية، تحدد متطلبات المملكة المتزايدة، وتعمل على إيجاد مصادر جديدة، خاصة اعتماد المسؤولين السابقين على إنجاز مشروع “ناقل البحرين” بين البحر الميت والأحمر، الذي تعرض للتعنت والرفض الإسرائيلي مما أربك حسابات وخطط الأردن.

ويرى سلامة أن الحل الدائم والبعيد المدى لأزمة المياه بالأردن هو من خلال تحلية مياه البحر الأحمر بخليج العقبة جنوب الأردن، وبشرط إقامة المشروع الوطني لتحلية 600 مليون متر مكعب سنويا، أما خطة وزارة المياه بتحلية 300 مليون متر مكعب فلن تشكل حلا دائما.

وقد خصصت وزارة المياه والري نفقات مالية بقيمة 400 مليون دولار، وذلك للتقليل من الفاقد المائي في مختلف المحافظات، حيث يتضمن هذا الجهد تحديث الشبكات وتعزيزها، وضبط السرقات، والإدارة المائية الحصيفة خلال العامين 2021 و2022.

مزارعون يشتكون آثار الجفاف على محاصيلهم (الجزيرة)

زراعة حديثة

ووفق وزير الزراعة السابق عاكف الزعبي فإن حصة الأردن المائية من حوض نهر اليرموك بحسب الاتفاقيات 206 ملايين متر مكعب سنويا، لكن ما يصل فعليا يتراوح ما بين 10 و30 مليون متر مكعب سنويا وفق الموسم المطري، مما يوجب على الأردن “اتخاذ إجراء عربي أو دولي لمحاسبة السلطات السورية على ذلك”، على حد قوله.

ويرى الزعبي أن خيارات الأردن في مواجهة أزمة الجفاف تتمثل بـ:

  • تحلية مياه البحر الأحمر جنوبا، وضخ المياه المحلاة إلى محافظات المملكة، بشرط استخدام طاقة كهربائية نظيفة مولدة من الشمس، لأن الكهرباء المولدة من الغاز والنفط سترفع من كلفة أسعار المياه المحلاة.
  • استخراج المياه الجوفية العميقة ومعالجتها واستخدامها للزراعة والشرب.
  • تقليل الفاقد من الشبكات المتهرئة، ومواجهة الاعتداءات على الخطوط الرئيسية الناقلة.
  • استخدام الوسائل والزراعات الحديثة بتقنيات “الهايدروبونيك” المخفضة لاستخدامات المياه بنسبة 80% وتشجيع المزارعين على استخدامها ومنحهم قروضا بنسب فائدة منخفضة.
  • إنشاء برنامج للتنظيم الاقتصادي للإنتاج الزراعي ينظم عملية إنتاج زراعي ذي قيمة اقتصادية عالية.

وخلال العامين الماضي والحالي شهد الأردن جفافا للسدود في محافظات الجنوب، طال سدود الوالة والموجب والتنور وشعيب وغيرها، ومع قدوم الصيف يرتفع الطلب على المياه ويصل لمعدل 3 ملايين متر مكعب يوميا، في حين لا تتجاوز الكميات الموجودة بالسدود حاليا الـ75 مليون متر مكعب من أصل 285 مليون متر مكعب (قدرتها التخزينية).

حملات وزارة المياه الأردنية لإزالة الاعتداءات على مصادر المياه (الجزيرة)

خطط حكومية

ورسميا، أعدت وزارة المياه والري خططا لتوفير مصادر مائية جديدة وفق عمر سلامة مساعد أمين عام وزارة المياه. وأوضح سلامة -في تصريح للجزيرة نت- أن الوزارة تعتمد على حفر آبار مياه جوفية جديدة، واستئجار آبار من أصحابها، وتأهيل آبار قائمة، ونقل المياه من مناطق الشمال للمحافظات الوسطى والجنوبية، والبحث عن مصادر مائية جديدة وغير تقليدية، وتنفيذ مشروع الناقل الوطني، والحد من الفاقد.

وتفتقر السدود الأردنية الـ14 لمصادر التغذية من المياه السطحية، باستثناء سدي الوحدة والملك طلال، إضافة لانخفاض كبير لتدفق المياه في نهر اليرموك بسبب توسع الجانب السوري بإقامة السدود هناك.

ووقع الأردن وإسرائيل -برعاية إماراتية- اتفاق إعلان نوايا لمشروع مشترك بين البلدين، يتم من خلاله تزويد الأردن بحاجته من المياه المحلاة من البحر الأبيض المتوسط لدى لجانب الإسرائيلي، وتزويد الإسرائيليين بطاقة كهربائية من مشاريع طاقة شمسية بالصحراء الأردنية جنوب المملكة.

المصدر : الجزيرة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق