مقالات

التفــاوض مرهون باستمرار المصالح التفاوض: اكتسب المهارات اللازمة لتصبح مفاوضاً أفضل بقلم: د. حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي

“التفاوض هو فن تقسيم الكعكة بطريقة ينصرف بعدها كل من الحضور معتقداَ أنه حصل على الجزء الأكبر”

كن لطيفا مع الطرف الآخر.. ولكن بحذر””

(هذه قاعدة عامة في التفاوض، حيث لا يمكن أن تتم مفاوضات في أي مجال إلا إذا شاع جو عام من اللطف الهادئ على الأقل. لا أحد يتفاوض مع طرف متعجرف أو متغطرس أو يتحدث بأسلوب وقح أو بذيء)

إن عملية التفاوض بدأت منذ بدا الخليقة ومنذ نشأة المجتمعات الصغيرة وكان يأخذ صور مختلفة تبدأ بالحوار وتنتهي إما بالوصول إلى نتائج ترضي أطراف النزاع أو التحاور بالسيوف لتنتهي عملية التفاوض لصالح أحد أطراف التفاوض واستسلام الطرف الأخر ولذلك أصبحت المفاوضات من أهم الأنشطة الفعالة لتسوية الخلافات، ففي الصراعات والخلافات الدولية حلت المفاوضات محل الحروب المعلنة بين الدول وأصبح التفاوض يحقق نتائج أقوى من تقارع السيوف وسقوط القتلى.

وفي مجال الأعمال فلقد أصبح العلم يضج بالمؤسسات الاقتصادية العملاقة الضخمة واسعة الانتشار ، وكنتيجة لتضارب مصالح هذه المؤسسات وتنافسها الشاق للسيطرة على السوق انتشرت ظاهرة التفاوض بشكل واضح في مجال الأعمال والمؤسسات سواء في مجال الشراء والتعاقد أو في مجال تسوية النزاع بين أصحاب الأعمال والنقابات العمالية ولقد امتدت ظاهرة التفاوض إلى مجالات داخل نفس المؤسسة مع الإدارات الأخرى , بل أن التفاوض أصبح ظاهرة أيضا حتى في الأمور الشخصية والمنزلية وذلك نظرا لكثرة الاحتياجات في ظل قلة الموارد وارتفاع أسعار الأساسيات.

وإذا فكرت قليلا فسوف تدرك أنك تتفاوض طوال الوقت في كل يوم، فأنت تتفاوض من اجل الحصول على وظيفة، ولزيادة المرتب وتتفاوض مع زوجتك وأولادك حول المكان المناسب لقضاء الإجازة فمما سبق يتضح لنا أهمية التفاوض في مختلف جوانب حياتنا ونظرا لهذه الأهمية فإننا ستناول بشيء من الإيجاز مفهومه ومهاراته ومبارياته …. الخ حتى نستطيع أن نتفاوض بنجاح في مختلف جوانب حياتنا.

مفهوم التفاوض:

الحصول على أفضل نتيجة محتملة بين طرفين مختلفين بحيث يحصل الطرفان على أقصى حد مما يريدانه أو يتوقعان الحصول عليه.

أهمية التفاوض:

التواصل الجيد والتفاهم الفعال.

تكوين الأرضيات المشتركة.

تجنب تفجير الصراعات والجدل العقيم.

الحل الأمثل للمشكلات والنزاعات.

تحسين الانجازات وعقد الصفقات والتغلب على المعوقات.

شروط التفاوض:

أولا: القوة التفاوضية:

ترتبط القوة التفاوضية بحدود أو مدى السلطة والتفويض الذي تم منحه للفرد المتفاوض وإطار الحركة المسموح له بالسير فيه وعدم تعديه أو اختراقه فيما يتصل بالموضوع أو القضية المتفاوض بشأنها.

ثانيا: المعلومات التفاوضية:

هي أن يملك فريق التفاوض المعلومات التي تتيح له الإجابة على الأسئلة الآتية:

من نحن؟

من خصمنا؟

ماذا نريد؟

كيف نستطيع تحقيق ما نريد؟

هل يمكن تحقيق ما نريده دفعة واحدة؟

أم يتعين أن نحققه على دفعات وتجزئته للوصول إليه على مراحل؟

وإذا كان ذلك يسير، فما هي تلك الأهداف المرحلية، وكيفية تحقيقها؟

ما الذي نحتاجه من دعم وأدوات ووسائل وأفراد للوصول إلى تلك الأهداف؟

وبناء على هذه المعلومات يتم وضع برنامج التفاوض محدد المهام ومحدد الأهداف وتتاح له الإمكانيات وتوفر له الموارد.

ثالثا: القدرة التفاوضية:

يتصل هذا الشرط أساسا بأعضاء الفريق. ومدى البراعة والمهارة والكفاءة التي يتمتع بها أو يحوزها أفراد هذا الفريق ومن ثم من الضروري الاهتمام بالقدرة التفاوضية لهذا الفريق وهذا يتأتى عن طريق الآتي:

الاختيار الجيد لأعضاء هذا الفريق من الأفراد الذين يتوفر فيهم القدرة والمهارة والرغبة والخصائص والمواصفات التي يجب أن يتحلى بها أعضاء هذا الفريق.

تحقيق الانسجام والتوافق والتلاؤم والتكييف المستمر بين أعضاء الفريق ليصبح وحدة متجانسة محددة المهام، ليس بينهما أي تعارض أو انقسام في الرأي أو الميول أو الرغبات.

تدريب وتثقيف وتحفيز وإعداد أعضاء الفريق المفاوض إعدادا عاليا يتم خلاله تزويدهم بكافة البيانات والمعلومات التفصيلية الخاصة بالقضية التفاوضية.

المتابعة الدقيقة لأداء الفريق المفاوض ولأي تطورات تحدث لأعضائه.

توفير كافة التسهيلات المادية وغير المادية التي من شانها تيسير العملية التفاوضية.

رابعا: الرغبة المشتركة:

ويتصل هذا الشرط أساسا بتوافر رغبة حقيقية مشتركة لدى الأطراف المتفاوضة لحل مشاكلها أو منازعاتها بالتفاوض واقتناع كل منهم بان التفاوض الوسيلة الجيدة والأفضل لحل هذا النزاع أو وضع حدا له.

خامسا: المناخ المحيط ويتصل المناخ التفاوضي بجانبين أساسيين هما:

القضية التفاوضية ذاتها:

وفي هذا الجانب يتعين أن تكون القضية التفاوضية ساخنة وبالتالي فان القضية كلما كانت ساخنة كلما أمكن أن يحظى التفاوض باهتمام ومشاركة الأطراف المختلفة.

أن تكون المصالح متوازنة بين أطراف التفاوض:

يجب لتهيئة المناخ الفعال أن يتم التفاوض في إطار من توازن المصالح والقوى بين الأطراف المتفاوضة حتى يأخذ التفاوض دوره وتكون نتائجه أكثر استقرارا وتقبلا وعدالة واحتراما بين هؤلاء الأطراف فإذا لم يكن هناك هذا التوازن فانه لن يكون هناك تفاوضا بالمعنى السليم بل سيكون هناك استسلاما وتسليما وإجحافا بأحد.

الأطراف الذي لا يملك القوة اللازمة لتأييد حقه أو للتدليل عليه أو لفرض رأيه وإجبار الخصم الآخر على تقبله واحترامه والعمل به أو بما سيتم التوصل بالتفاوض إليه.

خصائص عملية التفاوض:

التفاوض أداة لفض النزاع ولكنها استمرار مرهون باستمرار المصالح المشتركة وانهيارها مترتب تلقائيا على انهيار تلك المصالح، فالتفاوض اداة نلجأ اليها للمحافظة على المصالح المشتركة ولكن وجود تلك المصالح من الاصل او الامل في تحقيقها شرط في نشأة الحاجة الى التفاوض واستمرارها.

التفاوض عملية اجتماعية معقدة تتأثر بهيكل العلاقات الاجتماعية وتؤثر فيها وتتأثر باتجاهات المتفاوضين وتتأثر فيها

التفاوض عملية تتأثر بشخصية المفاوضين كما تتأثر بالقوى والموارد المتاحة لهم، ليس فقط من زاوية المحتوى المادي والموضوعي لتلك القوى والموارد وإنما من زاوية ما يدركه كل طرف من تلك القوى الموارد وأيضا من زاوية القدرة على استخدامها بذكاء.

تتجاوز آثار التفاوض في العادة أبعاد ما يتم من اتفاقات او صفقات حيث تمتد الى ما يتراكم من علاقات وما انعكس على تلك العلاقات من انعكاسات ايجابية او سلبية كنتيجة للتفاوض.

يتأثر التفاوض باعتبارات عديدة مثل توقعات الخصم وتقديرات المفاوض وسلوك الخصم والعلاقات السابقة واللاحقة والعادات والتقاليد المساندة واللغة المستخدمة والأهداف المعلنة وغير المعلنة.

يتأثر الناتج المتحقق من التفاوض ايضا باعتبارات خارجية عن مائدة المفاوضات.

يركز المفاوض في كثير من الاحيان على ما يتحقق في الاجل القصير مقارنا بما يمكن تحقيق في الاجل الطويل وذلك لما يلي:

لان الأهداف قصيرة الأجل أكثر وضوحا وتحديدا، والأهداف طويلة المدى أكثر غموضا وعمومية.

كفاءة الشخص غالبا ما تقاس يما انجزه بالفعل وليس بما يحتمل ان ينجزه في المستقبل وهو ما يدفعه للتركيز على الانجاز قصير الاجل.

التفاوض علم وفن في نفس الوقت.

مهارات التفاوض تتوقف بدرجة كبيرة على المام المفاوض بالعديد من العلوم في المجالات الانسانية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

التفاوض عملية تمارس داخل كل النشاطات وفي كل المجالات داخل اي منظمة وتخرج من دائرة المستوى الدولي سواء في المجال السياسي او العسكري وتخرج عن نطاق الحوار بين النقابة والدارة المؤسسة ليشمل كل مجالات الحياة وفي كل الانشطة والمؤسسات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق