بارعات العالم العربي

صبا الفاهوم مؤسسة أول اتحاد للمرأة الفلسطينية

رحلة مناضلة فلسطينية توقا الى الحرية

  
تعد صبا الفاهوم من الأعلام النسائية البارزة في فلسطين، خلال الاستعمار البريطاني و إبان النكبة الفلسطينية، حيث ساهمت كفتاة متعلمة ومثقفة في تفعيل الحركة النسائية للمقاومة ضد المستعمر الصهيوني وعملت على الدفاع عن المرأة وحقوقها.
وهي تعد من اكتشافات الباحث الفلسطيني أحمد مروات الذي كان له الفضل في اماطة اللثام عن شخصيات فلسطينية أخرى رائدة غيبها التاريخ، من أبرزها كريمة عبود أول مصورة في تاريخ فلسطين.
النشأة ومختلف المراحل التعليمية
سنة 1923، ولدت صبا الفاهوم في مدينة الناصرة الفلسطينية، في أسرة تعرف بنضالها السياسي ضد المستعمر البريطاني، قبل النكبة الفلسطينية، وقد تأثرت بشقيقها دياب الفاهوم، الذي اتهم باغتيال الحاكم البريطاني سنة 1937م.
تتلمذت صبا ودرست وأنهت مرحلتي الابتدائية والإعدادية. و تخرجت من دار المعلمات في القدس وعملت في المدرسة الإسلامية، التي أسست على يد المجلس الإسلامي الأعلى سنة 1933م.
خلال حرب النكبة 1948، شاركت صبا كمتطوعة في التمريض لجرحى الانقاذ.
دفعت ظروف الاحتلال صبا الفاهوم وعائلتها الى اللجوء الى مخيم “عين الحلوة”، بلبنان، لكن ذلك لم يمنعها من مواصلة مشوارها الأكاديمي في الجامعة الأمريكية ببيروت، أين نالت شهادة الماجستير في اللغات ثم شهادة الدكتوراه.
من بيروت توجهت صبا الفاهوم إلى العراق، حيث عملت محاضرة في جامعة بغداد “المستنصرية”، الى حدود سنة 1993.
أهم مؤلفاتها
خلال تلك الفترة، عنيت المناضلة والناشطة السياسية، بمجال التدوين وكتابة المقالات والبحوث السياسية، كما قامت بتأليف كتاب “السجينات والموقوفات الفلسطينيات في سجون الاحتلال الإسرائيلي” وقد نشر هذا العمل عام 1975 بمناسبة يوم المرأة العالمي . كما ألفت كتابا آخر عن” المرأة الليبية” وقد ترجم إلى 5 لغات.
بداية تاريخ النضال
نشأت صبا في بيت مقاوم للهيمنة البريطانية ومساعيها لانشاء كيان أجنبي على أرض فلسطين، وتأثرت بشدة بشقيقها الذي كان منخرطا في النضال ضد الوجود البريطاني، لتواصل رحلتها بعد قيام اسرائيل وتلتحق بالعمل المدني والشعبي المناهض للاحتلال الصهيوني، وتساهم في تأسيس أول اتحاد للمرأة الفلسطينية بعد نكبة 1948.
في المدرسة الناصرية، كانت صبا تخرج في مظاهرات تنادي باسقاط الاستعمار البريطاني، حيث ذكر أنها كانت تردد الشعارات الثورية مملتحفةبالكوفية التي غدت رمزا للهوية الفلسطينية ومناهضة مشاريع الاستيطان والتهويد.
الاهتمام بالحركة النسائية
كانت صبا الفاهوم من رائدات النضال النسوي، حيث نشطت كعضو بارز في الحركة القومية لمحاربة المحتل البريطاني، لتشارك سنة 1964، في الاجتماع التأسيسي الأول للمجلس الوطني الفلسطيني في القدس، وتلقي محاضرة حول فلسطين، تحت عنوان “لن ننساك فلسطين … ولن نرضى بوطن سواك”.
انضمت صبا الفاهوم إلى جمعية ” النساء اللبنانيات”، بزعامة رشا الخالدي، التي تهتم أساسا بالقضية الفلسطينية، وتدين الجرائم الإسرائيلية الصهيونية.
كما انضمت صبا إلى المنظور النسائي الدولي للعدل والسلام والحرية، ” Women international league for peace and freedom”، لتعطي القضية الفلسطينية بعدا عالميا. وقد ناضلت بدورها من أجل تثبيت عضوية رسمية لفلسطين، في مؤتمر عالمي لحقوق المرأة والتي تحصلت عليها سنة 1989.
شاركت صبا فاهوم كمقاومة فلسطينية في عدة مؤتمرات عالمية، منها مؤتمر استراليا الذي قارنت خلاله بين عنصرية إسرائيل وجنوب أفريقيا، كما عرضت القضية الفلسطينية في مؤتمر المرأة بالصين عام 1995.
كما خلدت مشاركتها كذلك في مؤتمر المنظمة النسوية الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1997، بمحاضرة تحت عنوان “عالم خال من الأسلحة النووية “، وتطرقت إلى محور إرهاب الدولة المتمثل في الاحتلال الإسرائيلي وبينت شرعية المقاومة والدفاع عن النفس.
المشاركة في الاتحاد النسائي العام للمرأة الفلسطينية
سنة 1965، شاركت صبا الفاهوم في المؤتمر الأول للاتحاد النسائي العام للمرأة الفلسطينية، الذي شكلته وديعة الخرطبيل في لبنان و الذي يعد قاعدة تحرير نسوية و تنظيما شعبيا ديمقراطيا يمثل المرأة الفلسطينية ويعدها من أجل خدمة القضية الفلسطينية وتحريرها من أيدي المغتصب وحق العودة وبناء دولة حرة وعاصمتها القدس.
فضلا عن رفع همة المرأة الفلسطينية من أجل تحقيق الحقوق الوطنية من مساواة بالرجل في الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وقد برزت صبا الفاهوم في هذا الاتحاد من خلال عملها في مخيمات لتوعية النساء بحقوقهن ودورهن في النضال الوطني وتشكيل لجان عمل جماهيرية، علاوة على تدريب النساء على الإسعافات الأولية في الميدان.
وفاتها و حلمها بالعودة لم يتحقق
في الـ12 من شهر مايو سنة 2004، توفيت صبا الفاهوم، بعد رحلة عمر قضتها في خدمة القضية الفلسطينية وفي النضال من أجل إيصال صوت المرأة الفلسطينية إلى العالم، ودفنت في عمان، بدلا من فلسطين التي لم تيأس أبدا من أنها ستعود اليها يوما وتعانق بيوتها وأشجار زيتونها، عادت اليها روحا حتى لو بقي الجسد حبيس المنفى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق