مقالات

يا أيها النساء بعد التحرش والإغراء وبيت الطاعة. وجهاد النكاح !!

يا أيتها النساء: بعد التحرش والإغراء وبيت الطاعة وجهاد النكاح لا مجال للبث بلا قبلات!
imageما هو التحرش؟ متى يكون التحرش تهمة ومتى يكون متعة؟ هل يمكن للمرأة العربية أن تحاكم زوجها بتهمة التحرش، أم أن الزواج في محاكمنا الشرعية يبيح كل المحظورات من اغتصاب وضرب واضطهاد وتحرش وخيانة وغيرها ما دام الله أوصى بالسُّترة؟ من أهم في مجتمعاتنا: العرف أم الدين؟ هل الرجل ضحية أم جلاد؟ هل مجتمعنا ذكوري أم أمومي يتعاطى مع أفراده بوصاية أمومية صارمة وظالمة؟ هل برامجنا صورة عن واقعنا أم هي إما أداة تحكم وإما أداة تضليل وإما أداة تغرير؟ ثم هل يخاف الإعلام من رجال الدين أم أنه يجاملهم؟ أم كله بزنس وخلاص؟
قبل أن يتم وقف برنامج «أحمر بالخط العريض» في أوج مواسمه البكر، التي غيرت في خارطة البرامج الإجتماعية وطورتها منذ برنامج توفيق الحلاق في أوائل التسعينات، لم نعثر على برنامج اجتماعي حقيقي حتى «أحمر بالخط العريض» في نسخته الحالية المتحفظة، استطاع أن يدخل إلى غرف نومنا، دون أن يتلصص أو ينتهك محارمنا، ولا أي برنامج اجتماعي تحدى عسسنا القبلي أو حراس الجحيم في شرقنا!
كل ما هنالك فبركات إعلامية باردة تصنع من المشاكل الغبية حدثا إعلاميا تنسكب له العيون المدرارة، أو تريق له الجيوب البنكية والأرصدة الفضائية لعابها! فإن أفلح البعض فلن يتعدى إفلاحه اجتذاب المشاهد لبرامج طق الحنك، أو اللعب بالعواطف من خلال أفيشات رنانة واستعراضات طنانة لا ترقى حتى لتعبئة أوقات الفراغ ولو بنسخ مشوهة من برامج الفضائح الغربية وصرعات «جيري سبرنغر» الأشبه بحلبات المصارعة الحرة المفتعلة .
الأزواج في مراجيح الجحيم
لا أعرف لماذا لم أستغرب، وأنا أتابع لقاء نشرة أخبار «آي تي في» البريطانية مع إحدى الناشطات في مجال إضافة قانون يسمح بالتعامل مع الزواج بموجب عقد شراكة بين الرجل والمرأة، ضمن شروط عامة تحفظ حقوق الطرفين ووصايا أو بنود خاصة متفق عليها بينهما، وهو أقرب إلى صيغة الزواج العرفي، الذي لا يلزم أي طرف بعد انفضاض الشراكة حفظ حق الطرفين، المحكمة طبعا رفضت هذه الدعوى التي استؤنفت بغية نشر ثقافة الخلاص والحرية وعدم الإرتهان لأعراف الزواج المجحفة، وقد ترى فيه تدميرا للصيغة العائلية والبنى الأسرية التي أقرتها الأديان السماوية والحاجات الإنسانية الفطرية فارتقت بالبشرية ونأت بها عن العبث أو الخصخصة لكي لا تتحول الرابطة المقدسة بين الأزواج إلى مجرد مشروع تجاري يحتكره قطاع خاص، دون مراعاة مصادر تمويله العاطفية من سكينة وطمأنينة وتضحية وتفان وتنازل وافتداء بما تمليه الأحاسيس النبيلة والقيم والألفة بين الزوجين والعشرة والأبناء ووووو وكل ما يطرب له المتزوجون ليواسوا أو يعزوا أنفسهم تبريرا لارتكاب هذه الجريمة الشرعية، التي لا تكتمل الحياة سوى بارتكابها، وما إلى ذلك من «روشيتات» الرهبان والشيوخ والأمهات المحصنات بكل هذه الرقى الشرعية والأحجبة الإجتماعية البالية أو المقدسة!
في حقيقة الأمر، كل مشروع في الحياة قابل للنقيضين، فإما أن ينجح وإما أن يفشل، إلا مشروع الزواج، فمصيره دائما الفشل، غير أن فك الإرتباط بين الطرفين بما يسمى التسريح بإحسان أو أبغض الحلال «الطلاق» يعد الفشل الأفظع حتى وإن كان عند الله حلالا بغيضا، وما عداه هو استقرار مهما كان شكل الحياة الزوجية وراء الأبواب المغلقة، والرك دائما ما يكون على المرأة، مع تفاوت تفرضه طبيعة المجتمع وثقافته، فمثلا تبدو الكاتبة الأمريكية سيلفيا بلاث، التي تقمصت دورها الممثلة «غينيث بالترو» في فيلم «سيلفيا»، زوجة مصابة بعوارض اكتئاب أدت في النهاية إلى انتحارها بالغاز، وقد حشرت نفسها وأطفالها في بيتها وأغلقت الأبواب لتحلق بعيدا عن الواجبات الزوجية ومسؤولية تربية الأبناء التي تعيق كتابتها وتحبسها في وظيفة الأمومة، التي لا تحس بمتعتها بقدر ما تشقى من متطلباتها، ولو تمعنت في الأمر قليلا ووضعت نفسك مكانها لرفضت أن يتهمك أحدهم بالجنون أو الإجرام، خصوصا عندما تقرأ اعترافاتها على لسان بطلة روايتها، وقد نبذت الزواج، الذي يبدد الحب ويوقع الرجل في فخ الاعتيادية والروتين، بينما يحول المرأة إلى مصيدة لأخطائه، والأمر لا يختلف كثيرا مع نسوان «نفسنة»، حيث الرجل يهرب من البيت إلى القهوة، والزوجة تمارس عادة ربطه بالعيال وإنهاكه بالمتطلبات المنزلية، وهكذا دواليك تدور العجلة ببطء ونكد وجفاء حتى يصلا إلى حالة الخرس الزوجي أو التقاء الساكنين، فإن اضطر أحدهما للنطق فإنه لا يكلف نفسه بالنظر للآخر لدرجة تظن بهما خيرا وأنت تحاول تفسير هذا الإحجام بسنة غض البصر، لتجنب إثم الوقوع في زنا المحارم لا سمح الله، فمرحبا بك عزيزي المشاهد المتزوج، أنت الآن في أرجوحة الجحيم !
جهاد النكاح بين خدعة التحرش ولعبة الإغراء
لو تعرف أيها العربي كيف ينظر لك العالم خارج حدود عقلك، وجغرافيتك وموروثك الثقافي، إنهم يرون فيك كائنا جنسيا شهوانيا، فهل تلومهم أم تضع الحق على جدك الفحل حمال السيوف وجزاز الرقاب والمتحرش بالبدويات: عنترة !
لم يتبق علينا سوى النكاح والتحرش حتى تكمل، ولكن هل حقا يمكن اعتبار ما جرى في ليلة رأس السنة من حوادث فردية جرائم تحرش تهدد المجتمعات الغربية الآمنة؟ هل حقا هي آمنة؟ هل حقا كان هناك تحرش!؟
أنت في هذا الغرب لا تعيش في مجتمع آمن، فحوادث اختطاف الأطفال والتجارة بهم من قبل مافيات عالمية تفوق قدرة السماء بأسرها على تحمل هذا الغاب المليء بالوحوش، وجرائم اغتيال الزوجات والعنف ضد المرأة واغتصاب الأطفال وقتلهم بعد تقطيع جثثهم، تكاد كلها تكون حوادث صارت مألوفة، ومن ينفذها ليسوا عربا ولا مسلمين ولا آسيويين بل هم أوروبيون، فأين السؤال؟
نحن الدفعة الأم للدواعش، فمحاكمنا الشرعية سمحت بارتكاب جرائم الشرف مخالفة الحكم الديني، الذي ساوى بين المرأة والرجل بعقوبتي الجلد والرجم، تبعا للحالة الإجتماعية، فلماذا نسمح للرجل بالخطيئة، ويحق إنزال العقوبة على المرأة، دون أن نسمح للمرأة بالإثم بالقدر ذاته أو باتخاذ الإجراءات العقابية مساواة بالرجل ومراعاة للدين؟ الجواب الذي لا نريد أن نواجه أنفسنا به هو أن أعرافنا أهم من ديننا!
الشيخ وسرير الزوجية
حين يصبح الزواج جنسيا، يفقد طعم السكينة ومذاق اللذة الأولى، يصبح تفريغا واجباتيا، أو خدعة، ولطالما كان عبئا مارس فيه شيوخ الدين دورا تعتيميا على الأحكام الشرعية، ومنها الخلع، الذي لم تعرف به الأمة سوى بعد العولمة، فأي جريمة هذه بحق المرأة التي كانت تمضي عمرها رهينة كلمة يمن بها عليها الزوج أو قد لا يفعل دون أن يتمكن القضاء من إجباره متعمدا لي ذراع الدين لصالح العرف الإجتماعي .
ثم يأتيك أحدهم على فضائية مهجورة ليتهدد ويتوعد المرأة، التي لا تلبي دعوة زوجها لها بالمعاشرة، والدم يفور في عروقه والنار تغلي في وجنتيه ويداه ترتعشان خشوعا ورهبة، حتى تكاد تصدقه، قبل أن تمر بقناة «الدار» لتستمع إلى الشيخ وسيم يوسف يلقي عليك أبياتا شعرية لامرأة كانت تنشد في العراء وعمر يتلصص على نشيدها:
طال هذا الليل واسود جانبه وأرقني ألا خليل ألاعبه
فوالله لولا الله رب أراقبه لحرك من هذا السرير جوانبه
فأمر بعودة الرجال من المعارك إلى زوجاتهم قبل مضي ستة أشهر على غيابهم، لتسأل نفسك بعد كل هذا: هل لهذا اعتنقت سالي جونز الداعشية وتركت الرقص لتتفرغ لإهدار دم الكفار؟
«العربية» عثرت على وثائق جنسية للداعشيين تقر قوانين لجهاد النكاح، دون أدنى مراعاة للأحكام الدينية، بل وبرأت كل مقاتل من تهمة الإغتصاب، لأنه مجاهد ومن حقه أن يحصل على قسط من المتعة، والـ»آ ر تي» الروسية عرضت فيلما عن نساء مقاتلات في صفوف «داعش» ذهبن بإرادتهن وقضين اغتيالا في «مملكة دابق النكاحية»، فأين تأخذ كل هذه الجرائم النساء؟!
بعد عصر بيت الطاعة، خرجت المرأة متحللة من ملابسها لتدخل عالم الشهرة والأضواء، ثم وحين قامت الثورة بدأ عصر جديد للتحرش وتفريغ المكبوت الجنسي !
لم يتبق إذن سوى رفع يد الرقابة عن القبلات المحذوفة في فيلم «القط والتخشيبة» و»أفواه وأرانب» السبكي، وسلامتكم!
أديبة فلسطينية تقيم في لندن
لينا أبو بكر

مقالات ذات صلة

إغلاق