مقالات

التأثير الأندلسي في الطبيخ التونسي من خلال “فضالة الخوان في طيبات الطعام و الألوان ” لابن رزين التجيبي التأثير الأندلسي في الطبيخ التونسي من خلال “فضالة الخوان في طيبات الطعام و الألوان ” لابن رزين التجيبي / د.عبد اللطف عبيد /تونس

بسم الله الرحمن الرحيم

و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين .

السيد رئيس جامعة الزيتونة ،

السيد رئيس جامعة المنستير ،

السيد مدير مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان،

السيد مدير معهد الدراسات السياحية بسيدي الظريف ،

أيها العلماء الأفاضل و الأساتذة الأجلاء ،

أيها الحضور الكريم ،

السلام عليكم

يسعدني أن أكون بينكم في هذه الندوة المباركة ، وأن أتوجه بالشكر الجزيل إلى المنظمين والداعين.

سأتناول في هذه الورقة بعض ملامح التأثير الأندلسي في الطبيخ التونسي ، وذلك من خلال كتاب مهمّ من كتب الطبيخ في الحضارة العربية الإسلامية عامّة و الأندلسيّة خاصّة هو “فضالة الخوان في طيّبات الطعام و الألوان ”   لابن رزين التّجيبي المرسي الأندلسي .

إن الطبيخ ، كما تشير إلى ذلك الدكتورة سهام الدبّابي الميساوي في كتابها عن “مائدة إفريقية” : “معرفة و مهارة وفنّ ، علاوة على بعده الهووي و قيمته التاريخية و التراثية “( ) .

و للبلاد التونسية العريقة في التاريخ و الحضارة طبيخ ممتدّ في الزمان و متأثر بعناصر جغرافيتها من موقع و مناخ و تربة و نبات وحيوان ، وبتاريخ الدول التي قامت فيها و حكمتها، وكذلك بعلاقاتها الاقتصادية و السياسية والثقافية المتنوعة مع الشرق و الغرب، والشمال والجنوب () .

وقد استفاد الطبيخ التونسي من موائد شعوب عريقة مثل الفينيقيين ، و القرطاجيين، والرومان، والبربر /الأمازيغ .

كما استفاد أيضا من الموائد العراقية و الشامية و المصرية و الفارسية والأندلسية، وفي العصور الحديثة اختلط الطبيخ التونسي بالموائد اليهودية و الإيطالية و الفرنسية و المالطية و أخذ عنها الكثير .

وتعود أصول العادات الغذائية التونسية إلى أعماق الفضاء الثقافي لشرق المتوسط القديم حيث كانت تستهلك بكثرة الحبوب المختلفة و خاصة القمح و الشعير في شكل خبز وثريد أو فطائر قمح .كما تعتمد أصول العادات الغذائية التونسية على حبوب تكميلية أخرى و على زيت الزيتون وفواكه عديدة كالتمر و التين و العنب و الرمان ،إضافة إلى لحوم بعض الحيوانات و الطيور والأسماك .

وعموما فقد كان غذاء عامّة التونسيين ،عبر التاريخ ،نباتياّ و يغلب عليه ،عند ضعاف الحال، الشعير أكثر من القمح .كما استفاد هذا الغذاء ممّا وفد من بلدان الشرق خاصّة من توابل متنوعة.

وبالنسبة  إلى التأثير الأندلسي فإنه قد كان كبيرا ، إلى حدّ أنّ الموسوعة التونسية قد ذكرت أنّه “هكذا أصبح للأندلسيين دور كبير في تحوير نوعية التغذية التي كانت إلى حدّ ذلك الوقت (بداية ق 17 م ) مركزة أساسا على السميد . إذن يمكن القول دون مبالغة إنّ في تاريخ الغذاء التونسي فترة ما قبل و ما بعد الأندلسيين () .

و الحقيقة أن العلاقات بين إفريقية و الأندلس تعود إلى القرن الأول للهجرة أي إلى زمن تأسيس القيروان ثمّفتح الأندلس .وقد كان للقيروان فضل كبير في قيام الحضارة العربية الإسلامية بالأندلس ، تم تواصل التأثير المتبادل بين الحضارتين إلى أن جاءت الهجرات الأندلسية وبرز نتيجتها التأثير الأندلسي بحكم الحضور البشري المهمّ.

وقد عرفت تونس هجرات أندلسية عديدة () أولاها سنة 202 هـ/818 م ،و ثانيتها خلال القرن السابع للهجرة /الثالث عشر للميلاد إثر معركة العقاب ،ومن أعلام هذه الهجرة الثانية ابن الأبار و ابن عصفور و حازم القرطاجنّي. وكانت الهجرة الثالثة عند سقوط غرناطة سنة 897 هـ/1492 م .أما الهجرة الأخيرة الرابعة فقد كانت جماعية نتيجة قرار الطرد النهائي الذي أصدره الملك فيليب الثالث سنة 1609 م .وقد فضّل أغلب المهاجرين التوجّه إلى تونس ، وبلغ عددهم هذه المرّة ثمانين ألف نسمة .وقد أثروا في نواح كثيرة من حياة البلاد منها الطبيخ .

وقد أشارت بعض الدراسات إلى أنواع من الأطعمة التونسية التي هي من أصل أندلسي مؤكّد جاء بها المهاجرون الأندلسيون أو هي ناتجة عن التأثير الثقافي و الغذائي الأندلسي في تونس، وتغلب عليها الفواكه والعطور و الجبن والزعفران ، ومنها البناضج والكيساليس والقيزاطا وكعك الورقة () .

ونشير هنا إلى أنّ المهاجرين الأندلسيين /الموريسكيين في هجرتهم الرابعة مطلع القرن السابع عشر قد جاؤوا معهم بمواد غذائية مهمة كانت قد وصلت إلى إسبانيا بعد اكتشاف أمريكا ،منها البطاطا و الطماطم و الذّرة (القطانية) والفلفل (الأخضر) والتين الشوكي والديك الرومي …

وكتاب “فضالة الخوان في طيّبات الطعام و الألوان ” هو للعلاّمة أبو الحسن علي بن محمد بن أبي القاسم محمد بن أبي بكر بن رزين التجيبي الأندلسي .وكلّ ما لدينا عنه أنّه فقيه، أديب ، كاتب،  ينسب إلى مرسيّة شرقي الأندلس .

ونفهم من ثنايا الكتاب أنّه قد كتبه ما بين سنة 636 هـ/1238م ، وهي السنة التي سقطت فيها مدينة بلنسيّة في يد ملك أراغون ، وسنة 640 هـ/1266م التي تغلب فيها النصارى كذلك على مرسيّة.

وقد حقق الكتاب تحقيقا غير دقيق الأستاذ المغربي محمد بن شقرون ، ونشرته دار الغرب الإسلامي بيروت سنة 1984 في طبعة ثانية أعدّها الدكتور إحسان عبّاس و ذلك في 320 صفحة بما فيها المقدّمة و الفهارس .

و”فضالة الخوان ” كتاب محكم التخطيط ،دقيق الترتيب ،واضح الأقسام و الفصول .وهو يتكون من توطئة و اثني عشر قسما، وكل قسم يتضمن فصلا أو فصلين أو عدّة فصول بحسب أهمية الموضوع.

ومن المفيد تقديم فكرة عن محتوى الكتاب وذلك باستعراض عناوين أقسامه الإثني عشر وأهمّ فصوله :

1) القسم الأول في الأخباز و الثرائد و الأحساء و طعام الخبز وغير ذلك، ويتضمن خمسة فصول تحدّثت عن 97 طبقا أو لونا .
2) القسم الثاني في أصناف لحوم ذوات الأربع ،ويتضمن ستّة فصول تحدّثت عن 91 لونا من ألوان الطعام .
3) القسم الثالث في أصناف لحوم الطير ،ويشتمل على سبعة فصول اهتمت بـ76 لونا .
4) القسم الرابع في طبخ اللون المسمّى بالصنهاجي و الكرش المحشوة و اللسان الصنهاجي، ويتضمن ثلاثة فصول اهتمت بثلاثة من ألوان الطعام .
5) القسم الخامس في أنواع الحيتان وضروب البيض ،وبه فصلان اهتما بـ 35 لونا .
6) القسم السادس في الألبان وكلّ ما يكون منها ،وفيه ثلاثة فصول بها 13 وصفة .
7) القسم السابع في البقول و ما إليها ، وفيه أربعة فصول بها 35 لونا .
8) القسم الثامن في نوع الفول و الحمّص وأشباه ذلك،وفيه أربعة فصول اهتمّت بثمانية ألوان من الطعام .
9) القسم التاسع في المعسّلات وأنواع الحلواء و ما يضاف إلى ذلك ،وفيه سبعة فصول تطرّقت لـ27نوعا.
10) القسم العاشر في الكوامخ وعمل الخلول و المرّي و الدهان وإصلاح الزيت، وفيه اثنا عشر فصلا أهتمت بـ27 لونا أو طريقة .
11) القسم الحادي عشر في طبخ الجراد و القمرون، وفيه ثلاثة فصول تناولت بالاهتمام ستة ألوان .
12) القسم الثاني عشر في الغاسولات، وقد اهتم بتسعة أنواع منها.

وبهذا فإن كتاب “فضالة الخوان ” قد اهتمّ في أقسامه الإثني عشر بما مجموعه 427 لونا من الطعام أو طريقة /كيفيّة من طرق طبخها .

لكن ماهو تأثير هذه الأطباق أو ألوان الطعام الأندلسيّة كما جاءت في كتاب “فضالة الخوان ” في الطبيخ التونسي ؟

نحاول أن نجيب عن هذا السؤال في النقاط التالية :

1- ينبغي أن نذكّر بأنّ هذا الكتاب هو من القرن السابع للهجرة /الثالث عشر للميلاد، أي هو سابق للهجرة الأندلسيّة الكبيرة الرابعة التي تمّت في بدايات القرن السابع عشر بأربعة قرون تقريبا ،و بالتالي فإنّه لا شكّ أنّ تطوّرات قد حصلت في الطبيخ الأندلسي خلال أربعة قرون لم يتضمّنها الكتاب .
2- تقول الدكتورة سهام الدبّابي الميساوي :” يجدر أن نشير إلى أنّ أهل إفريقية (….) كانوا يعرفون ألوانا يظنّ الناس أنّ المشارقة أدخلوها إلى الأندلس .ولعلّنا نقصد العجائن الغذائية، والطبيخ الحامض- الحلو، و بعض ألوان الحلوى. ولكن دونما شكّ فإن كتاب ابن رزين الجامع لطبيخ الأندلس (إلى عهده ) شاهد على ثراء الألوان الأندلسيّة  التي سيكون لها الأثر البليغ في طبخ مدينة تونس خاصّة و المدن التي أنشأها الموريسكيون ” ().ويشير ابن رزين نفسه في كتابه موضوع ورقتنا هذه إلى بعض الأطباق التونسية التي وصل صداها إلى الأندلس .من ذلك “ثريده الفطير المصنوعة بالدجاج  فيقول إنّ هذا هو الفطير المقصور على أهل إفريقيّة وخصوصا حضر أهل تونس ، فإنهم كثيرا ما يحتفلون به و يباهون به في أعيادهم () .
3- إنّ تمييز الأطباق الأندلسية من الأطباق الإفريقية الأصيلة أو الأقدم من الأطباق الأندلسيّة

يحتاج إلى تتبع دقيق لمسار أطعمة إفريقيّة (البلاد التونسيّة الآن ) وما يستخدم في إعدادها من مواد وتوابل و أدوات من أجل وضع الموسوعة /المعجم التاريخي للطبيخ التونسي وذلك من خلال كتب التاريخ و الرحلات ،وكتب التراجم و السير و المناقب ،وكتب الفتاوى والحسبة و الفقه ،وكتب الطبّ، إضافة إلىكتب الطبيخ .

4- ومع ذلك فإنّه ممّا لا شكّ فيه أنّ الأندلسيّين الوافدين على تونس قد حملوا معهم تفنّنهم في الحضارة وترفهم في الأكل و الآنية ، وأنّ كثيرا من هذه الأطباق المذكورة في “فضالة الخوان” ،حتّى و إن كانت إفريقيّة الأصل أو وصلت إلى إفريقيّة من العراق و الشام وفارس وغيرها ،قد حافظ عليها الأندلسيون وطوّروها ووطّنوها في تونس .
5- إنّ قرائن كثيرة ،لغوية و مادّية ،في مجال الطبيخ تؤكد تأثير الأندلسيّين .و نحن لا نستطيع، هنا ،أن ننجز من خلال” فضالة الخوان” جردا موسّعا لما نذهب إلى أنّه من التأثير الأندلسي في الطبيخ التونسي بسبب كثرته وتواتره ،لذلك سنكتفي بنماذج متنوعة من بعض أقسام الكتاب المذكورة سابقا :

في القسم الأول، الذي موضوعه الأخباز و الثرائد و الأحساء، نجد ابن رزين يتحدّث عن أخباز شائعة الآن و بمصطلحات مألوفة لدينا أيضا. من ذلك “الخبز المطبوخ في التنوّر ” و” الخبز المطبوخ في الملّة أو في طاجن الحديد “() .وعند حديثه عن الثرائد يذكر “ثريدة الفطير المصنوعة بالدجاج ” وما يضاف إلى أٌقراص العجين في “المثرد” من بيض مسلوق وزيتون و”ليم مصيّر”( )، كما يتحدث عن “ثريدة المثوّمة” () وثريدة البيسار وهو الفول ().

وفي حديثه عن الأحساء يشير إلى “حسو يعرفهالأندلسيّون بالزبزين وأهل العدوة بالبركوس ” () .وقد صارت الكلمة الأولى في بعض المناطق التونسية وكذلك في ليبيا ‘بزين”،

أمّا الثانية فهي التي أصبحت “بركوكش”، وهي تسمية لأحد الأطعمة الشعبية في بعض المناطق أيضا.

ويتحدّث ابن رزين أيضا عن “جشيش القمح و” جشيش الشعير” و”جشيش الأرز”(). والجشيش هو الدشيش “عندنا اليوم .

وفي حديثه عن “عمل الكعك المحشو بالسكر و اللوز” يصف ابن رزين طريقة إعداد هذا الكعك والمواد اللازمة له و الإضافات التي تحليه و تعطره من “ماء ورد وزنجبيل وسنبل وقرفة وقرنفل وفلفل ويسير كافور () بما يؤكد لنا أنّ “كعك الورقة المشهور بتونس وخاصة بمدينة زغوان الأندلسية هو حلوى أندلسية دونما شك كما يتحدث الكتاب عن “عمل المقروض” الذي له “حشو من سكر ولوز ، لكنّه يضيف أنّه “من أراده محشوا بالتمر فليعمله على نحو ما ذكر في حشو الكعك سواء ويغلى على الصفة المذكورة أعلاه () أي يقلى في المقلاة بالزيت قليلا معتدلا حتّى تحمر وتوضع في وعاء حتى يجف عنها الزيت وتوضع في طبق من زجاج ويذرّ عليها السكر “().

وفي هذا القسم أيضا يتحدث عن ” صنعة المجبنة المسماة بالمخارق ()، ويصف هذه الصنعة وصفا دقيقا يؤكد أنّ “المخارق” التونسية صورة منها .

ويتحدّث في القسم الأول أيضا عن “عمل المرمز وهو جشيش الشعير الذي لم يكمل طيبه ” () . ولمصطلح “المرمز” بهذا المعنى الاستعمال نفسه في تونس .

وفي الفصل الأول (في اللحوم البقرية) من القسم الثاني الذي هو في أصناف لحوم ذوات الأربع  يصف ابن رزين لونا “يسمى بالمروزية” ،وهو “يؤخذ من أطايب اللحم الفتيّ السمين بقدر الحاجة… ( ) .ولا يزال هذا اللون موجودا باسمه وصفته في بعض المناطق الحضرية التونسية التي خضعت للتاثير الأندلسي مثل منطقة الوطن القبلي (ولاية نابل)، وهو لون مطابق لما يعرف في مدينة تونس بـ”المرقة الحلوة” .

وفي الفصل السادس من القسم الثاني نفسه يتحدث صاحب “فضالة الخوان عن “عمل البنادق” بأن يؤخذ من اللحم السمين و يدقّ (…) وتجعل معه الأبازير (…) ويزاد فيه مريّ نقيع وقليل من ماء بصل وكرويا وبياض بيض ويبندق بنادق كبارا كأنها قطع اللحم …”( ).و”البنادق” الأندلسية هي نفسها ،باسمها وصفتها،الطبق الذي يعدّه التونسيون في العديد من مناطقهم .ويتحدث الكتاب أيضا عن عمل المرقاس () الذي هو مطابق أيضا اسما و مسمّى ومواد وأدوات تحضير (المصران ،القمع…) لما هو معروف في تونس الآن…

وفي الفصل الأول من القسم السادس الذي هو “في الألبان وكلّ ما يكون فيها” يتحدث ابن رزين في صفة عقيد اللبن الحليب و ما يعمل منه “فيقول إنها تكون بأن “تأخذ اللبن الحليب من الضأن أو البقر أو المعز في حين حلبه ،وتصفيه في وعاء من فخار ويكون على قرب من النار لكي تدركه السخانة ،ثمّ يؤخذ من إنفحة الخروف أو الجدي على قدر اللبن و تجعلها في خرقة نظيفة وتدخلها في يدك في الوعاء ،وتمرسها بيدك حتى تنحلّ، وتتركه ساعة حتى ينعقد ” () .وهذه الوصفة لا تزال تطبق في بعض الأرياف بالبلاد التونسية إلى يومنا هذا ،حرفا بحرف .

وفي الفصل الثاني من القسم التاسع الذي هو “في المعسّلات و أنواع الحلواء و ما يضاف إلى ذلك يتحدث مثلا عن الغبيط المجبود الذي يصنع بأن “يصفّىالعسل (…) وتحرّك بالقصبة في طنجير على النار حتى يعقد و يقاس على رخامة(…) ثم يصبّ على رخامة و يسمّر مسمار كبير في حائط و يجعل العسل المعقود فيه و يجبد ثم يثنى و يجبد المرّة بعد المرة حتى يبيضّ، ثم يوضع منه كعك على سعة الكفّ () .وقد شاهدنا صنعه هذه الحلوى أواخر خمسينات القرن الماضي بمناسبة حفلات الأعراس ،وكانت  صنعة مطابقة تماما لما وصفه ابن رزين .

وفي القسم العاشر يتحدّث ابن رزين عن الكوامخ و ما يضاف إليها من أنواع الخلول واستخراج الأدهان و إصلاح الزيت عند فساده()، فيشرح كيفيات “تصيير الليم” و “تصيير الباذنجانو“تصيير الحوت” .و هذا المصطلح(التصيير) مطابق تماما لما هو مستعمل في تونس لفظا ومفهوما، وفي ذلك دليل أخر على أن الطبيخ الأندلسي قد أثر في الطبيخ التونسي لا بوصفاته و تقنياته فحسب و إنما أيضا بمصطلحاته و عباراته .

الخاتمة :

إن التأثير الأندلسي في الطبيخ التونسي يبدو كثيرا سواء من خلال “فضالة الخوان في طيبات الطعام و الألوان لابن رزين أو من خلال المصادر الأخرى بما فيها المصادر الشفوية (التراث الشفوي) .

وإن هذا التأثير هو مظهر من مظاهر التفاعل الحضاري بين إفريقية /تونس والأندلس، كما أنه مظهر من مظاهرالتفاعل فيما بين الأمصار الإسلامية و البلدان العربية .

ولاشك في أنّ هذا التأثير المتبادل يعدّ أيضا مظهرا من مظاهر وحدة الغرب الإسلامي بل الحضارة العربية الإسلامية عامة .

ولعلّه من المفيد أن تهتم الجامعات ومراكز البحوث في العلوم الإنسانية و الاجتماعية و في التراث المادي و اللامادي بتاريخ الطبيخ التونسي وخاصة منذ الفتح الإسلامي من خلال مختلف المصادر التي أشرنا إليها وتدقيق مختلف التأثيرات الخارجية فيه. وعسى أن تنهض المؤسستان المنظمتان لهذه الندوة بهذه المهمة العلمية و الحضارية .

2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق