الرئيسية
لا يمكن إيقاف الوقت لكن يمكن التحكم بسرعته
عندما يكون المرء في مرحلة الطفولة والمراهقة فإن السنوات تبدو وكأنها تستمر إلى الأبد. فجأة حين يبلغ العشرين من عمره تمر السنوات بسرعة البرق. وهكذا يجد كل شخص نفسه يتساءل: أين ذهبت كل تلك السنوات؟ وكيف أصبح فجأة في عقده الثالث أو الرابع؟
الجميع اختبر هذا الشعور، وكأن الوقت يطير، بالأمس كنت في العشرين من عمرك، واليوم تنظر إلى نفسك في المرآة؛ لتعاين الشيب الذي غزا رأسك. عشرات الأمور التي عليك إنجازها في اليوم الواحد، لكن ساعات اليوم لا تكفي. صحيح أنه لا يمكن إيقاف الوقت، لكن يمكن جعله يبدو أطول. والخدعة في طريقة فهم العقل للوقت.
إقرأ أيضاً: ما العلاقة بين العبقرية والانزعاج من بعض الأصوات؟
لماذا «يطير» الوقت؟
هناك تفسير بسيط لشعورنا بأن الوقت يمر بسرعة كلما تقدمنا بالسن. بالنسبة لطفل يبلغ سنة واحدة، فإن هذه السنة تعادل نسبة ١٠٠٪ من حياته، لكن كلما تقدم هذا الطفل بالسن فإن النسبة ستصبح أقل، فمثلاً لشاب في الثامنة عشرة من عمره فإن السنة الواحدة هي ٥,٥٦٪ من حياته.
وهكذا فإن الدماغ ومع كل سنة إضافية تضاف إلى عمرنا يترجمها على أنها جزء بسيط من حياتنا، وبالتالي يتعامل معها وفق نسبتها؛ ما يجعلنا نشعر وكأنها مرت بسرعة بالغة. أي أن الشعور برمته مبني على طريقنا فهمنا للوقت.
هناك ٧ مناطق في الدماغ على الأقل مسؤولة عن طريقة فهمنا للوقت، لكن المفهوم هذا مرتبط بعوامل أخرى تجعله غير ثابت كالمزاج والعمر والمحيط.
فمثلاً حين تمضي وقتاً ممتعاً تشعر بأن الوقت يمر بسرعة، لكن عندما تكون في محنة أو تنتظر في غرفة استقبال الطبيب أو تشعر بالملل، فإن الوقت يمر ببطء شديد. يجب التفكير بالوقت على أنه العنصر الثابت، مقابل متغيرات هي أدمغتنا ومحيطنا ومزاجنا، والتي تجعل الوقت يمر ببطء أو بسرعة.
وعليه فإن التقنيات التي سنذكرها ترتبط بالمتغيرات، وحجم تأثيرها على طريقة فهم الدماغ للوقت.
الاهتمام بالتفاصيل
تقوم كل يوم باعتماد الطريق نفسه للذهاب إلى العمل، لكنك حين تجد نفسك عالقاً في زحمة سير فإنك تشعر وكأن الدقيقة تبدو كساعة. المثير في هذا الروتين هو أنك حين تحاول تذكر ما حصل فإنك بالكاد تذكر كيف طار الوقت بسرعة.
السبب هو أن دماغك كان في حالة من السبات؛ لأن الأمور نفسها يتم تكرارها يومياً، ولم يتم إدخال معلومات أو صور جديدة تحفز الدماغ على كسر الروتين اليومي الذي يخدره. الحل هو بالملاحظة أكثر.. ملاحظة كل ما هو حولك دقيقة بدقيقة من مفهوم فردي.
التقنية هذه تعود جذورها إلى البوذية القديمة وقائمة على التركيز على الوقت الحالي والمحيط الحالي. العلماء يؤكدون أن منح التفاصيل عناية اهتمام أكبر ستجعل الدماغ يتعامل وكأنها خارج المتغيرات التي رسخت مفهومه لنسبة الوقت مقارنة بالعمر، ما يجعله يبدو أطول.
تعلم أموراً جديدة
الوقت يمر ببطء خلال مرحلة الطفولة؛ لأننا في تلك المرحلة تكون عقولنا أشبه بإسفنجة تمتص كل معلومة عن كل ما يصادفنا. فكل شيء جديد، وكل تجربة تختلف كلياً عن التي تسبقها. لكن حين نصبح في مراحل النضوج فإن كل المعلومات باتت مخزنة، الأمور نفسها والعمل نفسه، وقد يصادفنا أحياناً مهمة تتطلب تعلم جزئيات جديدة، لكنها لا تكون مؤثرة بالشكل الكافي على الدماغ.
أحياناً تجد صعوبة في تذكر ما قمت به قبل ٣ أيام، وهذا لا يعني إطلاق أنك تعاني من ألزهايمر، بل تعاني من تأقلم الدماغ مع ما يعرفه مسبقاً. تعلم كل يوم شيئاً، أو اقرأ معلومة جديدة، قم بنشاطات لا تقوم بها عادة، حتى ولو كانت لا تستهويك.
الانفصال عن التكنولوجيا
العلماء يؤكدون بأن علاقتنا مع التكنولوجيا أدت إلى تسريع مفهومنا للوقت. وفي الواقع الأمر لا يحتاج إلى العلماء؛ لتأكيد ذلك؛ إذ إن كل شخص يعلم أن الوقت يمر بسرعة جداً، وهو يحاول متابعة مواقع التواصل أو مشاهدة يوتيوب أو قراءة الصحف والمواقع.
فكيف يمكن كسر هذه الحلقة؟ حسناً عليك بأن تنفصل عن التكنولوجيا وتتحرك. الجميع يعلم أنه كلما تحركت الأجسام بسرعة أكبر في الفضاء تباطأ الوقت، الأمر نفسه ينطبق علينا. استغل يوم إجازتك بالخروج من المنزل، وأكثر من الحركة، قم بزيارة أماكن جديدة، وهكذا تكون قد حققت أكثر من تقنية في الوقت عينه.
اللجوء إلى الطبيعة
أيامنا تسير وفق الوقت، والساعة تملي علينا كيفية القيام بجميع مهامنا. في الطبيعة هذا المفهوم ينتفي. تخلص من الساعة، واستمتع بيوم كامل في الطبيعة.
كل شخص يزور عائلته في قريته يدرك تماماً المفهوم، الذي نتحدث عنه هنا؛ إذ تبدو الساعات طويلة جداً وعطلة نهاية الأسبوع في القرية تبدو وكأنها دهر رغم أنه ينخرط في نشاطات اجتماعية لا تعد ولا تحصى.
الشعور هذا لا يرتبط بالملل، بل لأن الدماغ مبرمج على مفهوم أن الطبيعة غير محكومة بتوقيت محدد بل بالفصول. والفصول هي نسبة أكبر من الوقت، والدماغ يتعامل مع الأمور كما سبق وذكرنا وفق النسب. لذلك أكثر من التواجد في الطبيعة ووسع مفهومك للوقت.