نشاطات

منظمة اسرائيلية: الاحتلال يسيطر على غزة رغم الانفصال والاوضاع تتدهور باستمرار

 

منظمة اسرائيلية: الاحتلال يسيطر على غزة رغم الانفصال والاوضاع تتدهور باستمرار

منظمة اسرائيلية: الاحتلال يسيطر على غزة رغم الانفصال والاوضاع تتدهور باستمرار

قالت “چيشاه–مسلك” الإسرائيلية، (مركز للدفاع عن حريّة التنقل– وهي مؤسسة حقوق إنسان إسرائيلية)، مساء  الخميس: إن القانون الدوليّ يفرض على إسرائيل واجب السعي من أجل إتاحة حياةٍ طبيعيةٍ لسكّان قطاع غزة، بما يشمل الامتناع عن فرض تقييدات على حركة وتنقل السكّان المدنيين وعلى البضائع غير العسكرية. وإن هنالك منظومة عسكرية ومدنية إسرائيليّة لا زالت تسيطر على مجالات عديدة من الحياة اليومية هناك.

وأضافت الجمعية الحقوقية الإسرائيلية في تقرير لها، بعنوان “غزة-نظرة من الداخل”، أنه في غزة، تزيد نسب البطالة عن 40 في المئة إلى جانب الانقطاعات المتواصلة للتيار الكهربائي، والنقص الخطير في المياه النقيّة، والنقص في الصفوف التعليميّة والفرص الاقتصاديّة؛ وأن معظم السكّان في غزّة هم من الفئات الشابّة، المثقفة والتي تملك إمكانيات هائلة؛ إلى جانب الإغلاق الإسرائيلي الذي يحجب إمكانيات التحسّن. هذا ما تبدو عليه الحياة اليوم في غزّة.

وبينت أن هذا هو العام العاشر لفرض الإغلاق الاسرائيلي على غزة، لم يعد جيش الاحتلال الإسرائيلي متواجدا بشكل دائم في قطاع غزّة، ولكن هنالك منظومة عسكرية ومدنية إسرائيليّة لا زالت تسيطر على مجالات عديدة من الحياة اليومية هناك.

وتابعت: قمنا بإنشاء موقع جديد، وهو عبارة عن مُرشد شامل لفهم الوضع القائم لقطاع غزة|، وفهم التطورات التي أوصلت الوضع لما هو عليه اليوم. ويشمل المرشد توضيحات قصيرة حول جوهر الإغلاق الإسرائيلي وتأثيره على السكان، ويشمل أيضًا الأمور التي من المُمكن عملها من أجل تحسين الوضع، لصالحنا جميعًا.

وذكرت أنه منذ تنفيذ خطة “فك الارتباط” أحادية الجانب عن قطاع غزّة، على أعتاب صيف 2005، افترض الكثير من الإسرائيليّون بأن إسرائيل قد قامت، عبر تنفيذها للانفصال، بغسل أيديها من موضوع قطاع غزّة وبأنها لم تعد تتحمل أيّة مسؤوليات عما يحدث هناك. إلا إن إسرائيل تواصل منع الخروج والدخول من وإلى قطاع غزّة عبر البحر والجو، إلى جانب سيطرتها على جميع المعابر البريّة إلى القطاع باستثناء معبر واحد هو معبر رفح.

ووفق التقرير، تقوم إسرائيل بفحص وتصنيف جميع البضائع المخصصة للدخول إلى غزّة، كما أنها تطالب بمعرفة الأهداف التي خُصصت من أجلها هذه البضائع، ومن هم الذين يستلمونها ومن هم الذين يموّلونها. كما وتقرر إسرائيل، أيضًا، أي المنتجات من غزة التي ستُسَوَّق، ما هي الحصّة المسموح تسويقها، إلى أين ومتى. إن هذا ليس انفصالًا؛ هذا يسمّى، نسبيًا، سَيطرة عن بعد.

مُلخّص للتطوّرات الأخيرة

وجاء في تقرير الجمعية الحقوقية الإسرائيلية انه في 11 أيلول 2005 قامت إسرائيل بسحب آخر جنودها من قطاع غزّة. وفي العام 2007، وبعد أن سيطرت حماس بالقوة على القطاع، أعلن المجلس الوزاري السياسيّ الأمنيّ المصغر “الكابينِت” عن غزّة باعتبارها “منطقةً معادية” وشدد بشكل حاد التقييدات المفروضة على سكّان القطاع: تمّ تقليص دخول البضائع إلى الحدّ الأدنى، وهدفها كان فقط لمنع حدوث أزمةٍ إنسانيّة في غزة؛ كما وتم فرض منع تام على خروج البضائع من القطاع لأغراض التّسويق؛ إلى جانب تقييد دخول الوقود إلى غزة، عدا عن التقييدات المُشدّدة جدًا على تنقل الأشخاص بين قطاع غزّة وبين الضفّة الغربيّة وإسرائيل، والتي كانت أصلًا، منذ سنوات، حركة تنقّل مُقلصة ومحدودة.

وتابع: مع مرور السنوات تطوّرت طريقة عمل، أطلقت عليها جهات في الجيش الإسرائيلي اسم “سياسة الفصل”، ومغزاها يتلخّص في الجهود لفصل قطاع غزّة عن الضفّة الغربيّة: والإثقال على العلاقات بين طرفيّ الأرض الفلسطينيّة، هذان الطّرفان لم يكن مفترضًا بهما فحسب أن يشكّلا الدولة الفلسطينيّة بحسب القرارات الدوليّة والاتفاقيات، بل إنهما يتشاركان اللغة، الثّقافة، الاقتصاد والعلاقات العائلية فيما بينهما.

واشار التقرير الى الاضرار التي الحقتها سياسة الفصل هذه بجهاتٍ في المجتمع المدني في غزة، فمثلا الطّلبة الجامعيين من غزة لا يستطيعون التّعلم في جامعات الضفّة الغربيّة؛ وقد جرى في السّابق منع الطّواقم الطّبيّة، والأكاديميّين والخبراء والتقنيّين في التنقّل، حتى لو كان هدفهم هو الاستكمال المهنيّ والتّأهيل.

كذلك إنّ العائلات غير قادرةٍ على الالتقاء، إلاّ في حالات استثنائية، على غرار الزّواج، الوفاة، أو أمراض العضال. ومن هم مسموحٌ لهم بالمطالبة باستصدار تصاريحٍ من الجهات الإسرائيلية للأسباب آنفة الذّكر، فهم الأٌقارب من الدرجة الأولى فحسب.

وجاء في التقرير أنه تمت مع مرور الوقت ازالة او تغيير بضعة تقييدات، ولكن المبدأ قد بقي على حاله. وأن هذه الحالة تستمرّ رغم أن التقييدات المفروضة لم تحقّق بالمطلق أهدافها الأصليّة “، وهي لم تمنع إطلاق الصّواريخ تجاه التّجمّعات السكّانيّة في إسرائيل. بالعكس، هذه التقييدات الإسرائيلية قد تسببّت في تدهور الأوضاع في القطاع إلى حدٍّ بات خبراء الأمم المتّحدة يدّعون بأنّه ومن دون حصول تجنّد مكثّف وفوري لإنقاذ القطاع، فإن البشر لن يكونوا قادرين على العيش هناك حتى العام 2020.

تنقّل الأشخاص -الإنسان أوّلاً

ووفق تقرير الجمعية الحقوقية الإسرائيلية، فإن  هنالك اليوم معبرين يتمّ استخدامهما لتنقّل الأشخاص من قطاع غزّة وإليه: معبر رفح باتجاه مصر، ومعبر بيت حانون “إيرز” باتجاه إسرائيل. وحين يكون معبر رفح مغلقًا – وهو مغلقٌ منذ صيف العام 2013 في معظم أيّام السنة – يصبح معبر بيت حانون “إيرز”، الواقع تحت سيطرة إسرائيل، البوّابة الوحيدة التي يمكن عبرها الدخول إلى غزّة أو الخروج منها. وهو أيضاً الطّريق الأقصر من قطاع غزة إلى الضفّة الغربيّة.

وجاء في التقرير أنه سُجّلت نحو 14 ألف حالة خروجٍ شهريّة لفلسطينيين هذا العام في المعدّل عبر معبر “إيرز” فحسب، مقارنةً مع أكثر من نصف مليون حالة خروجٍ مسجّلةٍ للعمّال وفئات اخرى عبر هذا المعبر بشكل شهريّ قبل العام 2000. وأنّ التنقّل عبر معبر “إيرز” مشترطٌ بالمصادقة الأمنيّة الإسرائيلية، ومنوط باقامة قصيرة ومُتغيرة من المعايير الإسرائيلية التي ينبغي أن تنطبق على من يرغبون بالخروج. ومنذ بداية العام 2016 صارت قائمة المعايير هذه أكثر عشوائيّة. فالمئات من السكّان الذين يملكون تصاريح، يتم رفضهم فور وصولهم إلى معبر “إيرز”. ويتلقى الآلاف خبرًا يفيد بإلغاء تصاريحهم بسبب “الـمنع الأمني”، من دون إبداء توضيحاتٍ إضافيّة، ويحصل هذا حتى إن كان يتعلق الأمر بتجّار معروفين خرجوا ودخلوا عبر “إيرز” لسنواتٍ طويلةٍ وتاجروا مع أو اشتروا بضائع من إسرائيل.

ويتّضح من المعطيات التي أصدرها ما يسمى منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وجود انخفاضٍ حادٍّ من 80 في المئة من الردود الإيجابيّة على طلبات استصدار تصاريح المرور في العام 2014 إلى 46 في المئة في العام 2016. وبشكلٍ مُعتاد، يتمّ السماح بالمرور فحسب لأولئك الذين يملكون تصريح تاجر، والمرضى ومرافقيهم، حصة أسبوعية للمصلّين في القدس، إلى جانب الـ “حالات الإنسانيّة الاستثنائيّة”. وهذا هو كل ما في الأمر.

لماذا ليس عَبْر مصر؟

واشار التقرير إلى الأوضاع في معبر رفح الحدودي مع مصر. حيث ضاعف إغلاق معبر رفح من مدى المسؤوليّة الإسرائيليّة: فإن كان الطلبة الجامعيّون من غزة قادرون في السّابق على الخروج لتلقي تعليمهم في دول الخارج عبر رفح، فإنّهم اليوم متعلقون بالتصريح الإسرائيليّ، وذلك لكي يتمكّنوا من الخروج عبر إسرائيل إلى الأردن، وليواصلوا طريقهم من هنالك. وقام وزير الأمن الإسرائيلي السابق، موشيه يعلون، بصياغة الأمر على هذه الشاكلة في العام 2015: “إن قطاع غزّة اليوم مُعلّق بدولة إسرائيل، إن مخرج غزّة إلى العالم هو من خلالنا”.

نقل البضائع: المواد ثنائيّة الاستخدام، السيطرة أحاديّة الجانب

وقال تقرير الجمعية الحقوقية الإسرائيلية: إنّ معبر البضائع النّشط الوحيد من وإلى قطاع غزّة هو معبر كرم أبو سالم، الواقع جنوبيّ القطاع، هذا المعبر يقع تحت السّيطرة الكاملة لإسرائيل. ومنذ فرض الإغلاق في العام 2007، وصولاً إلى العام 2010، وهو تاريخ حادثة أسطول السفن التركي، حظرت إسرائيل دخول قائمةٍ طويلةٍ من البضائع المدنيّة إلى القطاع، من ضمنها الكزبرة، ورق التّواليت، الدّمى والشوكولاتة.

عمليًّا، كانت هذه القائمة التي لم يتم نشرها رسميًا أبدًا، مخصصة لتعداد الأغراض المسموح بدخولها إلى القطاع، أما باقي البضائع فقد كانت ممنوعةً. واليوم، تسمح إسرائيل لمعظم البضائع بالدخول، لكنها تقوم بفرض تقييدات شديدةٍ تصل إلى حدّ المنع من دخول بضائع تعرّفها إسرائيل على أنّها “ثنائيّة الاستخدام”، وهو ما يعني بأنّه من الممكن، بحسب رأي إسرائيل، أن تُستخدم أيضًا لأهدافٍ عسكريّة. هذه القائمة هي قائمة طويلة وضبابيّة، وهي تشمل أغراضًا كالمعدّات الطّبيّة، معدّات الاتّصال، والألواح الخشبية.

وقال: إنّ مواصلة العمل بموجب قائمة المواد “ثنائية الاستخدام” يبقي التقييدات الإسرائيلية المُشدّدة قائمةً في طريق تطوير القطاع اقتصاديًا. حيث تضم  قائمة المواد ثنائية الاستخدام أيضًا مواد البناء الأساسيّة كالإسمنت والحديد، والتي تدّعي إسرائيل بأنها موادٌّ قد تُستخدم من أجل بناء الأنفاق. ويتمّ اليوم دخول إسمنتٍ وحديدٍ إلى غزّة بشكلٍ حصريٍّ تقريباً عبر منظومة تنسيق دخول بضائع لإعادة إعمار قطاع غزة، تمّت إقامتها بحسب طلبٍ من إسرائيل مقابل السلطة الوطنية الفلسطينيّة وبإشرافٍ من الأمم المتحدة، وذلك في أعقاب العملية العسكرية “الجرف الصامد”.

وأضاف أن إسرائيل هي الجهة المخوّلة بالمصادقة على جميع مشاريع البناء في القطاع، كما أنها هي المخوّلة بالمصادقة على قوائم التجّار، والموزّعين، والمقاولين. وحين لا تتّفق هذه القوائم وأهواءها، فإنها تقوم بوثق دخول مواد البناء وتلغي تصاريح.

العنصر الحاسم في التّطور الاقتصاديّ

وجاء في التقرير: على أعتاب نهاية العام 2014، أعلنت إسرائيل بأنها ستقوم برفع واحدةٍ من التقييدات الاقتصادية الثّقيلة التي فُرضت على القطاع، وهي الحظر على تسويق البضائع المُنتجة في غزّة إلى كلٍّ من الضفّة الغربيّة وإسرائيل. ففي تشرين الثاني من العام 2014 خرجت للمرّة الأولى منذ سبعة أعوامٍ شاحنةٌ تحمل بضائع من غزّة باتجاه أسواق الخليل. وقد جرى فيما بعد تسويق الأخشاب، الأقمشة، ومنتجات زراعية اخرى من غزة في أسواق الضفّة الغربيّة.

وفي شهر آذار 2015 سمحت إسرائيل ببيع الطّماطم والباذنجان من منتوجات القطاع في أسرائيل، خلال السنة السبتيّة [الشميطاه – وهي السنة التي، بحسب قوانين الشريعة اليهودية، تُحظر فيها فلاحة، حراثة، أو زراعة النبات، مرّة كل سبع سنوات في الأراضي المقدسة. حيث يمكن، بحسب الشريعة، أكل الخضار والفواكه المزروعة في الحقول التابعة لغير اليهود خارج الدّيار المقدسة. واستمرّ هذا التصريح عامًا إضافيًّا بعد انتهاء السنة السبتيّة، إلا أنه لم يتم إضافة أنواعٍ جديدةٍ إلى تشكيلة الخضروات المسموح بتسويقها من القطاع.

وحسب التقرير فإنه حتى العام 2007، كانت أسواق إسرائيل والضفّة الغربيّة هي الأسواق الرّئيسية للبضائع الخارجة من قطاع غزّة، وقد بيع فيها نحو 85 في المئة من البضائع التي غادرت القطاع. وبعد العام 2007، سمحت إسرائيل بتسويق منتجات من غزة في دول العالم الخارجي فحسب، وقد انطلق عدد قليلٌ من الشاحنات من القطاع بشكلٍ شهريّ، وكانت بشكل عام ضمن مشاريع مُموّلة.

وأكد أن إغلاق الأسواق الطبيعية في وجه القطاع شكّلت واحدًا من العوامل الأساسية المتسببة في الشلل الاقتصادي في القطاع، وإلى انهيار الكثير من المصالح التجارية وفي ارتفاع معدلات للبطالة، وهي التي أدّت بدورها إلى التعلّق الكبير بالمساعدات الإنسانية.

وقال: إن تسويق البضائع في المرحلة الحالية من قطاع غزّة لا يزال بعيدًا من تحقيق الاكتفاء. فلا يزال التّسويق ضئيلًا ومرتبكًا، وتنتصب في وجهه عوائق تجعل من ربحيّته صعبة، كما وتصعّب مشاركة آخرين في التجارة مع القطاع، ولكنها لا تزال تؤشر على   أمل للكثير من السكان وللمجتمع الدولي الداعم، وهو أمل بات بعيدًا عن التحقق بعد مرور عامين.

وأضاف انه منذ فرض الإغلاق الإسرائيلي في شهر حزيران 2007 وحتى نهاية العام 2014 خرج ما معدّله 14.7 شاحنة في الشهر من القطاع. ومقارنة بالشهور الثمانية الأولى من العام 2016 فقد خرج بشكل شهري أكثر من 160 شاحنة بضائع من غزّة. هذا مُقابل أكثر من ألف شاحنة كانت قد خرجت في المعدل الشهري من قطاع غزة عشيّة الإغلاق.

الجوّ، البحر، والبر

وبين أنّ سيطرة إسرائيل على قطاع غزّة لا تتوقف على معابر الحدود والبضائع. فإسرائيل تسيطر أيضًا على المجالين البحريّ والجويّ للقطاع، بل وإنّها تسيطر على “منطقة عازلة” أعلنت عن إقامتها داخل أراضي القطاع. وعرض هذه المنطقة العازلة يبلغ 300 مترًا من الحدود، لكن جهات اسرائيلية رسمية ادّعت أن بإمكان المزارعين من غزة الوصول الى مسافة 100 متر من الحدود “بعد التنسيق”. ولم تنجح “جيشاه-مسلك في العثور على أي دليل يثبت وجود هكذا تنسيق”.

وقال تقرير الجمعية الحقوقية الإسرائيلية: إنّ السّيطرة الإسرائيليّة على المنطقة القريبة من الجدار الحدوديّ لا تتلخّص فحسب بإطلاق النّار نحو المزارعين والمواطنين الذين يتواجدون فيها. ففي نهاية العام 2015 اعترف الجيش الإسرائيليّ للمرّة الأولى بأنه يقوم برش المناطق القريبة من الجدار الحدودي في القطاع بموادٍّ قاتلةٍ للأعشاب، وذلك لكي يبقي المنطقة مكشوفة.

وأضاف أن عملية الرّشّ هذه تضرّ بالكثير من المحاصيل على مسافاتٍ تتجاوز الثلاثمائة متر بكثير، وهي بذا تضرّ بأرزاق المزارعين، ومن غير الممكن معرفة ما هي آثار والضرر الذي سوف ينجم من رشّ هذه المواد على المدى البعيد.

لقد قاموا بإغلاق البحر

وحسب التقرير، تقوم إسرائيل بتحديد المنطقة المسموحة للصّيد حتى ستّة أميالٍ بحريةٍ من شواطئ القطاع: إن الصيادين، الذين بحسب رأي البحرية الإسرائيليّة يتجاوزون الحدّ، يصابون بالرصاص نتيجة إطلاق النار عليهم، وتتم مصادرة قواربهم، ويجري اعتقالهم في أحيان كثيرة. وأأن الصّيد قريبًا من شواطئ غزّة قد أصبح مع الوقت مهنة خطيرة. أما تكثيف الصيد في هذه المنطقة الضيّقة التي سمحت إسرائيل بالصّيد فيها على مر السنوات، أدّى إلى تقلّص مواقع تكاثر الأسماك.

كما وتحظر إسرائيل أيضًا، بناء ميناءٍ بحريٍّ قادرٍ على ضمان حركة ونقل البضائع وتنقل الأشخاص، إلى جانب كونها لا تسمح بإعادة إعمار مطار غزّة، وهو المطار الذي تم تدميره إبّان قصف إسرائيليّ في العام 2001.

تحدّي إعادة الإعمار

وبين أن العملية العسكرية في صيف 2014، أدّت إلى نزوح نصف مليون إنسان من منازلهم. وهنالك نحو مئة ألفٍ من هؤلاء لم تتبقّ لديهم منازل للعودة إليها. وحتى اليوم (أي حتى وقت متأخر من العام 2016)، نحو 12 ألف عائلة قد بقيت دون مأوى. وهنالك ما يربو على 150 ألف وحدة سكنية قد تضررت أثناء العملية العسكرية، إلى جانب ما يربو على عشرة آلاف منزل التي دُمّرت، هذا عدا عن مئات المباني العامّة، والمصانع والمصالح التجارية.

وذكر أنه رغم التجنّد العالمي واعلانات الالتزام من جانب إسرائيل، إلا أنّ موضوع إعادة إعمار الدمار في غزّة لا يزال يتقدم بشكل شديد البطء. أما البنى التحتية، التي كانت أصلًا في وضعٍ رديءٍ قبل العملية العسكرية الأخيرة، فلم تجرِ إعادة إصلاحها وهي بكلّ تأكيدٍ ليست في وضعٍ يلائم الحياة في القرن الواحد والعشرين. وأشار إلى أن سكّان قطاع غزّة في أفضل الحالات يعانون من انقطاعات ٍللتيار الكهربائي تصل حتى ثمانية ساعاتٍ متواصلةٍ بعد كل ثمانية ساعات يحصلون فيها على الكهرباء؛ إنهم يواجهون صعوبة في الحصول على مياهٍ نظيفةٍ صالحةٍ للشّرب، وفي أوقات النّقص فإنهم يضّطرّون للانتظار في صفوفٍ طويلةٍ من أجل أن يقوموا بشراء غاز الطبخ..

وقال: رغم الالتزام الإسرائيليّ والدوليّ في “إعادة إعمار غزّة” بعد العملية العسكرية الأخيرة، وهي الجولة الأكثر فتكًا وتدميرًا من كل سابقاتها، إلا أن استمرار الإغلاق الذي تفرضه إسرائيل، الذي يشمل تقييدات عدّة مفروضة على تنقل الأشخاص والبضائع والنقص في مواد البناء، كلّها عواملٌ لا تتيح اعادة اعمار حقيقية، ولا وتيرة كافية لتنفيذ هذا الإعمار، لا مادية، ولا اقتصادية، ولا حتى إنسانية.

وأكد أن معدلات البطالة في قطاع غزّة تفوق منذ زمن طويل الـ 40 في المئة، ولربما كانت هذه المعدلات والنّسب هي الأعلى في العالم. ولا يزال سكّان غزّة ممنوعون بشكل كبير من تلقّي التعليم الضروريّ أو التّأهيل المهنيّ خارج القطاع، كما أنهم ممنوعون من التجارة (حيث لا تزال هنالك تقييدات كبيرةٌ مفروضةٌ على التّسويق إلى إسرائيل، ورقابة على التجارة مع الضفّة الغربيّة)، ناهيك عن الاستجمام، التنزه، أو زيارة أبناء العائلة.

إنّ هذا الأمر يبقي الاقتصاد أيضًا في حالة صراع للتشبّث بالحياة، مع القليل من الإمكانيّات التي تنطوي على المبادرة والازدهار. وإن هذا كله يترك سكّان قطاع غزّة محشورين داخل حدود ضيقة، لا تتيح لهم تحقيق أحلام كبيرة، ولا صغيرة حتّى.

موقف “چيشاه – مسلك”

وأكدت الجمعية الحقوقية الإسرائيلية أن القانون الدوليّ يفرض على إسرائيل واجب السعي من أجل إتاحة حياةٍ طبيعيةٍ لسكّان القطاع، بما يشمل الامتناع عن فرض تقييدات على حركة وتنقل السكّان المدنيين وعلى البضائع غير العسكرية. وإلى جانب هذا الواجب، فإن إسرائيل تحتفظ بحق القرار كيف وأين يتم نقل وتنقل البضائع والأشخاص، كما وأنها تحتفظ لنفسها بحق تحديد الإجراءات الأمنيّة المعقولة والمناسبة لكي تمنع تهريب الوسائل القتالية وتنفيذ النشاطات العسكرية الأخرى.

وبناءً عليه، فإن موقف جمعية “چيشاه – مسلك” يتمثل في القول بأن على إسرائيل السماح بتنقل الأشخاص والبضائع، بحيث ممكن أن يساهم ذلك في ازدهار اقتصادي، إلى جانب خلق فرص تسمح بتقدّم الأفراد وتتيح الحياة العائلية الطّبيعية، وكل هذا بشريطة الفحوص الأمنيّة الشخصية.

وقالت: إن المسؤولية مُلقاة على عاتق إسرائيل في السماح بالتنقل المنتظم للأشخاص والبضائع بين غزّة والضفّة الغربية، وهما اللتان لا تزالان تتشاركان اقتصادًا واحدًا، ومنظومةٍ تعليميةٍ واحدةٍ، ومنظومةً صحيةً واحدةً، وما لا نهاية له من العلاقات العائليّة، والثقافيّة، والتجاريّة، والاجتماعيّة.

مقالات ذات صلة

إغلاق