مقالات

تركيا .. أردوغان إلى … أين ؟ ( 1 ) بقلم الد كتورالاعلامي أحمد حسن الشهري

العام 1924م كان نهاية دولة بني عثمان بن أرطغول التي أنحدرت من الأناضول من أصول مغولية بعد  أن أصبح مصطفى كمال سيد الموقف على الساحة التركية حيث طرد آخر السلاطين العثمانيين عبد المجيد الثاني وألغى ما سمي بالخلافة العثمانية لتقوم الجمهورية التركية الحديثة.

ورثت الدولة التركية الحديثة عن سابقتها الدولة العثمانية الهزائم والتمزق الذي توج بمعاهدة سيفر 1922م التي جردت العثمانيين من كل الأقاليم التي احتلوها خارج الحدود التركية في أوربا وأسيا وأفريقيا وتقلص النفوذ التركي إلى حدود تركيا اليوم.

ثم كانت معاهدة لوزان الثانية عام 1923م وهي تعديل لمعاهدة سيفر 1922م والتي ثبتت الحدود التركية الحالية بعد خروج كل الدول والأقاليم التي كانت تبسط الدولة العثمانية السيادة عليها في شمال أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية.

وإن كان قد وضع لهذه المعاهدة سقف زمني ينتهي 2023 إلا أن هذا التاريخ لا يعطي تركيا الحق في إستعادة ما فقدت لأن تلك الدول والأقاليم كانت قد دخلت تحت الاستعمار الأوروبي بعد مؤتمر يالطا 1945م الذي جمع المنتصرين في الحرب العالمية الثانية أمريكا روزفيلت وبريطانيا تشرشل والإتحاد السوفيتي ستالين حيث تقاسم المنتصرون السيطرة والنفوذ على أوروبا وبعض دول الشرق الأوسط ووضعت معالم الحدود الدولية التي كانت قد رسمتها سايكس بيكو 1916م بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة الإمبراطورية الروسية وانطلاقاً من هذه المقدمة المختصرة السريعة نستطيع أن نضع معالم الدولة التركية الحديثة التي بدأها كمال أتاتورك (1923-1938م)، على أنقاض الدولة العثمانية التي عمل جاهداً على مسح ومسخ كل ما له علاقة بهذه الدولة فعمل على إلغاء كل ما له علاقة بالدين الإسلامي ومنع اللغة العربية والتعليم بها ونكّل بكل صوت يدعو لها وفرض علمانية الدولة بل سعى لتتريك كل الأقاليم التي لا تتحدث التركية واستمر في سياسة سن القوانين العلمانية ومحاولة إلباس الدولة بالرداء الأوربي الحديث من خلال الدستور الذي تم صياغته وفق الرؤية الكمالية ولم تخلوا فترة حكمه من بعض القلاقل السياسية والعسكرية التي جعلت فترة حكمه تتراوح بين الاستقرار واللاستقرار.

ثم خلفه عدد من الرؤساء وصولاً للرئيس سليمان ديمريل (1993-2000) الذي سؤرخ بعهده في مقالي هذا حيث بزغت في عهده بوادر الإسلام السياسي الذي وصل عن طريقه الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان. في فترة حكم سليمان ديميرل وهو الرئيس التاسع للجمهورية التركية تولى رئاسة الوزراء عدد من الشخصيات المؤدلجة هم – تانسو تشيلر- ونجم الدين أربكان – مسعود يلماظ – بولنت أجاويد) وتعد فترة ديمريل مرحلة استقرار وبناء جاءت بعد فترة من الانقلابات العسكرية والصراع المؤدلج بين اليسار واليمين ونستطيع القول أن فترة ديمريل كانت مرحلة بداية ظهور الإسلام السياسي الذي شكل مشكلة ستواجه خلفه بسبب الرغبة في الوفاء للدولة العلمانية الكمالية وضغط الشارع والأحزاب التي بدأت تبرز وتطالب بحرية الدين وإقامة الشعائر الإسلامية وإن كان حاول الرئيس ديميريل الإبقاء على علاقة وطيدة مع أوربا وإن كانت عبر علاقة متينة مع إسرائيل التي زارها كأول رئيس تركي يزور إسرائيل عام 1998م انتهت بعقد اتفاقية للتجارة الحرة مع إسرائيل كانت حجر الزاوية في  العلاقة التركية الإسرائيلية إلى يومنا هذا. وبعد انتهاء فترة ديميريل دخل الاقتصاد التركي في مرحلة ركود وشبه إنهيار ساعد في وصول حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان إلى الحكم عام 2002م.

وقد شكلت فترة أحمد نجدت سيزر مرحلة خصبة لمزيد من بروز الإسلام السياسي ولعل إقدام الرئيس سيزر على شرب الماء في نهار رمضان على مرأى  من الشعب في قصر شان كايا الرئاسي شكلت دفعة قوية لدعاة الإسلام السياسي لمزيد من التحشيد السياسي ضد علمنة الدولة، إلا أننا لا يمكن أن نغفل أن السيد نجم الدين أربكان كان عراب الإسلام السياسي منذ إنشاء حزب النظام الوطني عام 1970م الذي لم يصمد طويلاً حيث تم حظره بحكم قضائي من المحكمة الدستورية إضافة إلى ما تعرض له من سجن وتضييق إلا أنه أُفرج عنه لاحقاً وسمح له بالعمل السياسي إلى أن أنشأ حزب الرفاه عام 1983م ثم تم حظره عام 1998م وأحيل للقضاء ، ثم أنشأ حزب الفضيلة الذي تعرض للحظر عام 2000م ثم عاد ليؤسس حزب السعادة 2003م ليعاد حله وإتهام أربكان بالفساد وحكم عليه بالسجن ثم خروجه من العمل السياسي.

 

يتبع الجزء الثاني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق