
ردا ً. على تعليق الأستاذ حسن إبراهيمي من المغرب 👇
طيب الله اوقاتكم بالخير والبركة اينما تواجدتم
قبل ايام قليلة تحدثت عن موضوع ازدواجية اللغة
ومن بين التعليقات كان هذا التعليق ولأهميته ولانه يالشؤال يحتاج إلى بحث كامل
فقد قسمت الإجابة إلى أبواب أربعة. أ أقسام أربعة
التعليق👇👇👇
“موضوع جميل اثار عندي اسئلة يمكن تلخيصها في ما السياق التاريخي الذي سمح بهيمنة اللغة العربية الفصحى ، قياسا للغات الاخرى التي تسمى العامية في كل بلد عربي ؟ ولماذا هذه الهيمنة على حساب اللغات الاخرى اقصد العامية الامازيغية ، وباقي اللغات في كل بلد عربي ؟”
المقال الاول :
🔹 السياق التاريخي لهيمنة العربية الفصحى
1. نزول القرآن بالعربية:
• الحدث المفصلي الأهم في تاريخ اللغة العربية الفصحى هو نزول القرآن بها في القرن السابع الميلادي.
• هذا الحدث منح العربية مكانة مقدسة بين المسلمين، وأدى إلى ارتباطها بالهوية الدينية والطقوس والشعائر.
2. الفتوحات الإسلامية:
• الفتوحات التي بدأت في القرن السابع الميلادي نقلت اللغة العربية إلى مناطق واسعة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
• لكن في البداية، لم تفرض اللغة العربية بالقوة؛ بل ظلت اللغات الأصلية كالسريانية، القبطية، البربرية، الفارسية… مستخدمة على نطاق واسع.
3. التعريب الإداري والسياسي:
• في العصر الأموي، خصوصًا مع عبد الملك بن مروان (القرن 1 هـ / 7م)، تم تعريب الدواوين الرسمية، أي مؤسسات الدولة.
• أصبح من الضروري تعلم العربية للفئات التي تسعى للانخراط في البيروقراطية أو التعليم أو التجارة الواسعة.
4. الدولة العباسية وازدهار اللغة العربية:
• العصر العباسي جعل من العربية لغة العلم والفلسفة والترجمة (بيت الحكمة في بغداد، مثلًا).
• أصبحت العربية وسيطًا للمعرفة في العالم الإسلامي، فتفوقت على اللغات الأصلية حتى في الأوساط غير العربية.
🔹 لماذا تراجعت أو همّشت “العاميات” واللغات المحلية؟
1. تقديس اللغة الفصحى:
• بما أن العربية الفصحى مرتبطة بالنص المقدس، فقد جرى اعتبارها لغة “أعلى” من العاميات أو اللهجات.
• اللهجات اعتُبرت تشويهًا للفصحى، لا تطورًا طبيعيًا عنها (رؤية غير لسانية، لكنها شائعة في المجتمعات العربية).
2. السياسات التعليمية المركزية:
• الدولة الحديثة، خصوصًا بعد الاستقلال في القرن العشرين، اتخذت الفصحى لغة رسمية ووحيدة للتعليم والإعلام والإدارة.
• هذا عزّز من تهميش اللهجات، خصوصًا غير العربية منها مثل الأمازيغية والكردية والسريانية.
3. الدين والهوية الجامعة:
• القومية العربية، خاصة في القرن العشرين (مع البعثيين، الناصريين، وغيرهم)، ساهمت في ترسيخ اللغة العربية كعنصر جامع، وجرى الترويج لها كوسيلة لوحدة الشعوب العربية، على حساب التنوع المحلي.
4. مركزية المؤسسات الدينية:
• المؤسسات الدينية الكبرى (الأزهر، الزيتونة، القرويين) جميعها اعتمدت العربية الفصحى، ما جعلها حاضرة في كل ما يتعلق بالفقه، التعليم، والفتاوى.
🔹 لماذا لم تكن نفس الهيمنة للغات مثل الأمازيغية أو اللهجات؟
1. غياب الدعم السياسي والمؤسساتي:
• لم تحظَ هذه اللغات بنفس الحماية القانونية أو الموارد المؤسسية، سواء من الدولة أو من النخب السياسية.
• في حالات كثيرة، تم النظر إلى الأمازيغية مثلًا كتهديد للوحدة الوطنية.
2. التحول الطوعي للغة العربية:
• كثير من الجماعات غير العربية تبنت العربية طوعًا لما تحمله من رمزية دينية أو منافع اقتصادية وسياسية.
3. ضعف التدوين باللغات المحلية:
• العاميات واللهجات بقيت شفهية في الغالب، ما جعل من الصعب ترسيخها في مجالات التعليم أو الإدارة.
• على عكس العربية الفصحى التي تمتلك تقاليد كتابية منذ العصر الجاهلي.
🔹 خلاصة
هيمنة اللغة العربية الفصحى ليست فقط نتيجة ارتباطها بالإسلام، بل هي نتاج:
• دعم الدولة (منذ الأمويين).
• قداسة دينية.
• استخدامها كلغة معرفة وإدارة.
• سياسات قومية حديثة همّشت غيرها.
لكن المهم أن ندرك أن اللهجات واللغات المحلية ليست “أدنى”، بل لها عمق تاريخي وثقافي غني، وتعيش الآن محاولات جديدة للبعث، خصوصًا في المغرب والجزائر بالنسبة للأمازيغية، أو عبر الإعلام الحديث في أشكال العامية المختلفة
✅ مصادر تاريخية ولغوية:
1. جواد علي – المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام
• يناقش أصول العربية والفرق بين العربية الشمالية والجنوبية قبل الإسلام.
2. أنور الجندي – تاريخ اللغة العربية
• تحليل للمرحلة التي تلت نزول القرآن، وبداية تعريب الدولة.
3. Ignaz Goldziher – Die Richtungen der islamischen Koranauslegung
• يناقش كيف أثّر القرآن في ترسيخ الفصحى بوصفها لغة معيارية.
4. T. M. Johnstone – Arabic Language and Its Linguistics
• يشرح كيف نشأت الفصحى من لهجات متعددة، وتم ترسيخها دينيًا وإداريًا.
5. Ferguson, Charles A. (1959) – Diglossia, in Word
يتبع المقال الثاني ……..غدا. بحول الله
مقارنة بين العربية الفصحى واللاتينية: مسارات الهيمنة والاندثار والتحول