منذ أيامٍ كنا نترقب حلول شهر رمضان في لهفة وشوق وكأن زائراً عزيزاً سَيَهِلُّ علينا بعد غيابٍ طويل، وها نحن الآن نودعه في عشرهِ الأواخر، إلا أن زائرنا المبارك وعبر الزمن له قيمةٌ عظيمةٌ فهو موسمٌ عزيزٌ على أهله بما يحمله من معانٍ سامية وألفاظٍ معجميةٍ، ولكل موسم معجمه.
فأيامنا تتداول وفي ثناياها مناسبات ومواسم متنوعة: دينية ووطنية واجتماعية وثقافية وغيرها، ولكل مناسبة وموسم معجمه الذي يحتوي على مجموعة من الألفاظ اللغوية والمصطلحات التي ترتبط بما يعبر عن تلك المناسبة، أما المناسبات الدينية فمن أبرزها شهر رمضان المبارك، فعند سماعنا لشهر رمضان تتبادر إلى أذهاننا ألفاظه المعجمية التي تعبر عن كل ما يرتبط بهذا الشهر الكريم من مفاهيم وألفاظ لغوية خاصة بهذه الشعيرة الدينية السنوية، حيث تتكرر في أذهاننا كل عام لتحفزنا للاستعداد لهذا الشهر الكريم، حتى إن بعضهم خصص معجماً لهذه المناسبة.
من أبرز تلك المعاجم (معجم رمضان) للمؤلف فؤاد مرسي الذي قام بتأليفه ليشكل قاعدة معلومات ولغويات رمضانية، حيث لا يوجد معجم كامل خاص بهذا الشهر وإنما تتناثر مواده بين المراجع، وقد أشار في فصول الكتاب إلى عدة موضوعات رمضانية، منها: فقه شهر رمضان وعباداته ورؤية الهلال والسحور وصلاة التراويح وغيرها، بالإضافة إلى الأحداث التاريخية في رمضان وكذلك الآداب والفنون والأمثال.
وفي هذا السياق نود أن نسلط الضوء على اللغويات الرمضانية التي ترتبط بالألفاظ والمفاهيم التي كان لنزول القرآن الكريم إيذاناً بدخول العديد من الألفاظ مرحلةً جديدةً وخاصةً في الاصطلاح الشرعي مثل: رؤية الهلال ويوم الشك والسحور والصيام والفطور وصلاة التراويح والتهجد والاعتكاف وزكاة الفطر وليلة القدر والعشر الأواخر وغيره، حتى لفظ رمضان أصبح له معنى ومفهوم جديد في الاصطلاح الشرعي، فبمجرد حلول هذا الشهر الكريم؛ فإنه تتبادر إلى أذهاننا هذه اللغويات الرمضانية الموسمية، فعلى سبيل المثال لفظ السحور في الأصل هو الطعام والشراب اللذان يتناولهما الصائم وقت السحر لكنه لم يعد فقط مجرد مأكل ومشرب بل أصبح سُنّة، ومن آداب الصيام، كذلك لفظة الصيام إذ لها أكثر من معنى منها: صامت الشمس: صارت في كبد السماء، وصامت الفرس: قامت ولم تعتلف، أما شرعاً: فهو الإمساك عن الطعام والشراب والمفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، أما تسمية رمضان فأهل العلم يوثقون الصلة بين التسمية (رمضان) وشدة الحر: رمض النهار أي اشتد حره، وقيل: سمي بذلك: لأنه يرمض الذنوب أي: يحرقها وفي ذلك تطهير معنوي بمعنى الإزالة، وأما صلاة التراويح: الجلوس، لأن المصلين يستريحون بين ركعاتها، وأما زكاة الفطر: ففي الدلالات اللغوية للمعجم الصومي في أساسها: التطهير والسمو بالنفس البشرية، ففي اللغة زكاة الفطر: من زكا يزكو: نما ينمو، لكن الاصطلاح الشرعي جعل الزكاة تطهيراً لمال المزكي وللنفس من أردان الشح والبخل إلى آفاق الإيثار والإنفاق ولرسم البسمة على شفاه المحتاجين من اليتامى والمساكين وغيرهم، ولأن المقال لا يستوعب سرد جميع المعاني اللغوية والاصطلاحية للغويات الرمضانية فنكتفي بما ذُكر على سبيل المثال لا الحصر.وبناءً على ما تقدم؛ فإننا نوصي في ختام هذا الشهر الفضيل الذي سيودعنا بعد أيامٍ قليلة بضرورة إعداد إطار مرجعي رمضاني أو (الموسوعة الرمضانية) التي ستجمع كل ما يرتبط بهذا الشهر الفضيل.